Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


لما سمع الحجاج بتمرد ابن الأشعث جهز جيوشا وطلب من عبد الملك إمداده فكان ذلك، ثم التقى الطرفان في تستر واقتتلوا قتالا شديدا فهزمهم ابن الأشعث ودخل البصرة فبايعه أهلها، وكان ذلك في ذي الحجة، ثم في أواخر محرم حصل قتال شديد آخر انهزم فيه أيضا أصحاب الحجاج، فحمل سفيان بن الأبرد الكلبي على الميمنة التي لعبد الرحمن فهزمها، وانهزم أهل العراق وأقبلوا نحو الكوفة مع عبد الرحمن، وقتل منهم خلق كثير، ولما بلغ عبد الرحمن الكوفة تبعه أهل القوة وأصحاب الخيل من أهل البصرة، واجتمع من بقي في البصرة مع عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب فبايعوه، فقاتل بهم الحجاج خمس ليال أشد قتال رآه الناس، ثم انصرف فلحق بابن الأشعث ومعه طائفة من أهل البصرة، وهذه الوقعة تسمى: يوم الزاوية، استبسل فيها القراء -وهم العلماء- وكان عليهم جبلة بن زحر فنادى فيهم: أيها الناس، ليس الفرار من أحد بأقبح منه منكم، فقاتلوا عن دينكم ودنياكم.

وقال سعيد بن جبير نحو ذلك، وقال الشعبي: قاتلوهم على جورهم، واستذلالهم الضعفاء، وإماتتهم الصلاة.

ثم حملت القراء على جيش الحجاج حملة صادقة، فبدعوا فيهم، وكان ابن الأشعث يحرض الناس على القتال، فلما رأى ما الناس فيه أخذ من اتبعه وذهب إلى الكوفة، فبايعه أهلها.

ثم إن عبد الملك عرض على أهل العراق أن يخلع الحجاج ويعودوا كما كانوا حقنا للدماء فأبوا لما رأوا بأنفسهم قوة وكثرة وخلعوا عبد الملك أيضا فخلى بين الحجاج وبينهم.


هو المهلب بن أبي صفرة ظالم، أبو سعيد الأزدي، الأمير البطل، قائد الكتائب أحد أشراف أهل البصرة، ووجهائهم ودهاتهم وأجوادهم وكرمائهم، ولد عام الفتح، نزل المهلب البصرة وغزا في أيام معاوية أرض الهند سنة أربع وأربعين، وولي الجزيرة لابن الزبير سنة ثمان وستين، ثم ولي حرب الخوارج أول دولة الحجاج، وقتل منهم في وقعة واحدة أربعة آلاف وثمانمائة، فعظمت منزلته عند الحجاج, وكان فاضلا شجاعا كريما، وله كلام حسن، منه: نعم الخصلة السخاء، تستر عورة الشريف، وتلحق خسيسة الوضيع، وتحبب المزهود فيه.

وقال: يعجبني في الرجل خصلتان: أن أرى عقله زائدا على لسانه، ولا أرى لسانه زائدا على عقله.

توفي المهلب غازيا بمرو الروذ، وعمره ستة وسبعون سنة رحمه الله، وكان من الشجعان، وله مواقف حميدة، وغزوات مشهورة في الترك والأزارقة وغيرهم من أنواع الخوارج، وجعل الأمر من بعده لولده يزيد بن المهلب على إمرة خراسان، فأمضى له ذلك الحجاج وعبد الملك بن مروان.


أخذ الرشيد لولده عبد الله المأمون ولاية العهد، من بعد أخيه محمد الأمين بن زبيدة، وذلك بالرقة بعد مرجعه من الحج- للمرة الثانية؛ حيث كانت الأولى عام 175هـ-  وضم ابنه المأمون إلى جعفر بن يحيى البرمكي، وبعثه إلى بغداد ومعه جماعة من أهل الرشيد خدمة له، وولاه خراسان وما يتصل بها، وسماه المأمون.


