Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا».
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، «أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء بينهما» وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقتين، فستر الجبل فلقة، وكانت فلقة فوق الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اشهد».
والمشهور أن انشقاق القمر حصل مرة واحدة، أما ما ورد في إحدى روايات مسلم: (.
.
فأراهم انشقاق القمر مرتين).
فقد أجاب عنها العلماء.
ورجح ابن القيم وابن حجر وغيرهما أنه وقع مرة واحدة.
بقيت الوفود تتابع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بينها وفد نصارى نجران، ومصالحتهم وصالحهم على الجزية، وجعل لهم ذمة.
إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه مارية القبطية، وقد كان جميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها، ما عدا إبراهيم فمن مارية القبطية المصرية رضي الله عنها، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: كان إبراهيم مسترضعا له في عوالي المدينة، فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن، وكان ظئره قينا، فيأخذه فيقبله، ثم يرجع.
قال عمرو: فلما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن إبراهيم ابني، وإنه مات في الثدي، وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة».
عن المغيرة بن شعبة قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم فصلوا، وادعوا الله».
عن أبي بكرة قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد، وثاب الناس إليه، فصلى بهم ركعتين، فانجلت الشمس، فقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا يخسفان لموت أحد، وإذا كان ذاك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم».
وذاك أن ابنا للنبي صلى الله عليه وسلم مات يقال له: إبراهيم.
فقال الناس في ذاك.
ولد له إبراهيم بالمدينة من سريته مارية القبطية، سنة ثمان من الهجرة، وبشره به أبو رافع مولاه، فوهب له عبدا، ومات طفلا قبل الفطام، واختلف هل صلى عليه أم لا؟ على قولين.
سميت حجة الوداع؛ لأنه عليه الصلاة والسلام ودع الناس فيها، ولم يحج بعدها، وسميت حجة الإسلام؛ لأنه عليه السلام لم يحج من المدينة غيرها، وسميت حجة البلاغ؛ لأنه عليه السلام بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه عليه السلام، فلما بين لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل الله عز وجل عليه وهو واقف بعرفة: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3].
وعندما أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عزمه على الحج في هذا العام قدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله.
وخرج من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة.
وقد وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره هذا ورجوعه أحداث كثيرة.
خرج الأسود العنسي -واسمه عبهلة بن كعب بن غوث- في آخر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة مقاتل، فكتب إلى عمال النبي صلى الله عليه وسلم: أيها المتمردون علينا، أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا، ووفروا ما جمعتم؛ فنحن أولى به، وأنتم على ما أنتم عليه، ثم توجه مع مقاتليه إلى نجران فأخذها، ثم قصد صنعاء، فخرج إليه شهر بن باذام فتقاتلا، فغلبه الأسود وقتله وتزوج بامرأة شهر بن باذام، وهي ابنة عم فيروز الديلمي، واسمه آزاذ، وكانت مؤمنة بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن الصالحات، واحتل العنسي صنعاء، فذهب معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري إلى حضرموت، وانحاز عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطاهر، ورجع عمر بن حرام وخالد بن سعيد بن العاص إلى المدينة، واستوثقت اليمن للأسود العنسي، وجعل أمره يستطير استطارة الشرارة، واشتد ملكه، واستغلظ أمره، وارتد خلق من أهل اليمن، وعامله المسلمون الذين هناك بالتقية فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه خبر الأسود العنسي كتابه مع قيس بن مكشوح يأمر فيه المسلمين الذين هناك بمقاتلة العنسي ومصاولته، فقام معاذ بن جبل بهذا الكتاب أتم قيام، واتفق معاذ بن جبل ومن التف حوله من أهل اليمن، وقيس بن عبد يغوث أمير جند الأسود، وفيروز الديلمي؛ على الفتك بالأسود وقتله، وتعاقدوا عليه، فلما كان الليل دخلوا عليه البيت؛ تقدم إليه فيروز الديلمي، وكان الأسود نائما على فراش من حرير، قد غرق رأسه في جسده، وهو سكران يغط، والمرأة جالسة عنده، فعاجله وخالطه، وهو مثل الجمل، فأخذ رأسه، فدق عنقه ووضع ركبتيه في ظهره حتى قتله، وجلس قيس وداذويه وفيروز يأتمرون كيف يعلمون أشياعهم، فاتفقوا على أنه إذا كان الصباح ينادون بشعارهم الذي بينهم وبين المسلمين، فلما كان الصباح قام أحدهم -وهو قيس- على سور الحصن، فنادى بشعارهم، فاجتمع المسلمون والكافرون حول الحصن، فنادى قيس: أشهد أن محمدا رسول الله، وأن عبهلة كذاب، وألقى إليهم رأسه، فانهزم أصحابه، وتبعهم الناس يأخذونهم ويرصدونهم في كل طريق يأسرونهم، وظهر الإسلام وأهله، وتراجع نواب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أعمالهم، واتفقوا على معاذ بن جبل يصلي بالناس، وكتبوا بالخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مدة ملكه منذ ظهر إلى أن قتل ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر.
