أرشيف المقالات

كيف ينجو شبابنا من فخ الخداع الإعلامي؟

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .

الإعلام كيف يخدعنا؟
هل أثر الإعلام في تغيير بعض الأنماط الاجتماعية بين الشباب ؟ وهل غَيَّر بعض المفاهيم لديهم، وكيف ينجو شبابنا من فخ الخداع الإعلامي تحت مسمى الانفتاح والحرية الشخصية في إقامة علاقة عاطفية مع الجنس الآخر.

سياسة تجفيف المنابع:
تشير الدكتورة ثريا أحمد البدوي -مدرسة الاتصال الدولي بكلية الإعلام بجامعة القاهرة- إلى أن الإعلام يقوم بدور ملموس في الترويج لسياسة تجفيف المنابع، حين يعرض لأنماط من العلاقات الاجتماعية تتنافى مع قيم الدين، وللأسف فهذه السياسة ينتهجها كل من الإعلام الحكومي والخاص، ويكفى أننا شاهدنا مؤخرًا فيديو كليب تظهر به فتاة محجبة تتراقص مع شاب على الكورنيش، وكأنها رسالة تقول: "إن الفتاة المحجبة أيضًا من حقها أن تحب وتراقص الشباب بلا حدود ولا ضوابط".

وتنبه د.
ثريا: إلى خطورة الترويج لمثل هذه النماذج بين الشباب، إذ جعلتهم لا يبالون بالحدود والضوابط الشرعية ولا الأسرية، بل ويتجرءون عليها، ويتجاوزونها بدعوى التفتح والتحرر والانطلاق، كما أن أسلوب التنشئة والقيم التي يربى عليها الآباء أبناءهم تمثل في المقام الأول دافعًا نحو السقوط في فخ الابتذال الإعلامي، أو حصانة في مواجهته من خلال تنمية المراقبة الذاتية لله تعالى، سواءً في وجود الآباء أو في غيابهم، لأننا كآباء لا يمكن أن نلازم أبناءنا في كل خطواتهم، فنحن نربى ونعمق مراقبة الله، ثم نتركهم يتحركون في ظل عصمة الضمير ومراقبة الله، وتظهر آثار هذه التربية في كيفية استقبال الشباب للمضامين الإعلامية والإعلانية التي تعرض عليهم استقبالاً انتقائيًا أم سلبيًا.

وتطالب د.
ثريا: بعدم التفرقة بين الولد والبنت في التربية على ضوابط العلاقة بالجنس الآخر، وكذلك بعدة ترتيبات نظامية عامة في البيت منها: التحكم في الكمبيوتر، وتشفير المواقع الإباحية، ووضع التليفزيون في غرفة الاستقبال.

تأثير مرتد:
وتضيف د.
ثريا: أنه إذا كان واقع ومضمون الإعلام العربي الحكومي والخاص يخيف الأسرة على حال أبنائها ومستقبلهم، فإنه يمكن في الوقت نفسه أن يؤدى إلى ما نسميه (تأثيرًا مرتدًا لدى الشباب المستقبل لهذا المضمون) بمعنى أن يدفعه إلى مزيد من التقرب، والفرار إلى الله والاطمئنان في رحاب طاعته، فنجد بعض الشباب بعد أن جربوا هذا الزيف الإعلامي وكشفوا خداعه يتجهون إلى الانتظام في الصلاة، أو الحجاب بالنسبة للفتيات، أو اللجوء إلى صحبة طيبة تجهض أثر هذه المضامين.

أما الدكتور صفوت العالم -أستاذ العلاقات العامة والإعلام بجامعة القاهرة- فيرى: "أن الإعلام للأسف قد يتناول العلاقات بين الفتى والفتاة داخل الجامعة وفى النوادي، ويقدم صورة هذه العلاقات بشكل يعمقها أو يجسدها في صورة طبيعية حسية وجسدية، ويصحبها ملامسات وقبلات، وقد يحدث نوع من التبسط، بحيث تصل العلاقة إلى البيت وفى حضور الأب والأم، وكأن البيت يوافق على هذه العلاقة، مما قد يدفع إلى فتح البيوت بشكل منفلت تقليدًا لما يحدث في هذا المسلسل أو ذاك من اجتماع شاب وشابة ليذاكرا معًا كزميلين، وبعد ذلك يشكو الأهل من الزواج العرفي لأبنائهم".

ويشير الدكتور صفوت إلى أن الفيلم يمكن أن يكون هدفه نقد ظاهرة الزواج العرفي أو الاختلاط ، ولكن في سياق الفيلم تأخذ المشاهد الحسية، والإيحاءات والتخيلات مساحة كبيرة، فيقوم المشاهد بتقليد هذا المشهد دون أن ينتظر الوصول إلى هدف الفيلم.
كما أنه في بعض الأعمال، قد يعكس البطل جزءًا من حياته الشخصية الخاصة، ولا يعكس واقع المجتمع العام كشرب الخمر، أو السهر في الملاهي، أو إقامة العلاقات العاطفية مع الأخريات، في حالة الغضب أو الخلافات الزوجية، لكن قد يقلدها على أنها التصرف الأمثل في مثل هذه المواقف، كما أن الأعمال الدرامية قد تجسد الخيانة من خلال استغلال جسد الأنثى، ولا تقدم النماذج الإيجابية للمرأة في صورتها المهنية الملتزمة (الطبيبة، الطالبة الملتزمة، المهندسة الناجحة) وإذا كان مظهر المرأة مدخلاً لأسلوب التعامل معها سلوكيًا، فإن الحشمة في الملبس والانضباط في السلوك، ووضع حدود في العلاقة بالجنس الآخر يقلل من حجم العلاقات غير المشروعة.

خاصة أن الإعلام يقدم نماذج سلبية للفتاة في الإعلان والكليب، تركز عليها كأنثى بغض النظر عن إمكاناتها الفنية، وكذلك يقوم الكليب بدور وسيط الغرام المعيب بين الجنسين من خلال رسائل (SMS) وعن إجراءات مواجهة هذا الخداع الإعلامي لشبابنا، يشير د.
العالم: إلى ضرورة وجود ميثاق شرف إعلامي من اتحادات الإذاعات والتليفزيونات العربية، حتى لا يتركوا الإعلام بهذا الشكل الفاضح الذي يجسد المرأة كأنثى، ويتجاهل عقلها ودورها في نهضة المجتمع.

مقاومة بكل الوسائل:
فضلاً عن وجود وسائل بديلة للمقاومة، منها: (التربية) بمعنى أن تقوم الأسرة على الالتزام والحدود في الزي، والعلاقات والتعامل مع الجنس الآخر، ويأتي النسق الديني لتنظيم الجانب الديني للتربية الدينية المتوازنة التي توازن بين التفتح والوعي والانضباط، والحدود والواجبات، إلى جانب التعامل الانتقائي مع الإعلام، بمعنى أن أختار منه ما يناسب قيمي وأخلاقي ومعارفي، وأتعرف على ما يحدث من قبيل المعرفة والثقافة على ألا أحاكيه، ويبقى دور قادة الرأي من المدرسين والمفكرين والمثقفين، وكُتَّاب السيناريو، ودعاة الإسلام، الذين ينبغي أن يعرفوا جمهورهم، ويُعايشوا مشكلاته، ويتحدثوا بلغته، ويعرفوا مطالبه، حتى يستطيعوا أن يمسوا مشاكله، ويقدموا لها حلولاً مقنعة قابلة للتطبيق.

 

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