جاز سليمان بن عبد الرحمن بن معاوية إلى بلاد الأندلس من الشرق، وتعرض لحرب ابن أخيه الحكم بن هشام بن عبد الرحمن، صاحب الأندلس، فسار إليه الحكم في جيوش كثيرة، وقد اجتمع إلى سليمان كثير من أهل الشقاق ومن يريد الفتنة، فالتقيا واقتتلا واشتدت الحرب، فانهزم سليمان واتبعه عسكر الحكم، وعادت الحرب بينهما ثانية في ذي الحجة، فانهزم فيها سليمان، واعتصم بالوعر والجبال، فعاد الحكم.

ثم عاد سليمان فجمع برابر، وأقبل إلى جانب إستجة، فسار إليهم الحكم، فالتقوا واقتتلوا سنة ثلاث وثمانين ومائة، واشتد القتال، فانهزم سليمان، واحتمى بقرية، فحصره الحكم، وعاد سليمان منهزما إلى ناحية فريش.


هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد بن بجير بن معاوية الأنصاري، الكوفي، ولد سنة ثلاث عشرة ومائة، لزم أبا حنيفة سبع عشرة سنة وتتلمذ عليه، وكان يعد من أنبل تلامذته وأنجبهم، وكان أبو حنيفة يتعاهده وينفق عليه، كان أميل للمحدثين من أبي حنيفة ومن محمد بن الحسن، كان قاضي الآفاق، ووزير الرشيد، وزميله في حجه، وكان الرشيد يجله كثيرا، وقيل: إنه كان يحفظ التفسير، ويحفظ المغازي، وأيام العرب، واشتهر بالفقه.


كان خمارويه في دمشق في قاسيون، وكان قد بلغه أن جارية له قد اتخذت خصيا له كالزوج لها، فلما علم بذلك وأراد أن يقتله تمالأ الخدم على قتله فقتلوه وهو في فراشه ذبحا، ثم أخذ الخدم وقتلوا وكانوا أكثر من عشرين، وقيل غير ذلك في سبب قتله، ثم حمل في تابوت إلى مصر ودفن فيها، وتولى الحكم بعده ابنه جيش بن خمارويه


خلف المعتضد بالموصل نصرا القشوري يجبي الأموال ويعين العمال على جبايتها، فخرج عامل معلثايا - معلثايا قرية غرب مدينة دهوك- إليها ومعه جماعة من أصحاب نصر، فوقع عليهم طائفة من الخوارج، فاقتتلوا إلى أن أدركهم الليل وفرق بينهم، وقتل من الخوارج إنسان اسمه جعفر، وهو من أعيان أصحاب هارون، فعظم عليه قتله، وأمر أصحابه بالإفساد في البلاد، فكتب نصر القشوري إلى هارون الخارجي كتابا يتهدده بقرب الخليفة، فلما قدم المعتضد، جد في قصده، وولى الحسن بن علي كورة الموصل، وأمره بقصد الخوارج، وأمر مقدمي الولايات والأعمال كافة بطاعته، فجمعهم، وسار إلى أعمال الموصل، وخندق على نفسه، وأقام إلى أن رفع الناس غلاتهم، ثم سار إلى الخوارج، وعبر الزاب إليهم، فلقيهم قريبا من المغلة، وتصافوا للحرب، فاقتتلوا قتالا شديدا، وانكشف الخوارج عنه ليفرقوا جمعيته ثم يعطفوا عليه، فأمر الحسن أصحابه بلزوم مواقفهم، ففعلوا فرجع الخوارج وحملوا عليهم سبع عشرة حملة، فانكشفت ميمنة الحسن، وقتل من أصحابه، وثبت هو، فحمل الخوارج عليه حملة رجل واحد، فثبت لهم وضرب على رأسه عدة ضربات فلم تؤثر فيه.

فلما رأى أصحابه ثباته تراجعوا إليه وصبروا، فانهزم الخوارج أقبح هزيمة، وقتل منهم خلق كثير، وفارقوا موضع المعركة، ودخلوا أذربيجان.