أول من دخل أرض الروم أبو بحرية عبد الله بن قيس، وقيل: أول من دخلها ميسرة بن مسروق العبسي، فسبى وغنم.
هي أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر، أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم، من المهاجرات، كانت تحت زيد بن حارثة، ثم طلقها فزوجها الله تعالى نبيه، وفيها نزلت الآيات: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها} [الأحزاب: 37].
كانت كثيرة الخير والصدقة، كانت صناع اليد، تعمل بيدها، وتتصدق به في سبيل الله، ولما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اسمها برة فسماها زينب، ومن ورعها موقفها من عائشة في حادثة الإفك، قالت عائشة: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش عن أمري ما علمت أو ما رأيت؟ قالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا.
قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع.
وكانت أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوقا به، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى عليها عمر بن الخطاب، ودخل قبرها أسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش، وعبد الله بن أبي أحمد بن جحش، ودفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها.
هو فلافيوس أغسطس هرقل إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية، من أصول أرمينية, بدأ صعوده إلى السلطة عام 608م، قاد ثورة ناجحة ضد الإمبراطور فورس الذي تسلم السلطة بعد خلع الإمبراطور موريس، ودون شعبية تذكر في ظل القلاقل التي عانت منها الإمبراطورية.
كان والد هرقل -وهو هرقل الأكبر- قائدا عسكريا ناجحا، شارك في حروب الإمبراطور موريس، ويعتبر هرقل مؤسس السلالة الهراقلية التي استمرت بحكم الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 711.
انتصر هرقل على الفرس في معركة نينوى 5 هـ، ثم كانت هزيمة جيوشه على يد المسلمين في معركة اليرموك عام 14 هـ، وقد تنبأ هرقل بانتصارات المسلمين، كما في صحيح البخاري قال هرقل لأبي سفيان قبل أن يسلم: فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه.
كاد هرقل أن يسلم لكن خوفه على ملكه منعه عن الإسلام، كما ورد خبره في صحيح البخاري، قال ابن الناظور:كان هرقل حزاء ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمنك شأنهم، واكتب إلى مداين ملكك، فيقتلوا من فيهم من اليهود.
فبينما هم على أمرهم، أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا، فنظروا إليه، فحدثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب، فقال: هم يختتنون.
فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر.
ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان قال: ردوهم علي.
وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت.
فسجدوا له ورضوا عنه.
هلك هرقل بعد أن هرم وتخلى عن قيادة الجيوش.
كما أصاب الشام طاعون عمواس فقد أصيبت الحجاز بقحط شديد جدا وجفاف عام، وسمي ذلك اليوم بعام الرمادة، حتى طلب عمر الغوث من مصر ومن الشام، فأرسل له عاملاه عليها المؤونة التي خففت عن الناس.
