استولى أبو نصر أحمد بن إسماعيل الساماني على سجستان، وسبب ذلك أنه لما استقر أمره، وثبت ملكه في بلاد ما وراء النهر، خرج في سنة 297 إلى الري، وكان يسكن بخارى، ثم سار إلى هراة، فسير منها جيشا في المحرم سنة ثمان وتسعين إلى سجستان، وسير جماعة من أعيان قواده وأمرائه، منهم أحمد بن سهل، ومحمد بن المظفر، وسيمجور الدواتي، وهو والد آل سيمجور ولاة خراسان للسامانية، واستعمل أحمد على هذا الجيش الحسين بن علي المروروذي، فساروا حتى أتوا سجستان، وبها المعدل بن علي بن الليث الصفار، وهو صاحبها، فلما بلغ المعدل خبرهم سير أخاه أبا علي محمد بن علي بن الليث إلى بست والرخج؛ ليحمي أموالها، ويرسل منها الميرة إلى سجستان، فسار الأمير أحمد بن إسماعيل إلى أبي علي ببست، وجاذبه وأخذه أسيرا، وعاد به إلى هراة، وأما الجيش الذي بسجستان فإنهم حصروا المعدل وضايقوه، فلما بلغه أن أخاه أبا علي محمدا قد أخذ أسيرا، صالح الحسين بن علي، واستأمن إليه، فاستولى الحسين على سجستان، فاستعمل عليها الأمير أحمد أبا صالح منصور بن إسحاق، وهو ابن عمه، وانصرف الحسين عنها ومعه المعدل إلى بخارى.


هو أبو القاسم الجنيد بن محمد البغدادي النهاوندي الخزاز- لأنه كان يعمل في الخز- أصله من نهاوند، ولد ببغداد قيل بعد 220، ونشأ فيها، كان شيخ العارفين وقدوة السائرين وعلم الأولياء في زمانه، تفقه على أبي ثور, وسمع من الحسن بن عرفة وغيره, واختص بصحبة السري السقطي.

أتقن العلم، ثم أقبل على شبابه، واشتغل بما خلق له، سمع الكثير، وشاهد الصالحين وأهل المعرفة، ورزق من الذكاء وصواب الإجابات في فنون العلم ما لم ير في زمانه مثله عند أحد من أقرانه، ولا ممن أرفع سنا منه ممن كان منهم ينسب إلى العلم الباطن والعلم الظاهر في عفاف وعزوف عن الدنيا وأبنائها.

كان يفتي في حلقة أبي ثور الكلبي وله عشرون سنة.

يقال: إنه أول من تكلم في علم التوحيد ببغداد، عده العلماء شيخ الصوفية؛ لضبط مذهبه بقواعد الكتاب والسنة، ولكونه لم يتلبس بعقائد فاسدة، وكان يقال له طاووس العلماء، أخذ الطريقة عن خاله سري السقطي، كان الجنيد يقول: "مذهبنا مقيد بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به" يعني: في مذهبه وطريقته، أثنى عليه وعلى كلماته الوعظية كثير من العلماء، توفي في بغداد ودفن عند قبر خاله.


وقع طاعون بأرض فارس، مات فيه سبعة آلاف إنسان.