وأما هارون فإنه تحير في أمره، وقصد البرية، ونزل عند بني تغلب، ثم عاد إلى معلثايا ثم عاد إلى البرية، ثم رجع عبر دجلة إلى حزة، وعاد إلى البرية.

وأما وجوه أصحابه، فإنهم لما رأوا إقبال دولة المعتضد وقوته، وما لحقهم في هذه الوقعة، راسلوا المعتضد يطلبون الأمان فأمنهم، فأتاه كثير منهم، يبلغون ثلاثمائة وستين رجلا، وبقي معه بعضهم يجول بهم في البلاد، إلى أن قتل سنة 383هـ، حيث لاحقه الحسين بن عبدان التغلبي حتى قبض عليه وأرسله للمعتضد الذي قتله وصلبه.


كان أبو الحسن بن المعلم وزير بهاء الدولة البويهي, قد استولى على الأمور كلها، وخدمه الناس كلهم، حتى الوزراء، فمنع أهل الكرخ وباب الطاق من النوح يوم عاشوراء، ومن تعليق المسوح، الذي كان يعمل به من نحو ثلاثين سنة، وكان المقرب من قربه، والمبعد من بعده، فثقل على الأمراء أمره، ولم يراعهم هو، فأجابهم السلطان، فشغب الجند في هذا الوقت، وشكوا منه، وطلبوا منه تسليمه إليهم، فراجعهم بهاء الدولة، ووعدهم كف يده عنهم، فلم يقبلوا منه، فقبض عليه وعلى جميع أصحابه، فظن أن الجند يرجعون، فلم يرجعوا، فسلمه إليهم، فسقوه السم مرتين، فلم يعمل فيه شيئا، فخنقوه ودفنوه، وكان هذا الوزير قد أبطل ما كان يفعله الرافضة يوم عاشوراء ومنعهم من القيام بتلك البدع.


نزل ملك الروم بأرمينية، وحصر خلاط، وملاذكرد، وأرجيش، فضعفت نفوس الناس عنه، ثم هادنه أبو علي الحسن بن مروان مدة عشر سنين، وعاد ملك الروم.


سار شهاب الدولة هارون بن سليمان إيلك- المعروف ببغراخان التركي- ملك الترك، بعساكره إلى بخارى، فسير الأمير نوح بن منصور جيشا كثيرا، ولقيهم إيلك وهزمهم، فعادوا إلى بخارى، وهو في أثرهم، فخرج نوح بنفسه وسائر عسكره، ولقيه فاقتتلوا قتالا شديدا وأجلت المعركة عن هزيمة إيلك فعاد منهزما إلى بلاساغون، وهي كرسي مملكته.


كان قد ملك سمرقند أحمد خان بن خضر خان، وهو ابن أخي تركان خاتون، زوجة السلطان ملكشاه، وكان صبيا ظالما، قبيح السيرة، يكثر مصادرة الرعية، فنفروا منه، وكتبوا إلى السلطان سرا يستغيثون به، ويسألونه القدوم عليهم ليملك بلادهم، فتحركت دواعي السلطان إلى ملكها، فسار من أصبهان، وجمع العساكر من البلاد جميعها، فعبر النهر فلما قطع النهر قصد بخارى، وأخذ ما على طريقه، ثم سار إليها وملكها وما جاورها من البلاد، وقصد سمرقند ونازلها، وحصر البلد، وضيق عليه، وأعانه أهل البلد بالإقامات، وفرق أحمد خان، صاحب سمرقند، أبراج السور على الأمراء ومن يثق به من أهل البلد، فرمى السلطان ملكشاه السور بالمنجنيقات، فأحدث فيه عدة ثلم، وأخذ أحد الأبراج، فلما صعد عسكر السلطان إلى السور هرب أحمد خان، واختفى في بيوت بعض العامة فدل عليه وأخذ وحمل إلى السلطان وفي رقبته حبل، فأكرمه السلطان، وأطلقه وأرسله إلى أصبهان، ومعه من يحفظه، ورتب بسمرقند الأمير العميد أبا طاهر عميد خوارزم.