بعد انتصار المسلمين في موقعة عين شمس مكن هذا النصر معسكرات المسلمين من أن تشرف على حصن باب ليون مباشرة من جهته الشمالية والشرقية، وكانت أسوار هذا الحصن تضم مساحة تزيد عن الستين فدانا, ضرب المسلمون حصارا قويا على الحصن المنيع، غير عابئين بمجانيق الروم، تدفعهم حماستهم، وحب الجهاد ونيل الشهادة في مهاجمة الحصن، والقيام بسلسلة من المناوشات التي كانت نتائجها تضعف معنويات المحاصرين، ولم يكد يمضي على الحصار شهر حتى دب اليأس في نفس "المقوقس" حاكم مصر، فأرسل في طلب المفاوضة والصلح، فبعث عمرو بن العاص وفدا من المفاوضين على رأسه عبادة بن الصامت الذي كلف بألا يتجاوز في مفاوضته أمورا ثلاثة يختار الروم واحدة منها، وهي: الدخول في الإسلام، أو قبول دفع الجزية للمسلمين، أو الاحتكام إلى القتال، فلم يقبل الروم العرضين الأولين، وأصروا على مواصلة القتال، وحاول المقوقس أن يعقد صلحا مع عمرو بعد أن تيقن أنه لا قبل له بمواجهة المسلمين، وآثر الصلح وحقن الدماء، واختار أن يدفع الجزية للمسلمين، وكتب شروط الصلح، وأرسلها إلى هرقل إمبراطور الروم للموافقة عليها، وأسرع إلى الإسكندرية مغادرا الحصن، وأردف شروط الصلح برسالة إلى هرقل يعتذر فيها لهرقل عما أقدم عليه من الصلح مع المسلمين، فما كان من هرقل إلا أن أرسل إليه وإلى قادة الروم يعنفهم على تخاذلهم وتهاونهم إزاء المسلمين، ولم يكن لهذا معنى سوى رفض شروط الصلح، استأنف المسلمون القتال وشددوا الحصار بعد فشل الصلح، وفي أثناء ذلك جاءت الأنباء بوفاة هرقل ففت ذلك في عضد الجنود داخل الحصن، وزادهم يأسا على يأس، في الوقت الذي صحت فيه عزائم المسلمين، وقويت معنوياتهم، وفي غمرة الحصار تطوع الزبير بن العوام بتسلق سور الحصن في ظلام الليل، وتمكن بواسطة سلم وضع له أن يصعد إلى أعلى السور، ولم يشعر الروم إلا بتكبيرة الزبير تهز سكون الليل، ولم يلبث أن تبعه المسلمون يتسابقون على الصعود، تسبقهم تكبيراتهم المدوية فتنخلع لها أفئدة الروم التي ملأها اليأس، فكانت تلك التكبيرات أمضى من كل سلاح قابلهم، حتى كان قائد الحصن يعرض الصلح على عمرو ومغادرة الحصن.
استعاد سعيد بن العاص فتح طبرستان؛ وذلك أنهم كانوا صالحوا سويد بن مقرن بعد أن غزاهم قبل ذلك في عهد عمر بن الخطاب على أن لا يغزوها على مال بذله له إصبهبذها؛ لكنهم نقضوا الصلح، فركب سعيد بن العاص في جيش فيه الحسن والحسين، والعبادلة الأربعة، وحذيفة بن اليمان، في خلق من الصحابة فسار بهم، فمر على بلدان شتى يصالحونه على أموال جزيلة، حتى انتهى إلى بلد معاملة جرجان، فقاتلوه حتى احتاجوا إلى صلاة الخوف.
غزا سعيد بن العاص جرجان بعد أن نقض أهلها عهدهم مع المسلمين الذي عقد في عهد عمر بن الخطاب فافتتحها.
بعث معاوية رضي الله عنه إلى الحجاز واليمن بسر بن أبي أرطاة القرشي العامري في جنود ووصل عامله هذا إلى اليمن فتنحى عنها عامل علي عبيد الله بن عباس، وبلغ عليا ذلك فجهز إلى اليمن جارية بن قدامة السعدي فهرب بسر من اليمن، ثم رجع عبيد الله إلى اليمن.
