كثر شغب أهل طرابلس الغرب على ولاتهم، وكان إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية قد استعمل عليهم عدة ولاة، فكانوا يشكون من ولاتهم، فيعزلهم، ويولي غيرهم، فاستعمل عليهم هذه السنة سفيان بن المضاء، وهي ولايته الرابعة، فاتفق أهل البلد على إخراجه عنهم، وإعادته إلى القيروان، فزحفوا إليه، فأخذ سلاحه، وقاتلهم هو وجماعة ممن معه، فأخرجوه من داره، فدخل المسجد الجامع، فقاتلهم فيه، فقتلوا أصحابه، ثم أمنوه، فخرج عنهم، فكانت ولايته سبعا وعشرين يوما.


نقض أهل قبرص العهد، فقام معيوف بن يحيى أمير سواح الشام ومصر بالسير إليهم بأسطول كبير، فغزاهم وأسر أسقفهم وسبى من أهلها الكثير، وقتل الكثير، ثم سار إلى جزيرة كريت ورودوس.


كان رافع بن نصر بن الليث بن سيار من عظماء الجند فيما وراء النهر، وكان يحيى بن الأشعث الطائي قد تزوج ابنة عم له، وكانت ذات يسار ولسان وجمال, ثم تركها بسمرقند فترة وأقام ببغداد، واتخذ السراري، فلما طال ذلك عليها، أرادت أن تخلص من زواجها له, فعلم رافع بأمرها فتزوجها بعد أن قال لها أن تظهر الشرك ثم تتوب فينفسخ نكاحها, فشكاه زوجها يحيى بن الأشعث إلى الرشيد، فأمر الرشيد عامله على سمرقند علي بن عيسى بن ماهان أن يحده ويطلق منها ويطيفه على حمار في سمرقند للعبرة، ففعل لكنه لم يحده وحبسه فهرب من الحبس، فلحق ببلخ فأراد عاملها علي بن عيسى قتله فشفع فيه عيسى بن علي بن عيسى، وأمره بالانصراف إلى سمرقند.


خلع رافع بن الليث بن نصر بن سيار نائب سمرقند الطاعة، ودعا إلى نفسه، وتابعه أهل بلده وطائفة كثيرة من تلك الناحية، واستفحل أمره، فسار إليه نائب خراسان علي بن عيسى، فهزمه رافع وتفاقم الأمر به.

فجمع له علي بن عيسى جيشا لقتاله، فلما قتل رافع بن الليث عيسى بن علي خرج علي بن عيسى من بلخ حتى أتى مروا مخافة أن يسير إليها رافع بن الليث، فيستولي عليها، فلما علم الرشيد بذلك خلعه وعين بدلا عنه هرثمة بن أعين.