نقل الأديب
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
للأستاذ محمد اسعاف النشاشيبي
641 - جعلته عجوزاً في محرابها
في تاريخ الطبري: ذُكر عن عُمارة بن عقيل أنه قال: قال لي عبد الله بن السمط. علمت أن المأمون لا يبصر الشعر؟ قلت: ومن ذا يكون أعلم به منه؟ فوالله إنك لترانا ننشده أول البيت فيسبقنا إلى آخره.
قال: إني أنشدته بيتاً فلم أره تحرك له.
قلت: وما الذي أنشدته؟ قالَ: أنشدته: أضحى أمام الهدى المأمون مشتغلاً ...
بالدين، والناس بالدنيا مشاغيل فقلت له: إنك والله ما صنعت شيئاً، وهل زدت على أن جعلته عجوزاً في محرابها، في يدها سبُحتها؟ فمن القائم بأمر الدنيا إذا تشاغل عنها وهو المطوق بها.
هلا قلت فيه كما قال عمك جرير في عبد العزيز بن الوليد: فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه ...
ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله فقال: الآن علمت أني قد أخطأت. 642 - شهود طبقات في (محاضرات الأدباء): قال سهل بن دارم: كان في البصَرة شيوخ يشهدون بالزور، وشرطُ بعضهم درهم، وآخرون يشهدون وشرطهم أربعة، وآخرون شرطهم عشرون درهما.
فسألت عن ذلك فقالوا: أصحابُ الدراهم يشهدون ولا يحلفون، وأصحاب الأربعة يشهدون ويحلفون، وأما أصحاب العشرين فيشهدون ويحلفون ويباهتون. 643 - خذها فاشتر بها زيتا كان ابن الدقاق الأندلسي الشاعر المشهور يسهر في الليل، ويشتغل بالأدب، وكان أبوه فقيراً جداً، فلامه وقال له: نحن فقراء ولا طاقة لنا بالزيت الذي تسهر عليه.
فاتفق أن برع في الأدب والعلم ونظم الشعر فقال في أبي بكر عبد العزيز صاحب بلنسية قصيدة منها: ناشدتُكَ الله نسيمَ الصَّبا ...
أنَّي استقرت بعدنا زينبُ؟ لم تسرِ إلاّ بشذا عَرفها ...
أولاً، فماذا النَّفَسُ الط إيه وإن عذبني حُبُّها ...
فمن عذاب النفس ما يعذب فأطلق له ثلاث مائة دينار فجاء بها إلى أبيه وهو جالس في حانوته مُكبّ على صنعته فوضعها في حَجْره وقال: خذها فاشتر بها زيتاً.
644 - أستعين بالله عليكما! وقف أحمد بن أبي خالد الأحوال وزير المأمون بين يدي المأمون، وخرج يحي بن أكثم من بعض الأماكن فوقف، فقال له المأمون: اصعد، فصعد وجلس على طرف السرير معه.
فقال أحمد: يا أمير المؤمنين، إن القاضي يحيى صديقي، وممن أثق به في جميع أموري، وقد تغير عما عهدته منه. فقال المأمون: يا يحيى إن فساد أمر الملوك بفساد خاصتهم، وما يعد لكما عندي أحد، فما هذه الوحشة بينكما؟! فقال له يحيى يا أمير المؤمنين، والله إنه ليعلم أني له على أكثر مما وصف، ولكنه لما رأى منزلتي منك هذه المنزلة خشي أن أتغير له يوماً فأقدح فيه عندك، فأحب أن يقول لك هذا ليأمن مني، وإنه والله لو بلغ نهاية مساءتي ما ذكرته بسوء عندك أبداً. فقال المأمون: أكذلك هو يا أحمد! فقال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: أستعين بالله عليكما فما رأيت أتم دهاء ولا أعظم فتنة منكما. 645 - شهيد.
في (الأغاني): قال محمد بن عبد الملك لبعض أصحابه: ما أخرّك عنا؟ قال: موت أخي.
قال: بأي علة؟ قال: عضت إصبعه فارة فضربته الحمرة. فقال محمد: ما يرد القيامة شهيداً أخس سبباً، ولا أنزل قاتلاً، ولا أضيع ميتة، ولا أظرف قتلة من أخيك.
646 - فشكرت رضواناً ورأفة مالك قال أبو الفضل أحمد بن محمد الخازن في أبي القاسم هبة الله بن الحسين الأهوازي الحكيم وقد أضافه وأدخله بستانه وداره وحمّامه: وافيت ساحته فم أر خادماً ...
إلا تلقاني بوجه ضاحك ودخلت جنته، وزرت جحيمه ...
فشكرت رضواناً ورأفة مالك والبشر في وجه الغلام أمارة ...
لمقدمات حياء وجه المالك 647 - .
وأنا آكل عيونهم في (نفح الطيب): حضر القاضي أبو الوليد هشام الوقشي يوماً مجلس ابن ذي النون فقُدّم نوع من الحلوى يعرف (بآذان القاضي) فتهافت جماعة من خواصه عليها يقصدون التنديرعليه، وجعلوا يكثرون من أكلها.
وكان فيما قدم من الفاكهة طبق فيه نوع يسمى (عيون البقر) فقال له المأمون: ياقاضي، أرى هؤلاء يأكلون أذنيك! فقال: وأنا أيضاً آكل عيونهم، وكشف عن الطبق، وجعل يأكل منه.
وكان هذا من الاتفاق العجيب. 648 - فاشدد يديك بها.
اشترى رجل من أصحاب يعقوب الكندي الفيلسوف جارية فاغتاظت عليه، فشكاها إلى يعقوب، فقال جئني بها لأعظها، فجاء بها إليه فقال: يا لعوبة، ما هذه الاختيارات الدالات على الجهالات؟ أما علمت أن فرط الاعتياصات، على طالبي المودات، الباذلين الكرائم المصونات؛ من الموبقات المؤذنات بعدم المعقولات. فقالت الجارية: أما علمت أن هذه العثنونات، المنتشرات على صدور أهل الركاكات، محتاجات إلى المواسي الحالقات؟ فقال يعقوب: لله درها! فلقد قسمت الكلام تقسيما فلسفيا فاشدد يديك بها.
649 - سبل الغواية والهدى أقسام كان عبد الرحمن بن أبي عمار من قراء أهل مكة، وكان يلقب بالقس لعبادته، ثم شغف بقينة من مولدات المدينة اسمها سلامة، وافتتن بها وغلب عليها لقبه، فقيل لها (سلامة القس) ومن قوله في فتنة عشقه: قد كنت أعذل في السفاهة أهلها ...
فاعجب لما تأتي به الأيام فاليوم أعذرهم وأعلم أنما ...
سبل الغواية والهدى أقسام 650 - كلانا على طول الجفاء ملوم قال إبراهيم بن العباس: ما رأيت كلاما محدثا أجزل في رقة، ولا أصعب في سهولة، ولا أبلغ في إيجاز، من قول العباس ابن الأحنف: تعالي نجدد دارس العهد بيننا ...
كلانا على طول الجفاء ملوم