انتدب ثلاثة من الخوارج، وهم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكر التميمي، فاجتمعوا بمكة، فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال ابن ملجم: أنا لعلي.
وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الآخر: أنا أكفيكم عمرا، فتواثقوا أن لا ينكصوا، واتعدوا بينهم أن يقع ذلك ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى بلد بها صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، وبقي ابن ملجم في الليلة التي عزم فيها على قتل علي يناجي الأشعث بن قيس في مسجده حتى طلع الفجر، فقال له الأشعث: ضحك الصبح، فقام وشبيب فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فضرب عليا بسيفه المسموم على رأسه، فلما قتل أخذوا عبد الرحمن بن ملجم وعذبوه فقتلوه.
وكانت مدة خلافة علي خمس سنين، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، ورضي عنه وأرضاه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
بعد أن قتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه اتجه أهل الكوفة إلى الحسن بن علي فبايعوه بالخلافة، وكان أول من بايعه قيس بن سعد، وبقي في الخلافة ستة أشهر، رأى خلالها تخاذل أصحابه، فرأى ضرورة اتفاق الأمة فآثر الصلح وتنازل لمعاوية بالخلافة، وسمي ذلك العام بعام الجماعة، وكان كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).
فجزاه الله خيرا ورضي الله عنه وأرضاه.
بعد أن انتصر عقبة بن نافع في عدة مواقع في فتوحه في أفريقيا على البربر رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة تكون من أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وكان أجمة مشتبكة بها من أنواع الحيوان، فأمر ببناء المدينة، فبنيت، وبنى المسجد الجامع، وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم، وكان دورها ثلاثة آلاف باع وستمائة باع، وتم أمرها سنة خمس وخمسين وسكنها الناس، فكانت كمحطة دائمة للمجاهدين يبقون فيها مع أسرهم لا يشعرون بالغربة والسفر، وتكون منطلقهم إلى البلاد ليفتحوها.
وكان في أثناء عمارة المدينة يغزو ويرسل السرايا فتغير وتنهب، ودخل كثير من البربر في الإسلام، واتسعت خطة المسلمين، وقوي جنان من هناك من الجنود بمدينة القيروان، وأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام فيها.
هي صفية بنت حيي بن أخطب، من ولد هارون النبي صلى الله عليه وسلم، وأمها برة بنت سموأل أخت رفاعة، كانت تحت سلام بن مشكم القرظي، ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، سباها النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر وكانت عروسا، وأعتقها وتزوجها بعد مرجعه من خيبر، توفيت في المدينة ودفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها.
هو أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان الأموي القرشي، من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد كتاب الوحي، سادس الخلفاء في الإسلام، وأول ملوك المسلمين، ومؤسس الدولة الأموية في الشام، ولد بمكة وتعلم الكتابة والحساب، أسلم معاوية رضي الله عنه يوم الفتح، وقيل: في عمرة القضاء وكان يكتم إسلامه خوفا من أبيه، وقد استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتابة الوحي، واستعمله على الشام الخلفاء: عمر، وعثمان، وبقي على الشام في خلافة علي بغير رضاه، فبقي كذلك قرابة العشرين سنة، ثم تم له الأمر بعد تنازل الحسن بن علي له، وبقي خليفة مدة تسعة عشر عاما وأشهر، فتح الله له فيها الكثير من البلاد، واشتهر بالحكمة في سياسته للناس، ومداراته لهم، وكان قد عهد لابنه يزيد قبل موته، وبعث في البلاد ليأخذوا له ذلك، وتوفي في دمشق وصلى عليه الضحاك بن قيس، ودفن فيها، جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
كان معاوية في عام 50 هـ قد عهد إليه بالخلافة من بعده، وأخذ ذلك على الناس؛ ولكن البعض لم يرض مثل ابن عمر، وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، والحسين بن علي، ثم لما حضرت معاوية الوفاة كان يزيد غائبا فأوصى إليه، ثم لما توفي بايعت الأمصار ليزيد إلا من ذكر آنفا، وبذلك تمت له الخلافة، ثم بايع له ابن عمر، وابن عباس، أما ابن الزبير فخرج إلى مكة وحصل منه ما حصل، وأما الحسين فلحقه أيضا إلى مكة حتى خرج إلى الكوفة وكان فيها ما كان.
