خطب ومحاضرات
شرح حديث جبريل في الإسلام والإيمان [3]
الحلقة مفرغة
وصلنا إلى قول جبريل عليه السلام: ( فأخبرني عن الإيمان؟ قال صلى الله عليه وسلم: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره).
أدلة الإيمان بالله
قوله: ( أن تؤمن بالله). الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو أول أركان الإيمان, وتدل عليه الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها, فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30] , وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة: ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) .
وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى أشهد العباد على أنفسهم؛ وذلك أنه أخرج من ظهر آدم ذريتهم الذين يخرجون منه، فأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى, وهذا كافٍ في ثبوت الحجة بالإيمان بالخالق, ولهذا لا يعذر أحد بنفي وجحد وجود خالق, كما يدعيه الملاحدة؛ لوجود دليل الفطرة القائم في ذات الإنسان.
ولهذا نقول: هذا لا يحتاج إلى دليل السماع لوجود دليل الفطرة، وهو قوي وثابت في فطرة الإنسان، فمن جحد وجود الله سبحانه وتعالى فهو كافر ولو لم يبلغه دليل من الوحي, ويعاقبه الله سبحانه وتعالى على ذلك ولو لم تصله رسالة, لماذا؟ لأنه ناقض دليلاً قوياً أو أقوى دليل, وهو دليل الإشهاد ودليل الفطرة القائمة في ذات الإنسان, والخلق الأصل فيهم أنهم لا يكفرون بربوبية الله سبحانه وتعالى, وأن الله عز وجل أوجد الخلق، وهو ربهم المتكفل بهم الذي يقدر لهم أقدارهم وأحوالهم وآجالهم، وأنه جل وعلا يحييهم ويميتهم سبحانه وتعالى.
وأما صفات الله عز وجل وأسماؤه فإن الإنسان لا يصل إليها إلا بدليل السمع, ولهذا هل يعذب الله سبحانه وتعالى من لم يؤمن بالله ممن لم يبلغه الإسلام أصلاً وجحد وجود الخالق؟ نقول: يعذبه الله جل وعلا؛ لأن دليل الفطرة في بعض صوره أقوى من دليل الشرع ودليل السمع.
ونحن نجد أن أصحاب الملل إنما ينحرفون في وصف الخالق واسمه وحقيقته لا في أصل وجوده, ولهذا يتخبطون, فبعضهم يجعله كوكباً, وبعضهم يجعله حجراً, وبعضهم يجعله شجراً, وبعضهم يجعله ريحاً, وبعضهم يجعله غائباً لا يرى كالغول والجن, وبعضهم يجعله غائباً ويتخيله على صورة معينة, هم يؤمنون بالأصل, ولكن الوصف والحقيقة يضلون فيها؛ لماذا؟ لأنه لا يصل إليها الإنسان إلا بدليل السمع؛ لأن الإنسان لا يثبت حق من ذلك إلا بالنص, والله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير, فهو يقيس على ما يرى فيضل ويزيغ.
المراد بالإيمان بالله
وفي قول النبي عليه الصلاة والسلام لـجبريل: (الإيمان أن تؤمن بالله)، الإيمان بالله المقصود به أن يؤمن أن الله ظاهر في ربوبيته وإلوهيته وأسمائه وصفاته, وأن الله عز وجل لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد, والله سبحانه وتعالى هو خالق الخليقة ورازقهم، وهو محييهم وهو مميتهم، وهو المدبر لهم الأرزاق والآجال.
القدر الواجب في الإيمان بالله
وفي الإيمان بالله سبحانه وتعالى ثمة قدر واجب عيني على الإنسان لا يصح إيمان إلا به, وثمة قدر زائد في ذلك لا يجب عليه أن يعلمه، وإذا علمه وجب عليه أن يؤمن به.
أما القدر الواجب فهو أن يعلم أن الله عز وجل واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته, لا شريك له, ولا ند ولا نظير سبحانه وتعالى.
وأما تفاصيل ذلك من جهة صفات الله سبحانه وتعالى وأنواع العبادة التي تصرف لله جل وعلا فإذا عرف وجوب صرفها لله وحده، ولكنه جهل أنواع العبادة المصروفة, فهذا لا يضره من جهة ثبوت إيمانه.
وكذلك ما يتعلق بمعرفة أسماء الله, يجب عليه أن يعلم أن الله هو الرب المتفرد في تدبير خلقه والمستحق للعبادة وحده, وهو فرد أيضاً وواحد في أسمائه وصفاته, لكن تفصيل ذلك هل يجب على كل أحد أن يعلم أسماء الله كلها, أو الصفات كلها؟ لا, أنواع العبادة التي يصرفها لله, لا, ولكن يجب عليه أن يعلم ما يثبت به إيمانه, والإيمان بالله على ما تقدم في هذه الثلاثة لا كما يزعم الفلاسفة أو المتكلمون في هذا الباب.
قوله: ( أن تؤمن بالله). الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو أول أركان الإيمان, وتدل عليه الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها, فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30] , وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة: ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) .
وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى أشهد العباد على أنفسهم؛ وذلك أنه أخرج من ظهر آدم ذريتهم الذين يخرجون منه، فأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى, وهذا كافٍ في ثبوت الحجة بالإيمان بالخالق, ولهذا لا يعذر أحد بنفي وجحد وجود خالق, كما يدعيه الملاحدة؛ لوجود دليل الفطرة القائم في ذات الإنسان.