وسار السلطان قاصدا كاشغر، فبلغ إلى يوزكند، وأرسل منها رسلا إلى ملك كاشغر يأمره بإقامة الخطبة، وضرب السكة باسمه ويتوعده إن خالف بالمسير إليه.

ففعل ذلك وأطاع، وحضر عند السلطان، فأكرمه وعظمه، وتابع الإنعام عليه، وأعاده إلى بلده.


كان بإفريقية هذه السنة غلاء شديد، وبقي كذلك إلى سنة أربع وثمانين، وصلحت أحوال أهلها، وأخصبت البلاد، ورخصت الأسعار، وأكثر أهلها الزرع.


خرجت عساكر صاحب مصر العبيدي بقيادة بدر أمير الجيوش إلى الشام في جماعة من المقدمين، فحصروا مدينة صور، وكان قد تغلب عليها القاضي عين الدولة بن أبي عقيل، وامتنع عليهم، ثم توفي، ووليها أولاده، فحصرهم العسكر المصري فلم يكن لهم من القوة ما يمتنعون بها، فسلموها إليهم، ثم سار بدر بالعسكر عنها إلى مدينة صيدا، ففعلوا بها كذلك، ثم ساروا إلى مدينة عكا، فحصروها، وضيقوا على أهلها، فافتتحوها، وقصدوا مدينة جبيل، فملكوها أيضا، وأصلحوا أحوال هذه البلاد، وقرروا قواعدها، وساروا عنها إلى مصر عائدين، واستعمل أمير الجيوش على هذه البلاد الأمراء والعمال.


لما رجع السلطان ملكشاه من كاشغر إلى خراسان، وأبعد عن سمرقند لم يتفق أهلها وعسكرها المعروفون بالجكلية مع العميد أبي طاهر، نائب السلطان عندهم، حتى كادوا يثبون عليه، فاحتال حتى خرج من عندهم، ومضى إلى خوارزم.

كان مقدم الجكلية واسمه عين الدولة، قد خاف السلطان لهذا الحادث، فكاتب يعقوب تكين أخا ملك كاشغر، ومملكته تعرف بآب نباشي، وبيده قلعتها، واستحضره، فحضر عنده بسمرقند، واتفقا، ثم إن يعقوب علم أن أمره لا يستقيم مع عين الدولة، فقتله، اتصلت الأخبار بعصيان سمرقند بالسلطان ملكشاه، وقتل عين الدولة، مقدم الجكلية، عاد السلطان إلى سمرقند، فلما وصل إلى بخارى هرب يعقوب المستولي على سمرقند، ومضى إلى فرغانة، ولحق بولايته، ووصل جماعة من عسكره إلى السلطان مستأمنين، ولما وصل السلطان إلى سمرقند ملكها، ورتب بها الأمير أبر.


سار السلطان ملكشاه في إثر يعقوب لقتله مقدم الجكلية, والذي دخل إلى أخيه بكاشغر مستجيرا به، فسمع السلطان بذلك، فأرسل إلى ملك كاشغر يتوعده، إن لم يرسله إليه، أن يقصد بلاده، ويصير هو العدو، فخاف أن يمنع السلطان، فأداه اجتهاده إلى أن قبض على أخيه يعقوب، وأظهر أنه كان في طلبه، فظفر به، وسيره مع ولده، وجماعة من أصحابه، وكلهم بيعقوب، وأرسل معهم هدايا كثيرة للسلطان، وأمر ولده أنه إذا وصل إلى قلعة بقرب السلطان أن يسمل يعقوب ويتركه، فإن رضي السلطان بذلك، وإلا سلمه إليه، فحدث أن طغرل بن ينال استولى على كاشغر وأخذ صاحبها أخا يعقوب, فأطلقوا يعقوب، فلما رأى السلطان ذلك ورأى طمع طغرل بن ينال، ومسيره إلى كاشغر، وقبض صاحبها، وملكه لها مع قربه منه، خاف أن ينحل بعض أمره وتزول هيبته، وعلم أنه متى قصد طغرل سار من بين يديه، فإن عاد عنه رجع إلى بلاده، وكذلك يعقوب أخو صاحب كاشغر، وأنه لا يمكنه المقام لسعة البلاد وراءه وخوف الموت بها، فوضع تاج الملك على أن يسعى في إصلاح أمر يعقوب معه، ففعل ما أمره به السلطان، فاتفق هو ويعقوب، وعاد إلى خراسان، وجعل يعقوب مقابل طغرل يمنعه من القوة، وملك البلاد، وكل منهما يقوم في وجه الآخر.