بمجرد وفاة معاوية بن أبي سفيان سارع زعماء الكوفة بالكتابة إلى الحسين بن علي رضي الله عنه، وطلبوا منه المسير إليهم على وجه السرعة, فلما تواترت الكتب إليه من جهة أهل العراق, وتكررت الرسل بينهم وبينه, وجاءه كتاب مسلم بن عقيل بالقدوم عليه بأهله, ثم وقع في غبون ذلك ما وقع من قتل مسلم بن عقيل والحسين لا يعلم بشيء من ذلك, فعزم على المسير إليهم, والقدوم عليهم, فاتفق خروجه من مكة أيام التروية قبل مقتل مسلم بيوم واحد, فإن مسلما قتل يوم عرفة, ولما استشعر الناس خروجه أشفقوا عليه من ذلك, وحذروه منه, وأشار عليه ذوو الرأي منهم والمحبة له بعدم الخروج إلى العراق, وأمروه بالمقام بمكة, وذكروه ما جرى لأبيه وأخيه معهم, وكان ممن نهاه عن الخروج عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وأبو سعيد الخدري, إلا أنه أصر على الخروج إلى الكوفة.
سار قتيبة بن مسلم إلى بخارى مرة أخرى, فأرسل ملكها يستنصر من حوله، ولكن قتيبة استطاع فتحها هذه المرة، ولما فتحها استأذنه نيزك طرخان في الرجوع إلى بلاده -وكان نيزك قد أسلم وسمي بعبد الله- فأذن له، فرجع إلى طخارستان، فعصى وكاتب من حوله، وجمع الجموع، فزحف إليه قتيبة، وانتصر عليهم بعد قتال شديد وحرب يشيب لها الوليد، وذلك أن ملوكهم كانوا قد اتعدوا مع نيزك في العام الماضي أن يجتمعوا ويقاتلوا قتيبة، وأن لا يولوا عن القتال حتى يخرجوا العرب من بلادهم، فاجتمعوا اجتماعا هائلا لم يجتمعوا مثله في موقف، فكسرهم قتيبة وقتل منهم أمما كثيرة، ورد الأمور إلى ما كانت عليه، ثم لا يزال يتتبع نيزك خان ملك الترك الأعظم من إقليم، إلى إقليم، ومن كورة إلى كورة، ومن رستاق إلى رستاق، ولم يزل ذلك دأبه حتى حصره في قلعة هنالك شهرين متتابعين، حتى نفذ ما عند نيزك خان من الأطعمة، وأشرف هو ومن معه على الهلاك، فبعث إليه قتيبة من جاء به مستأمنا مذموما مخذولا، فسجنه عنده ومن معه, فاستشار قتيبة الأمراء في قتله، فاختلفوا عليه، فقائل يقول: اقتله.
وقائل يقول: لا تقتله.
فقال له بعض الأمراء: إنك أعطيت الله عهدا أنك إن ظفرت به لتقتلنه، وقد أمكنك الله منه، فقال قتيبة: والله إن لم يبق من عمري إلا ما يسع ثلاث كلمات لأقتلنه، ثم قال: اقتلوه.
فقتل، جزاء غدره ونقضه الصلح.
