الآفات العشر التي يخافها النبي صلى الله عليه وسلم علينا
مدة
قراءة المادة :
9 دقائق
.
الآفات العشر التي يخافها النبي صلى الله عليه وسلم علينايصِف ربُّ العزة سبحانه نبيَّه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
ولحرصه الشديد على أمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم؛ حذَّر تحذيرًا أكيدًا من آفات وفِتَنٍ يخافها علينا؛ ومن هذه الآفات والفتن:
1-عمل قوم لوط: عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أخوفَ ما أخاف على أمتي عملُ قوم لوط))[1]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل، والمفعول به))[2].
وقوم لوط ابتدعوا وطءَ الذكور؛ فدعاهم لوط عليه السلام إلى التوحيد، والإقلاع عن الفاحشة، فأصروا على الامتناع، وكانت مدائنهم تسمى سدوم؛ وهي بغور زغر من البلاد الشامية، فأهلكهم الله على يد جبريل، فقَلَبَ جبريلُ المدائنَ بطرف جناحه، فصار عاليها سافلَها، وصار مكانها بحيرة منتنة؛ وهي البحر الميت، لا يُنتفَع بمائها، ولا بشيء مما حولها، إن النبي صلى الله عليه وسلم يخاف علينا من انتشار هذا الفحش العظيم.
2-الكسل عن الطاعة والعبادة:
عن أنس بن مالك قال: ذُكِر لي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل: ((من لقِيَ الله لا يشرك به شيئًا، دخل الجنة، قال: ألا أبشِّر الناس؟ قال: لا؛ إني أخاف أن يتَّكِلوا))[3].
3-التنافس على ملذات الدنيا: عن عقبة بن عامر: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: إني فَرَطٌ لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لَأنظر إلى حوضي الآن، وإني أُعطِيتُ مفاتيح خزائن الأرض - أو مفاتيح الأرض - وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها))[4]؛ فهو صلى الله عليه وسلم يخاف علينا من التنافس على الملذات الدنيوية، والركون إليها.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أكثرَ ما أخاف عليكم ما يُخرِج الله لكم من بركات الأرض، قيل: وما بركات الأرض؟ قال: زهرة الدنيا))[5].
4-الأئمة المضلون: ويخاف علينا صلى الله عليه وسلم من الأئمة المضلين الذين يُفتُون بغير علم، والذين يختِلون الدنيا بالدين؛ عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((تأتي على الناس سنواتٌ خدَّاعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتَمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيهم الرويبضة، قيل: يا رسول الله، وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة))[6].
5-المنافق عليم اللسان: كما يخاف علينا صلى الله عليه وسلم من كل منافق أُوتيَ حلاوة في اللسان، وبلاغة في الكلام؛ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخوفَ ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان))[7]؛ هذا لأنهم يستطيعون السيطرة على العوام بحُلْوِ لسانهم، ولحنِ أقوالهم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يخرج في آخر الزمان رجالٌ يختِلون الدنيا بالدين، يلْبَسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب؛ يقول الله عز وجل: أَبِي يغترُّون أم عليَّ يجترئون؟ فبي حلفتُ، لأبعثَنَّ على أولئك منهم فتنةً تَدَعُ الحليم منهم حيرانًا))[8].
وعن العباس بن عبدالمطلب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يظهر الدين، حتى يجاوز البحار، وتُخاض البحار في سبيل الله، ثم يأتي من بعدكم أقوام يقرؤون القرآن، يقولون: قد قرأنا القرآن، مَن أقْرَأُ منا؟ ومن أفقه منا؟ أو من أعلم منا؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل في أولئك من خير، قالوا: لا، قال: أولئك منكم من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار))[9].
6-الربا: ويخاف علينا صلى الله عليه وسلم انتشار الربا بيننا؛ فإنه مُمْحِقٌ للبركة، ومدمِّر لاقتصاد الدول؛ عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين، ولا الصاع بالصاعين؛ فإني أخاف عليكم الرَّمَاء، والرَّماءُ هو الربا))[10].
7-الاستسقاء بالأنواء، وحيف السلطان، وتكذيب بالقدر: عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثلاثٌ أخاف على أمتي: الاستسقاء بالأنواء، وحَيْفُ السلطان، وتكذيب بالقدر))[11].
8-الرياء: عن محمود بن لبيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء؛ يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً؟))[12].
9-زلَّات العلماء، والحكم الجائر، والهوى المتَّبع:
عن كثير بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((إني أخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة، قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: زلَّة العالم، أو حكم جائر، أو هوًى متبع))[13].
10-الدَّجَّال:
عن النواس بن سمعان، قال: ((ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة، فقال: غيرُ الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤٌ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قَطَطٌ، عينه طافئة، كأني أشبِّهه بعبدالعُزَّى بن قطن، فمن أدركه منكم، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف))[14].
إن المتأمل في هذه الآفات العشر التي يخافها النبي صلى الله عليه وسلم علينا يدرك أنها جميعًا ظهرت في الأمة إلا فتنة الدجال، وظهوره علامة كبرى من علامات الساعة، أقال الله عثرتنا، وحفِظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
[1] ابن ماجه 7/ 464.
[2] رواه أبو داود 4/ 158، الترمذي 4/ 57.
[3] البخاري 1/ 219.
[4] البخاري 5/ 124.
[5] البخاري 20/ 53.
[6] المستدرك 19/ 321.
[7] أحمد 1/ 141.
[8] الترمذي 8/ 424.
[9] أبو يعلى 12/ 440.
[10] أحمد 12/ 156.
[11] أحمد 42/ 350.
[12] السابق 48/ 133.
[13] السابق 11/ 404.
[14] مسلم 14/ 167.