نقض ابن علوي ما بينه وبين تميم بن المعز بن باديس أمير إفريقية من العهد، وسار في جمع من عشيرته العرب، فوصل إلى مدينة سوسة من بلاد إفريقية، وأهلها غارون لم يعلموا به، فدخلها عنوة، وجرى بينه وبين من بها من العسكر والعامة قتال، فقتل من الطائفتين جماعة وكثر القتل في أصحابه والأسر، وعلم أنه لا يتم له مع تميم حال، ففارقها، وخرج منها إلى حلته من الصحراء.


هو شمس الأئمة أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل السرخسي، صاحب ((المبسوط)) برع في الفقه وعلم الكلام والأصول والمناظرة، أحد الفحول الأئمة الكبار أصحاب الفنون، لزم الإمام شمس الأئمة أبا محمد عبد العزيز الحلواني حتى تخرج به وصار أنظر أهل زمانه وأخذ في التصنيف وناظر الأقران فظهر اسمه وشاع خبره.

سجن بسبب فتوى له وبقي في سجنه خمس عشرة سنة تقريبا، وكان يملي على طلابه من سجنه كتابه ((المبسوط)) في الفقه وهو كتاب كبير جدا في الفقه الحنفي، وله شرح ((السير الكبير))، ثم ذهب إلى سمرقند بعد خروجه من السجن وبقي فيها.

قال ابن قطلوبغا: "قال في ((المسالك)): حكي عنه أنه كان جالسا في حلقة الاشتغال فقيل له: حكي عن الشافعي أنه كان يحفظ ثلاثمائة كراس.

فقال: حفظ الشافعي زكوة ما أحفظ.

فحسب حفظه فكان اثنى عشر ألف كراس.

قلت: وقد شاع عنه أنه أملى ((المبسوط)) من حفظه وهو أربعة عشر مجلدا، أملاه من خاطره من غير مراجعة إلى شيء من الكتب" وشرح ((السير الكبير)) في جزأين ضخمين، أملاهما وهو في الجب كان محبوسا فيه بسبب كلمة نصح بها.

وكان يملي عليهم وهم على أعلى الجب يكتبون ما يملي عليهم.

فلما وصل إلى باب الشروط حصل الفرج فأطلق؛ فخرج في آخر عمره من "أوزكند" إلى "فرغانة" فأنزله الأمير حسن بمنزله، فوصل إليه الطلبة، فأكمل الإملاء في دهليز الأمير.
" وقد اختلف في سنة وفاته فقيل: في هذه السنة، وقيل: في سنة 486هـ.


كبس أهل باب البصرة السنة الكرخ، فقتلوا رجلا وجرحوا آخر، فأغلق الشيعة من أهل الكرخ الأسواق، ورفعوا المصاحف، وحملوا ثياب الرجلين وهي بالدم، ومضوا إلى دار العميد كمال الملك أبي الفتح الدهستاني مستغيثين، فأرسل إلى النقيب طراد بن محمد يطلب منه إحضار القاتلين، فقصد طراد دار الأمير بوزان بقصر ابن المأمون، فطالبه بوزان بهم، ووكل به، فأرسل الخليفة إلى بوزان يعرفه حال النقيب طراد، ومحله، ومنزلته، فخلى سبيله واعتذر إليه، فسكن العميد كمال الملك الفتنة، وكف الناس بعضهم عن بعض، ثم سار إلى السلطان، فعاد الناس إلى ما كانوا فيه من الفتنة، ولم ينقض يوم إلا عن قتلى وجرحى.