وجه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الدعاة في الآفاق، وكان سبب ذلك أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية سار للشام إلى سليمان بن عبد الملك، فلما أكرمه وقضى حوائجه، ورأى من علمه وفصاحته ما حسده عليه وخافه، فلما أحس أبو هاشم بالشر قصد الحميمة من أرض الشراة، وبها محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فنزل عليه وأعلمه أن هذا الأمر صائر إلى ولده، وعرفه ما يعمل، وكان محمد بن علي رجلا طموحا، فحمل فكرة إزالة ملك بني أمية، وبدأ يعمل على تنفيذها.
كان أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية قد أعلم شيعته من أهل خراسان والعراق عند ترددهم إليه أن الأمر صائر إلى ولد محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وأمرهم بقصده بعده.
فلما مات أبو هاشم قصدوا محمدا وبايعوه، وعادوا فدعوا الناس إليه، فأجابوهم, وكان الذين سيرهم إلى الآفاق جماعة، وأمرهم بالدعاء إليه وإلى أهل بيته، فلقوا من لقوا، ثم انصرفوا بكتب من استجاب لهم إلى محمد بن علي، فدفعوها إلى ميسرة، فبعث بها ميسرة إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فاختار أبو محمد الصادق لمحمد بن علي اثني عشر رجلا نقباء، واختار سبعين رجلا، وكتب إليهم محمد بن علي كتابا ليكون لهم مثالا وسيرة يسيرون بها.
خرجت خارجة من الحرورية بالعراق، يتزعمهم شوذب واسمه بسطام من بني يشكر في ثمانين فارسا أكثرهم من ربيعة، فبعث أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد نائب الكوفة يأمره بأن يدعوهم إلى الحق، ويتلطف بهم، ولا يقاتلهم حتى يفسدوا في الأرض، فلما فعلوا ذلك بعث إليهم جيشا فكسرهم الحرورية، فبعث عمر إليه يلومه على جيشه، وقد أرسل عمر إلى بسطام يقول له: ما أخرجك علي؟ فإن كنت خرجت غضبا لله فأنا أحق بذلك منك، ولست أولى بذلك مني، وهلم أناظرك; فإن رأيت حقا اتبعته، وإن أبديت حقا نظرنا فيه.
فبعث طائفة من أصحابه إليه، فاختار منهم عمر رجلين فسألهما: ماذا تنقمون؟ فقالا: جعلك يزيد بن عبد الملك من بعدك.
فقال: إني لم أجعله أبدا، وإنما جعله غيري.
قالا: فكيف ترضى به أمينا للأمة من بعدك؟ فقال: أنظرني ثلاثة.
فيقال: إن بني أمية دست إليه سما فقتلوه; خشية أن يخرج الأمر من أيديهم.
فلما مات عمر أراد عبد الحميد بن عبد الرحمن أن يحظى عند يزيد بن عبد الملك، فكتب إلى محمد بن جرير يأمره بمحاربة شوذب وأصحابه، فبرز له شوذب فاقتتلوا، وأصيب من الخوارج نفر، وأكثروا في أهل الكوفة القتل، فولوا منهزمين والخوارج في أكتافهم حتى بلغوا أخصاص الكوفة، فأقر يزيد عبد الحميد على الكوفة، ووجه من قبله تميم بن الحباب في ألفين فقتلوه وهزموا أصحابه، فوجه إليهم نجدة بن الحكم الأزدي في جمع، فقتلوه وهزموا أصحابه، فبعث آخر في ألفين فقتلوه، فأنفذ يزيد أخاه مسلمة بن عبد الملك، فنزل الكوفة، ودعا سعيد بن عمرو الحرشي، فعقد له على عشرة آلاف ووجهه، فقال لأصحابه: من كان يريد الله عز وجل فقد جاءته الشهادة، ومن كان إنما خرج للدنيا فقد ذهبت الدنيا منه.
فكسروا أغماد سيوفهم وحملوا على الخوارج حتى طحنوهم وقتلوا شوذبا.
لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة استعمل على الأندلس السمح بن مالك الخولاني خلفا للحر بن عبد الرحمن الثقفي لما رأى من أمانته وديانته, وأمره أن يميز أرضها، ويخرج منها ما كان عنوة ويأخذ منها الخمس، ويكتب إليه بصفة الأندلس.
