تحقيق العبادة .. الغاية الكبرى للوجود
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
تحقيق العبادةالغاية الكبرى للوجود
على الشباب المسلم أنْ يُدرك هذه الحقيقة المهمة والكبيرة، إنَّها حقيقة خلقنا في دار الدنيا، فالله - تعالى - خلقنا وأوجدنا؛ لحكمة جليلة، وغاية نبيلة، وهي: "عبادة الله وحدَه لا شريك له".
وقد بين ذلك الله - تعالى - في كتابه؛ حَتَّى لا يكونَ لأحد حجة أو معذرة يومَ القيامة فقال: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، فالله -تعالى- ما خلقنا للعب واللهو الباطل، والانشغال بالشَّهوات المحرمة، والانغماس في الدنيا وحطامها الفاني، كلاَّ، إنَّما خلقنا لشرف العبادة والعبودية له وحدَه تعالى.
والعبادة لله تعني: أنْ تكونَ حياتنا كلها لله -تعالى- قائمة بأمره، وما شرعه على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما أخبر تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162 - 163]، فلا ذبح، ولا نذر، ولا قربان، ولا تعبد، ولا شيء من ذلك إلاَّ لمستحقه - سبحانه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "العبادة: هي اسمٌ جامعٌ لكل ما يُحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة"؛ اهـ.
فالعبادة بهذا المعنى: عبادة شاملة وعامَّة، ففي الإيمان بالله -تعالى- وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره - عِبادة، وفي إقامة الصلوات، وإيتاء الزَّكَوات، وصوم رمضان، وحج البيت، وتلاوة القرآن، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، وإماطة الأذى عن الطريق، وذكر الله، والإحسان للناس - عبادة، وفي الحكم بما أنزل الله عبادة، وفي أموالنا واقتصادنا عبادة، وفي العمل الصالح عبادة، وفي كلِّ شؤوننا عبادة؛ لأنَّها عبادة شاملة كاملة من لدن حكيم خبير.
وهذه العبادة توقيفِيَّة: بمعنى أنَّه لا يشرع منها إلاَّ بدليل من الكتاب والسنة، وما لم يشرع يُعَدُّ بدعة مردودة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد))؛ أي: مردود عليه عمله، لا يقبل منه، بل يأثم عليه؛ لأنَّه معصية وليس طاعة.
ثم اعلموا أنَّ المنهج السليم في أداء العبادات المشروعة هو الاعتدال: بين التساهل والتكاسُل، وبين التشدد والغلو؛ قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]، فهذه الآية الكريمة فيها رسم لخطة المنهج السليم في فعل العبادات[1].
[1] العقيدة الإسلامية، أحمد آل سبالك.