وسب أهل الكرخ الصحابة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم.


كثرت الفتن ببغداد بين الشيعة من أهل الكرخ وغيرها من المحال من أهل السنة، وقتل بينهم عدد كثير، واستولى أهل المحال على قطعة كبيرة من نهر الدجاج، فنهبوها، وأحرقوها، فنزل شحنة بغداد -المسؤول عن ضبط بغداد- وهو خمارتكين النائب عن كوهرائين، على دجلة في خيله ورجله، ليكف الناس عن الفتنة، فلم ينتهوا، وكان أهل الكرخ يجرون عليه وعلى أصحابه الجرايات والإقامات، وفي بعض الأيام وصل أهل باب البصرة إلى سويقة غالب، فخرج من أهل الكرخ من لم تجر عادته بالقتال، فقاتلوهم حتى كشفوه،.

فركب خدم الخليفة، والحجاب، والنقباء، وغيرهم من أعيان الحنابلة، إلى خمارتكين، وساروا معه إلى أهل الكرخ، فقرأ عليهم كتابا من الخليفة يأمرهم بالكف، ومعاودة السكون، وحضور الجماعة والجمعة، والتدين بمذهب أهل السنة، فأجابوا إلى الطاعة، فبينما هم كذلك أتاهم الصارخ من نهر الدجاج بأن السنة قد قصدوهم، والقتال عندهم، فمضوا مع خمارتكين، ومنعوا من الفتنة، وسكن الناس، وكتب سنة من أهل الكرخ على أبواب مساجدهم: "خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ومن عند هذا اليوم ثار شيعة من أهل الكرخ، وقصدوا شارع ابن أبي عوف ونهبوه، ورفع العامة الصلبان وهجموا على الوزير في حجرته، وأكثروا من الكلام الشنيع، وقتل ذلك اليوم رجل هاشمي من أهل باب الأزج بسهم أصابه، فثار العامة هناك بعلوي كان مقيما بينهم، فقتلوه وحرقوه، وجرى من النهب، والقتل، والفساد أمور عظيمة، فأرسل الخليفة إلى سيف الدولة صدقة بن مزيد، فأرسل عسكرا إلى بغداد، فطلبوا المفسدين والعيارين، فهربوا منهم، فهدمت دورهم، وقتل منهم ونفي وسكنت الفتنة، وأمن الناس.


كان القمص- كبير القساوسة- صاحب طرابلس، واسمه ريمند بن ريمند الصنجيلي، قد تزوج بالقومصة، صاحبة طبرية، وانتقل إليها، وأقام عندها بطبرية، ومات ملك الفرنج بالشام، وكان مجذوما، وأوصى بالملك إلى ابن أخت له، وكان صغيرا، فكفله القمص، وقام بسياسة الملك وتدبيره؛ لأنه لم يكن للفرنج ذلك الوقت أكبر منه شأنا، ولا أشجع ولا أجود رأيا منه، فطمع في الملك بسبب هذا الصغير، فاتفق أن الصغير توفي، فانتقل الملك إلى أمه، فبطل ما كان القمص يحدث نفسه به، ثم إن هذه الملكة هويت رجلا من الفرنج الذين قدموا الشام من الغرب اسمه كي، فتزوجته، ونقلت الملك إليه، وجعلت التاج على رأسه، وأحضرت البطريك والقسوس والرهبان والإسبتارية والدواية والبارونية، وأعلمتهم أنها قد ردت الملك إليه، وأشهدتهم عليها بذلك، فأطاعوه، ودانوا له، فعظم ذلك على القمص، وسقط في يديه، وطولب بحساب ما جبى من الأموال مدة ولاية ذلك الصبي، فادعى أنه أنفقه عليه، وزاده ذلك نفورا، وجاهر بالمشاقة والمباينة، وراسل صلاح الدين وانتمى إليه، واعتضد به، وطلب منه المساعدة على بلوغ غرضه من الفرنج، ففرح صلاح الدين والمسلمون بذلك، ووعده النصرة والسعي له في كل ما يريده، وضمن له أنه يجعله ملكا مستقلا للفرنج قاطبة، وكان عنده جماعة من فرسان القمص أسرى فأطلقهم، فحل ذلك عنده أعظم محل، وأظهر طاعة صلاح الدين، ووافقه على ما فعل جماعة من الفرنج، فاختلفت كلمتهم وتفرق شملهم، وكان ذلك من أعظم الأسباب الموجبة لفتح بلادهم، واستنقاذ بيت المقدس منهم، وسير صلاح الدين السرايا من ناحية طبرية، فشنت الغارات على بلاد الفرنج، وخرجت سالمة غانمة، فوهن الفرنج بذلك، وضعفوا وتجرأ المسلمون عليهم وطمعوا فيهم.