فقدمها السمح، وفعل ما أمره عمر، وعهد إليه بإجلاء المسلمين من الأندلس خشية منه على أرواحهم، إلا أن السمح حين نزل الأندلس واطلع على أحوالها، طمأن الخليفة إلى قوة حال المسلمين في الأندلس.
أصلح السمح قنطرة قرطبة على نهر الوادي الكبير, ونظم البلاد ثم توجه لفتح ما وراء جبال البرانس، ودخل فرنسا واستشهد فيها بعد معركة تولوز عام 102هـ.
كان يزيد بن المهلب قد سجن أيام عمر بن عبد العزيز لتأدية المظالم التي عليه، فلما علم بمرض عمر بن عبد العزيز هرب من السجن خوفا من يزيد بن عبد الملك، فلما تولى يزيد بن عبد الملك سجن آل المهلب؛ لكن يزيد بن المهلب استطاع أن يفكهم وتغلب على البصرة ثم سجن أميرها وبعث عماله إلى الأهواز وفارس، وأرسل أخاه إلى خراسان، ونزل هو واسط، ثم أرسل يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة لقتال ابن المهلب، ثم دارت معركة كان من نتائجها قتل يزيد بن المهلب وإخوته: حبيب ومحمد.
وكان اجتماع يزيد بن المهلب ومسلمة بن عبد الملك بن مروان ثمانية أيام من شهر صفر سنة 102هـ.
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، ويقال له: أشج بني مروان.
وكان يقال: الأشج والناقص أعدلا بني مروان.
فهذا هو الأشج، بويع له بالخلافة بعد ابن عمه سليمان بن عبد الملك عن عهد منه له بذلك.
ويقال: كان مولده في سنة إحدى وستين.
دخل عمر بن عبد العزيز إلى إصطبل أبيه وهو غلام، فضربه فرس فشجه، فجعل أبوه يمسح عنه الدم، ويقول: إن كنت أشج بني أمية إنك إذا لسعيد.
أول ما استبين من عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب -أن أباه ولي مصر وهو حديث السن، يشك في بلوغه، فأراد إخراجه معه، فقال: يا أبه، أو غير ذلك لعله يكون أنفع لي ولك؟ ترحلني إلى المدينة فأقعد إلى فقهاء أهلها وأتأدب بآدابهم.
فوجهه إلى المدينة، فقعد مع مشايخ قريش، وتجنب شبابهم، وما زال ذلك دأبه حتى اشتهر ذكره، فلما مات أبوه أخذه عمه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فخلطه بولده، وقدمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة.
ولاه الوليد ولاية المدينة، ثم جعله على الحجاز من 86 – 93هـ، ثم بويع بالخلافة بعد سليمان بوصية منه له, انتشر في عهده العدل والمساواة، ورد المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزل جميع الولاة الظالمين ومعاقبتهم، كما أعاد العمل بالشورى، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي.
استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام سار فيها بسيرة الخلفاء الراشدين, توفي عمر عن تسع وثلاثين، وقيل أربعين سنة، وكان سبب وفاته أنه سقي السم، وذلك أن بني أمية قد تبرموا وضاقوا ذرعا من سياسة عمر التي قامت على العدل، وحرمتهم من ملذاتهم وتمتعهم بميزات لا ينالها غيرهم، ورد المظالم التي كانت في أيديهم، وحال بينهم وبين ما يشتهون، فكاد له بعض بني أمية بوضع السم في شرابه، فوضع مولى له سما في شرابه، وأعطي على ذلك ألف دينار، فأخبر أنه مسموم، فقال: لقد علمت يوم سقيت السم.
ثم استدعى مولاه الذي سقاه، فقال له ويحك، ما حملك على ما صنعت؟ فقال: ألف دينار أعطيتها.
فقال: هاتها.
فأحضرها فوضعها في بيت المال، ثم قال له: اذهب حيث لا يراك أحد فتهلك.
