int(126) array(0) { }

أرشيف المقالات

من أقوال السلف في الحث على طلب العلم

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
من أقوال السلف في الحث على طلب العلم
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فللعلم أهمية كبرى في حياة المسلم، والمقصود بالعلم: العلم الشرعي المورث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتظهر أهمية العلم في حياة المسلم في أمور كثيرة، منها: أن مَن عبد الله عز وجل بغير علم، فالفساد منه واقع، قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: من عبد الله بغير علم كان ما يفسده أكثر ممَّا يصلحه.


للسلف أقوال في الحثِّ على طلب العلم، والتحذير من تزهيد الشيطان وأعوانه عن طلبه، يسَّر الله فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

الحذر من تزهيد الشيطان وأعوانه عن طلب العلم:
• قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: ليس في الوجود شيء أشرف من العلم كيف لا وهو الدليل، فإذا عدم وقع الضلال؟!
 
وإن من خفي مكائد الشيطان أن يُزيِّن في نفس الإنسان التعبُّد؛ ليشغله عن أفضل التعبُّد وهو العلم، وهذا من خفي حيل إبليس...وإنما فعل ذلك وزينه...لسببين:
أحدهما: أنه أرادهم يمشون في الظلمة.
 
والثاني: أن تصفُّح العلم كل يوم يزيد في علم العالم، ويكشف له ما كان خفي عنه، ويُقوِّي إيمانه ومعرفته، ويُريه عيب كثير من مسالكه خصوصًا إذا تصفَّح منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة.
 
فأراد إبليس سدَّ تلك الطرق بأخفى حيلة، فأظهر أن المقصود العمل، لا العلم لنفسه، وخفي على المخدوع أن العلم عمل وأي عمل، فاحذر من هذه الخديعة الخفية، فإن العلم هو الأصل الأعظم، والنور الأكبر.
 
وكم من معرض عن العلم يخوض في عذاب من الهوى في تعبُّده، ويضيع كثيرًا من الفرض بالنفل، ويشغله بما يزعمه الأفضل عن الواجب...ولو كانت عنده شعلة من نور العلم لاهتدى، فتأمَّل ما ذكرت لك ترشد، إن شاء الله تعالى.
 
•قال العلامة ابن القيم رحمه الله: نواب إبليس في الأرض هم الذين يثبطون الناس عن طلب العلم والتفقُّه في الدين.
 
•قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: توجد الآن بعض الجماعات تزهد في العلم وتَعلُّمه، يقولون للناس: اشتغلوا بالعبادة والذكر، واخرجوا في سبيل الله، ويعنون بسبيل الله الخروج والتجوُّل في البلدان، ويزهدون في طلب العلم، ويهوِّنون من شأنه وشأن أهله، وهذا الطريق ضلال والعياذ بالله، فلا بُدَّ من العلم أولًا لقوله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19] فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
 
الحثُّ على طلب العلم:
• قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
تعلَّمُوا العلم، وتعلَّموا للعلم السكينة والحلم.
تفقَّهوا قبل أن تسودوا.
•قال ابن مسعود رضي الله عنه:
اغدُ عالمًا أو متعلمًا، ولا تغدُ إمَّعة بين ذلك.
اغْدُ عالمًا أو مُتعلِّمًا أو مستمعًا، ولا تكن الرابع فتهلك.
عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضُه ذهابُ أهله.
تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه.
 
• قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: تعلَّمُوا العلم، فإن تعلُّمه خشية، وطلبه عباده، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وبذله قربة، وتعليمه مَنْ لا يعلمه صدقة.
 
• قال أبو الدرداء رضي الله عنه: اطلبوا العلم، فإن لم تطلبوه فأحِبُّوا أهله، فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم.
 
• قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر، فإذا ذهب الأول قبل أن يتعلم الآخر فذاك حين هلكوا.
 
• قال أنس رضي الله عنه: طلب العلم فريضة.
 
• سأل رجل الإمام أحمد رحمه الله: قدمتُ الساعة، ولست أدري شيئًا، ما تأمرني؟ فقال: عليك بالعلم.
 
• كان عروة بن الزبير يقول لبنيه رحمهم الله: إنا كنا صغار قوم وإنا اليوم كبار، وإنكم ستكونون مثلنا إن بقيتم، ولا خير في كبير لا علم عنده.
 
• قال رجل لعبدالله بن المبارك: يا أبا عبدالرحمن: في أي شيء أجعل فضل يومي؟ في تعلُّم القرآن أو في طلب العلم؟ فقال: هل تقرأ من القرآن ما تقيم به صلاتك؟ قال: نعم، قال: فاجعله في طلب العلم الذي يُعرَف به القرآن.
 
• روى الخلال أن رجلًا سأل الإمام أحمد رحمه الله: إني أطلبُ العلم، وإن أُمِّي تمنعني من ذلك، تريدُ حتى أشتغل في التجارة، قال له: دَارِها وأرضِها، ولا تدع الطلب.
 
•قال العلامة ابن باز رحمه الله: الوصية لطلبة العلم أن يتفقَّهوا في الدين، وأن يتعاونوا على البِرِّ والتقوى، وأن يتواصوا بالحق والصبر عليه، وأن ينشروا العلم بين الناس، أينما كانوا.
 
وختامًا:
فمن وفَّقَه الله عز وجل لتعلُّم العلم الشرعي، فلا ينصرف عنه؛ فيظلم عليه قلبه، قال الإمام النووي رحمه الله: كنت أقرأ كل يوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا وتصحيحًا، وكنت أُعلِّق جميع ما يتعلَّق بها من شرح مشكل، ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت كتاب القانون فيه، وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم على قلبي، وبقيت أيامًا لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري، ومن أين دخل عليَّ الداخِل، فألهمني الله أن سببه اشتغالي بالطب، فبعت القانون في الحال، واستنار قلبي.

شارك المقال