كان البرنس أرناط، صاحب الكرك، من أعظم الفرنج وأخبثهم، وأشدهم عداوة للمسلمين، وأعظمهم ضررا عليهم، فلما رأى صلاح الدين ذلك منه قصده بالحصر مرة بعد مرة، وبالغارة على بلاده كرة بعد أخرى، فذل وخضع، وطلب الصلح من صلاح الدين، فأجابه إلى ذلك، وهادنه وتحالفا، وترددت القوافل من الشام إلى مصر، ومن مصر إلى الشام، فلما كان هذه السنة اجتاز به قافلة عظيمة غزيرة الأموال، كثيرة الرجال، ومعها جماعة صالحة من الأجناد، فغدر اللعين بهم، وأخذهم عن آخرهم، وغنم أموالهم ودوابهم وسلاحهم، وأودع السجون من أسره منهم، فأرسل إليه صلاح الدين يلومه، ويقبح فعله وغدره، ويتهدده إن لم يطلق الأسرى والأموال، فلم يجب إلى ذلك، وأصر على الامتناع، فنذر صلاح الدين نذرا أن يقتله إن ظفر به.


هو الملك شمس الدين البهلوان محمد بن الأتابك إيلدكز صاحب أذربيجان وعراق العجم بلد الجبل والري وأصفهان وأذربيجان وأرانية وغيرها من البلاد،، وهو من كبار الملوك كوالده.

تملك البهلوان بعد موت أبيه سنة 570، وأقام في السلطنة معه طغريل بن رسلان شاه خاتمة بقايا السلجوقية، وكان السلطان طغريل بن أرسلان بن طغرل بن محمد بن ملكشاه مع البهلوان، والخطبة له في البلاد بالسلطنة، وليس له من الأمر شيء، وإنما البلاد والأمراء والأموال بحكم البهلوان يأكل البلاد باسمه، وكان ظالما فاتكا، ولما احتضر أوصى إلى أخيه لأمه قزل، ومات بهمذان, وكانت أيام البهلوان إحدى عشرة سنة، وخلف خمسة آلاف مملوك، ومن الدواب ثلاثين ألف رأس، ومن الأموال ما لا يعبر عنه، فلما مات البهلوان جرى بأصفهان بين الشافعية والحنفية من الحروب والقتل والإحراق والنهب ما يجل عن الوصف، وكان قاضي البلد رأس الحنفية، وابن الخجندي رأس الشافعية، وكان بمدينة الري أيضا فتنة عظيمة بين السنة والشيعة، وتفرق أهلها وقتل منهم، وخربت المدينة وغيرها من البلاد، ثم ملك أخوه قزل أرسلان واسمه عثمان،، فلما مات البهلوان خرج طغرل عن حكم قزل، ولحق به جماعة من الأمراء والجند، فاستولى على بعض البلاد، وجرت بينه وبين قزل حروب.