دامت خلافة عمر بن عبد العزيز سنتين وخمسة أشهر، فلما توفي صارت الخلافة إلى يزيد بن عبد الملك بناء على الكتاب الذي كتبه سليمان أن يلي الأمر بعد عمر يزيد فصار بذلك الخليفة.
غزا السمح بن مالك الخولاني فرنسا فاخترق جبال البرانس وزحف على مقاطعتي سبتمانيا وبروفانس، ثم أغار على اكيتانيا، وحاصر طلوشة (طولوز) فخرج له دوق اكيتانيا بجيش كبير ونشبت معركة عظيمة بين الطرفين، استشهد فيها السمح، وتولى إمرة الجند عبد الرحمن الغافقي فانسحب بفلول الجيش إلى أربونه.
عبر سعيد خذينة والي خراسان النهر وغزا الصغد، وكانوا قد نقضوا العهد وأعانوا الترك على المسلمين، فقال الناس لسعيد: إنك قد تركت الغزو، وقد أغار الترك، وكفر أهل الصغد.
فقطع النهر وقصد الصغد، فلقيه الترك وطائفة من الصغد فهزمهم المسلمون، فقال سعيد: لا تتبعوهم فإن الصغد بستان أمير المؤمنين وقد هزمتموهم، أفتريدون بوارهم؟ وقد قاتلتم يا أهل العراق الخلفاء غير مرة، فهل أبادوكم؟ وسار المسلمون فانتهوا إلى واد بينهم وبين المرج، فقطعه بعضهم وقد أكمن لهم الترك، فلما جاءهم المسلمون خرجوا عليهم، فانهزم المسلمون حتى انتهوا إلى الوادي، فصبروا حتى انكشفوا لهم.
وقيل: بل كان المنهزمون مسلحة المسلمين، فما شعروا إلا والترك قد خرجوا عليهم من غيضة وعلى الخيل شعبة بن ظهير، فأعجلهم الترك عن الركوب، فقاتلهم شعبة فقتل وقتل نحو من خمسين رجلا وانهزم أهل المسلحة، وأتى المسلمين الخبر، فركب الخليل بن أوس العبشمي -أحد بني ظالم- ونادى: يا بني تميم إلي أنا الخليل! فاجتمع معه جماعة، فحمل بهم على العدو فكفوهم حتى جاء الأمير والناس فانهزم العدو، فصار الخليل على خيل بني تميم حتى ولي نصر بن سيار، ثم صارت رياستهم لأخيه الحكم بن أوس، فلما كان العام المقبل بعث رجالا من تميم إلى ورغسر فقالوا: ليتنا نلقى العدو فنطاردهم.
وكان سعيد إذا بعث سرية فأصابوا أو غنموا وسبوا رد السبي وعاقب السرية.
عزل يزيد بن عبد الملك عبد الرحمن بن الضحاك عن المدينة ومكة، وكان عامله عليهما ثلاث سنين، وولى عبد الواحد النضري، وكان السبب في عزله أنه خطب فاطمة بنت الحسين بن علي فقالت: ما أريد النكاح، ولقد قعدت على بني هؤلاء.
فألح عليها وقال: لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر بنيك في الخمر.
فبعثت كتابا إلى الخليفة تخبره بخبره.
فأخذ الكتاب فقرأه وجعل يضرب بخيزران في يده ويقول: لقد اجترأ ابن الضحاك، هل من رجل يسمعني صوته في العذاب؟ قيل له: عبد الواحد بن عبد الله النضري.
فكتب بيده إلى عبد الواحد: قد وليتك المدينة فاهبط إليها واعزل عنها ابن الضحاك، وأغرمه أربعين ألف دينار، وعذبه حتى أسمع صوته وأنا على فراشي.
وكان ابن الضحاك قد آذى الأنصار طرا، فهجاه الشعراء وذمه الصالحون، ولما وليهم النضري أحسن السيرة فأحبوه، وكان خيرا يستشير فيما يريد فعله القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر.