أرشيف المقالات

التكاتف الأسري في زمن الكورونا

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
التكاتف الأسري في زمن الكورونا
 
إن من الصفات التي يحبها الله - عز وجل - ويثيب عليها، صفتا اللين والرحمة، فقد قال الله لنبيه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]، ولهذا كان من المواقف التي تثبت لين النبي -صلى الله عليه وسلم- ورفقه أن أطال السجود عندما اعتلى الحسن والحسين ظهره وهو يصلي فلم يفزعهما؛ رفقًا وشفقةً بهما؛ فينبغي للآباء أولا أن يتأكدوا من وقوع الخطأ من عدمه.
وحظر التجوال وتأجيل الدراسة بالجامعات والمدارس على مستوى العالم بسبب الوباء الذي ابتلانا الله به (فيروس كورونا) وطول مكث الأاسرة بالبيت يولد الكبت والملل وضيق التحمل وسعة الفراغ، فعلى الأبناء أن يصبروا، وليعنهم في ذلك الوالدان.


كيف كان النبي مع زوجاته؟
وفي معاملة الزوجة، حثَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الرفق في معاملة النساء عامة، بقوله عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه ومعهن أم سليم، فقال: "ويحك يا أنجشة، رويدك سوقا بالقوارير، قال أبو قلابة: فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة، لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه، قوله: "سوقك بالقوارير" صحيح البخاري.

 
النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيته يخدم نفسه:
إن خير ما تجده الزوجة من زوجها في زمن الكورونا مساعدتها في أعمال المنزل؛ فالنبي ـ صلىا لله عليه وسلم ـ كان في مهنة أهله، كما كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ نموذجًا فريدًا وخير زوج؛ إذ كان يقضي بعض حاجاته لنفسه؛ ليخفف الأعباء المنزلية عن زوجاته، فكان ـ صلىا لله عليه وسلم يخصف نعله، ويحلب شاته، ويرقع ثوبه، فليت الازواج يتزنون انفعاليًّا في أوقات تواجدهم بالمنزل في الفترة الحالية وفي كل وقت.

ابتعد عن الشدة في زمن الكورونا خاصة:
وكثيرٌ منا اليوم افتقد اللين والرفق، حينما هجرنا الحوار وإشعار أولادنا بالطمأنينة عند ارتكابهم الخطأ، فترى الطفل يكذب لئلا يضرب، رغم أنهم لم يبلغوا الحلم، ويحملونهم فوق طاقتهم، ولا تجد من يدافع، ناهيك عن أن بعض الأزواج يظن أنه تزوجها على أنها لا تخطئ أو أنها خادمة له ذليلة لا تخالف له أمرا أيا كان متجاهلا حقها في الحوار والتفاهم، وقد ذم الإسلام الراعي الذي يكون جافا في معاملته، كما في صحيح مسلم في الحديث: "إن شر الرعاء الحطمة".
 
نماذج مشرفة من الأزواج في زمن الكورونا:
وهناك نماذج مشرفة على صفحت التواصل الاجتماعي لأزواج يطهين الطعام لزوجاتهم، أو يقطعن الخضروات وخلافه، مما يعكس صورة تكاتف للأسرة جمعاء؛ فالأبناء سيشبون على ما فعله أبوهم، فينتشر الحب والتآلف والتعاوب بين أفراد الأسرة.


تخير أجمل الألفاظ بين أفراد الأسرة:
ينبغي للزوجين أن يكونا قدوة لأولادهما في التعامل فيما ينهما أمام أبنائهما؛ فليتعاملا بالتشاور والحوار واحترام رأي كل فرد في الأسرة، مع استخدام عبارات الرفق واللين (ممكن، لو سمحت، جزاك الله خيرًا، ممتاز، رائع...) وبذلك يصبح البناء الأسري شامخًا في عنان السماء، يضاهي برفقه ولينه ناطحات السحاب.

فعلى كل زوجة أو زوجة أن يتحليا بالتعاون والودود والتحمل، خاصة في أيامنا في بلاء فيروس كورونا؛ فبقاء الأزواج والزوجات والأولاد والأسرة جميعًا مدة طويلة في البيت قد يحدث بعض المشادات، فلنتحمل ولنتعاون ولنتخذ من هذه المحنة (كورونا) محنة نحو مجالسة أطفالنا في حلقة تربوية، أو مدارسة ما ينمي قدراتهم الذهنية والمعرفية.

فأجمل بالرفق من صفة خلقية، حثنا عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين بركتها.
فعن أبي الدرداء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أعطى حظه من الرفق؛ فقط أعطي حظه من الخير؛ ومن حرم حظه من الرفق؛ فقد حرم حظه من الخير.
أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء"[1].
 
كما ينبغي لهما أن يجعلا من الرفق واللين أساسًا في علاقاتهما بأولادهما أو علاقتهما ـ زوجين ـ هما معًا؛ بالتشاور والحوار واحترام رأي كل فرد في الأسرة، مع استخدام عبارات الرفق واللين (ممكن، لو سمحت، جزاك الله خيرًا، ممتاز، رائع...) وبذلك يصبح البناء الأسري شامخًا في عنان السماء، يضاهي برفقه ولينه ناطحات السحاب.
 
علموا أبناءكم دعاء النبي بالعافية من الأمراض:
وفي الختام ينبغي أن نستفيد من وقوع هذا البلاء لنطبق حديثين من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فنفهم أولادنا ونردد معهم ما دعا به نبيه -صلى الله عليه وسلم-: اللهم إنا نسألك العفو والعافية من هذا البلاء، ونعوذ بك ربنا من البرص والجنون والجذام وسيء الأسقام.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



[1] (حديث صحيح): رواه البخاري في "الأدب المفرد" (461)، وصححه الألباني.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