أرشيف المقالات

قطرات ندى. .

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
8 للأستاذ راجي الراعي الكفر ماء الروح إذا جمد. سخرية الموت أشد بروزاً فيه من جشعه. المنطق الذي لا هم له إلا أن يوثق النتائج بالأسباب حبل قديم ثخين - ينظر إليه الخيال مذعوراً إذ يحسبه حبلا في عنقه. كلما تمثلت المد والجزر تمثلت الطي والنشر والوصال والهجر المنتحر رجل يستبطئ الموت فيحشو فمه تراباً! كأني بالعبارة وهي تذهب في الطول عبارة تائهة تفتش عن محورها أو هدفها الذي انحرفت عنه. أترانا نميل إلى تجسيد ما نتخيل؛ لأن لنا أجساداً.
.
أفي هذا اليد التي تشير إلى الميثولوجيا والأساطير والتهاويل والهالات والتماثيل؟ كل صخرة من صخور الجبل فلذة من كبده، ولك كثيب من كثبان الرمال منبر من منابر الصحراء. يطلبون العناق والإخاء، وهذه النجوم المتفرقة لا تعرف غير الجفاء والعداء، ويقولون إن الطبيعة هي الألف والياء في أبجدية الأحياء. الدعوات التي تتلقاها العبقريات هي بطاقات الآلهة لحضور الوليمة الخالدة. القاعة التي تقام فيها وليمة العباقرة ما تزال مفتوحة الأبواب منذ العبقرية الأولى. الوهم ضباب الرأس. أتكون الأجيال فصول راوية بدأها الزمان ولم يهتد بعد إلى الخاتمة؟ أتكون الحقيقة إطار هذا الرسم الذي ندعوه خيالا؟ إن المجهول يستهويكم حتى يصبح معلوماً، ذلك أنكم لا تحبون أن تمشوا وراء راع ترون عصاه وتنشدون في نقصكم وضعفكم الكمال فكلما ظهر لكم وجه قائد تحولتم عنه وقد عرفتموه إلى غيره، ولعل في هذا السير المستديم وراء القوى الخفية المتعاقبة سر بقائكم. الزلزلة أرض انتفض ضميرها وارتعش وجدانه لا يستطيع العظيم أن يتبوأ مقعده في العلاء إذا لم يرفعه إليه جناح فنان. إن الفنانين الخالدين المخلدين هم الذين تقام على قواعدهم تماثيل التاريخ. الحياء والكبرياء يلتقيان في العزلة، ويفترقان في الثقة بالنفس. هذا الوادي يذهب في الأعماق كأنه حامل جواهر يريد أن يودعها قلب الأرض أو رجل يرى غير رأى الجبل فيقول له: أنت تحسب العظمة في الشموخ والقسوة والطموح وأنا أراها في الوداعة والتواضع واللين، أو يرى رأيه ويحالفه في الكبر فيقول له: كلانا طالب عظمة: أنت تطلبها في آفاقك وأنا أطلبها في أعماقي. إذا استطعت أن تجمع بين القوة واللين كان لك جناح العقاب وبيتك في القمة. إذا كان الذكاء لساناً من نار فالماء بلادة. للعبقري موجاته الأربع: موجة اللهيب، وموجة البحر وموجة الأثير، وموجة الصحراء. أنت أول الخونة إذا رضيت أن تتخلى عن قيراط واحد من جنونك الفني الأدبي السامي إرضاء للجماهير. النجوم شظايا ما انفجر في جوانب القبة الزرقاء يوم غضب الله غضبته فطرد آدم من الجنة. العبقري غني بنفسه تأتيه عبقريته المستقلة بكل ما يطلب فلا يمده يده إلى العواطف والأحداث والأهواء مستجدياً. الطعنة الطعنة طعنة العدالة إذا طعنت بمدية غلافها القانون ودمها مداد النص وبريقها بريق الحق والوجدان. سألت عن السياسة الحكيمة المتئدة التي لا تُجري الأمر على إطلاقه فقيل لي.
هي في البحر، في المد والجزر. كلما أطبقت الجفنين والشفتين اشتممت رائحة التراب، وسمعت فيَّ شيئاً كأنه قرقعة المعول في يد الحفار. من أتعس الناس رجل ذو ذاكرة قوية يصرف الساعات الطوال في نهاره وليله في المطالعة ولا يرى فيه قوة للتعبير عما يشعر به فتظل تلك الخلائق في أرحامه لا تقوى على الخروج وتتراكم مع الزمن حتى يصاب بالاستسقاء الروحي الذهني.
وفي مساء يوم من أيامه السود ينفجر رازحاً تحت أثقاله ويسلم الروح منتحراً أو مجنوناً.

إن النفس إذا غصت ساحتها بما فيها ولم تجد لها منفذاً أصيبت بالاختناق فلا تصرفوا أوقاتكم في القراءة إذا كنتم لا تستطيعون أن تكتبوا.

القلم فرجة الروح فاكتبوا كلما قرأتم لترتفع أشجاركم بدورها بين تلك الأشجار التي تتفيأونها في غابات الفكر والإحساس.

افتحوا كوى أرواحكم بين الحين والحين لئلا يفسد هواؤها. كلما تمثلت نفسي محشوراً في ذلك الوادي الرهيب، وادي يوشافاط تبسطت ما استطعت في دنياي وأحلامي مغتنماً فرصة البقاء قبل الجلاء إلى ذلك الموقف المخيف بين الملايين التي لا تعد من الموتى الأحياء، يتلى عليهم الماضي ويحاكمون.
. البحار ابن البحر رجل كئيب فمن أين أتاه البحر الفسيح الرحاب بالكآبة.
ونحن نعرف الرحب الصدر صابراً متفائلا غير كئيب؟ أنا أومن بالوراثة ولكن أين خليفة المتنبي في صحراء العرب.
.
وأين نظرات الفراعنة في عيون المصريين اليوم.
وأين أثينا القرن العشرين من أثينا أفلاطون وسقراط إلى آخر تلك القافلة العلوية التي جاورت الأولمب وسيطرت بفلسفتها وخيالها على الدنيا.
.
وأين هذا الإيطالي الناعم الفنان، صاحب الأوتار والألحان، في البندقية وميلان، من أولئك الجبابرة الرومان الذين ملكوا بشجاعتهم الأرض وخضع لهم الزمان؟ ألا ترى معي أن هناك سلاسل تقطعت ودماً تحول عن مجراه؟ القلم الذي يأتيك بالموجة الطويلة ليس قلماً عربياً.
.
إن مذياع لغة العرب لا يعرف غير الموجة القصيرة. راجي الراعي

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١