هو الإمام العلامة اللغوي الكبير، الحجة الثقة أبو محمد عبد الله بن بري بن عبد الجبار، المقدسي الأصل، المصري، ابن أبي الوحش، المعروف بابن بري، من علماء العربية النابهين، ولد بمصر سنة 499 وتعلم بها, وبرز في علوم اللغة، ودرس في جامع عمرو بن العاص.

اشتغل عليه جماعة كثيرة وانتفعوا به، ومن جملتهم أبو موسى الجزولي، صاحب المقدمة الجزولية في النحو، وولي رياسة الديوان المصري, وكان كثير الاطلاع عالما بشأن الرسائل، مطرحا للتكلف في كلامه، لا يلتفت ولا يعرج على الإعراب فيه إذا خاطب الناس، وله التصانيف المفيدة، توفي وقد جاوز الثمانين بثلاث سنين، له مؤلفات كثيرة من أشهرها "حواشي ابن بري على معجم الصحاح للجوهري".


في خامس المحرم خرجت تجريدة -الجريدة خيل لا رجالة فيها - من قلعة كركر إلى حصار قلعة قطيبا إحدى قلاع آمد، فأخذوها من أيدي التتار، وأقيم فيها الرجال وعملت بها الأسلحة والغلال، فصارت من حصون الإسلام المنيعة، وأخذت أيضا قلعة كختا من النصارى بسؤال أهلها، فتسلمها أمراء السلطان قلاوون، بمدينة حلب، وشحنت بالأسلحة وغيرها، وصارت مسلطة على الأرمن.


غارت عساكر المسلمين على بلاد الأرمن، ووصلوا إلى مدينة أياس وقتلوا ونهبوا وحرقوا، واقتتلوا مع الأرمن عند باب إسكندرونة وهزموهم إلى تل حمدون، وعادوا سالمين ظافرين بالغنائم.


حين قصد الفرنج قبرص بلاد الساحل، قاتلهم المسلمون فردوهم عن دخول الساحل، وأسروا منهم زيادة على ثمانين رجلا، وأخذت منهم غنائم كثيرة.


وصول رسل صاحب بلاد سيلان من أرض الهند واسمه أبو أنكيه بكتابه، وهو صحيفة ذهب عرض ثلاثة أصابع في طول نصف ذراع بداخلها شيء أخضر يشبه الخوص، إلى السلطان قلاوون بمصر مكتوب فيه بقلم لم يوجد في القاهرة من يحسن قراءته، فسئل الرسل عنه فقالوا " إنه يتضمن السلام والمحبة وإنه ترك صحبة صاحب اليمن وتعلق بمحبة السلطان، ويريد أن يتوجه إليه رسول، وذكر أن عنده أشياء عدها من الجواهر والفيلة والتحف ونحوها، وأنه عبأ تقدمة إلى أبواب السلطان، وأن في مملكة سيلان سبعا وعشرين قلعة، وبها معادن الجواهر والياقوت، وأن خزائنه ملآنة من الجواهر.


جرت الهدنة بين السلطان قلاوون وبين الفرنج بعكا مدة عشر سنين.


خرج أرغون بن أبغا على عمه تكدار المسمى أحمد سلطان بخراسان، فسار إليه وهزمه ثم أسره، فقامت الخواتين مع أرغون، وسألن الملك تكدار أحمد في الإفراج عنه وتوليته خراسان، فلم يرض بذلك، وكانت المغول قد تغيرت على تكدار، لكونه دخل في دين الإسلام وإلزامه لهم بالإسلام، فثاروا وأخرجوا أرغون من الاعتقال، وطرقوا ألناق نائب تكدار ليقتلوه ففر منهم فأدركوه وقتلوا تكدار أيضا في العام التالي، وأقاموا أرغون بن أبغا ملكا، فولى أرغون وزارته سعد الدولة اليهودي، وولى ولديه خربندا وقازان خراسان، وعمل أتابكهما الأمير نوروز.