ولهذا نقول: هذا لا يحتاج إلى دليل السماع لوجود دليل الفطرة، وهو قوي وثابت في فطرة الإنسان، فمن جحد وجود الله سبحانه وتعالى فهو كافر ولو لم يبلغه دليل من الوحي, ويعاقبه الله سبحانه وتعالى على ذلك ولو لم تصله رسالة, لماذا؟ لأنه ناقض دليلاً قوياً أو أقوى دليل, وهو دليل الإشهاد ودليل الفطرة القائمة في ذات الإنسان, والخلق الأصل فيهم أنهم لا يكفرون بربوبية الله سبحانه وتعالى, وأن الله عز وجل أوجد الخلق، وهو ربهم المتكفل بهم الذي يقدر لهم أقدارهم وأحوالهم وآجالهم، وأنه جل وعلا يحييهم ويميتهم سبحانه وتعالى.
وأما صفات الله عز وجل وأسماؤه فإن الإنسان لا يصل إليها إلا بدليل السمع, ولهذا هل يعذب الله سبحانه وتعالى من لم يؤمن بالله ممن لم يبلغه الإسلام أصلاً وجحد وجود الخالق؟ نقول: يعذبه الله جل وعلا؛ لأن دليل الفطرة في بعض صوره أقوى من دليل الشرع ودليل السمع.
ونحن نجد أن أصحاب الملل إنما ينحرفون في وصف الخالق واسمه وحقيقته لا في أصل وجوده, ولهذا يتخبطون, فبعضهم يجعله كوكباً, وبعضهم يجعله حجراً, وبعضهم يجعله شجراً, وبعضهم يجعله ريحاً, وبعضهم يجعله غائباً لا يرى كالغول والجن, وبعضهم يجعله غائباً ويتخيله على صورة معينة, هم يؤمنون بالأصل, ولكن الوصف والحقيقة يضلون فيها؛ لماذا؟ لأنه لا يصل إليها الإنسان إلا بدليل السمع؛ لأن الإنسان لا يثبت حق من ذلك إلا بالنص, والله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير, فهو يقيس على ما يرى فيضل ويزيغ.
وفي قول النبي عليه الصلاة والسلام لـجبريل: (الإيمان أن تؤمن بالله)، الإيمان بالله المقصود به أن يؤمن أن الله ظاهر في ربوبيته وإلوهيته وأسمائه وصفاته, وأن الله عز وجل لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤاً أحد, والله سبحانه وتعالى هو خالق الخليقة ورازقهم، وهو محييهم وهو مميتهم، وهو المدبر لهم الأرزاق والآجال.
وفي الإيمان بالله سبحانه وتعالى ثمة قدر واجب عيني على الإنسان لا يصح إيمان إلا به, وثمة قدر زائد في ذلك لا يجب عليه أن يعلمه، وإذا علمه وجب عليه أن يؤمن به.
أما القدر الواجب فهو أن يعلم أن الله عز وجل واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته, لا شريك له, ولا ند ولا نظير سبحانه وتعالى.
وأما تفاصيل ذلك من جهة صفات الله سبحانه وتعالى وأنواع العبادة التي تصرف لله جل وعلا فإذا عرف وجوب صرفها لله وحده، ولكنه جهل أنواع العبادة المصروفة, فهذا لا يضره من جهة ثبوت إيمانه.
وكذلك ما يتعلق بمعرفة أسماء الله, يجب عليه أن يعلم أن الله هو الرب المتفرد في تدبير خلقه والمستحق للعبادة وحده, وهو فرد أيضاً وواحد في أسمائه وصفاته, لكن تفصيل ذلك هل يجب على كل أحد أن يعلم أسماء الله كلها, أو الصفات كلها؟ لا, أنواع العبادة التي يصرفها لله, لا, ولكن يجب عليه أن يعلم ما يثبت به إيمانه, والإيمان بالله على ما تقدم في هذه الثلاثة لا كما يزعم الفلاسفة أو المتكلمون في هذا الباب.
قال: (أن تؤمن بالله وملائكته).
العلة في عطف الإيمان بالملائكة بعد الإيمان بالله
الإيمان بالملائكة إنما ذكرهم وعطفهم على الإيمان بالله سبحانه وتعالى؛ لأن الملائكة مقربون من الله جل وعلا, وكذلك فإن الشرك فيهم يكثر في الجاهليين, وقد ضلوا في ذلك إذ جعلوهم بناتاً لله سبحانه وتعالى, تعالى الله عز وجل عن ذلك.
وحينما ضلوا في هذا بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقتهم, وأنهم ملائكة لله مخلوقون خلقهم الله عز وجل لحكمة.
والله سبحانه وتعالى جعل الملائكة عباداً له لا يخرجون عن طوعه وأمره, لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] , وكذلك أنه لا يتوجه إليهم بعبادة, ولا تعظيم لا يكون إلا للخالق سبحانه وتعالى, فهم مخلوقون, وكذلك لهم مشيئة.
أنواع الملائكة وأعمالهم
وهم على أنواع, منهم من سمى الله عز وجل في كتابه، إما سماهم باسمه كجبرائيل وميكائيل، ومنهم من ذكر الله عز وجل وصفه أو عمله, سواء في الكتاب أو في السنة كملك الجنة وملك النار وخازنها، وملك السحاب والرياح والجبال وغير ذلك.
وأما أن يعلم تفاصيل أولئك فلا يجب عليه إلا ما سماه الله سبحانه وتعالى في كتابه، وأوجب ما يجب الإيمان به من الملائكة، أما جبريل فيؤمن بأنه رسول الله عز وجل إلى أنبيائه، جعله الله عز وجل مختصاً بإبلاغ الرسالة إلى الأنبياء, وأما ما عدا ذلك من الملائكة فلا يجب عليه أن يتتبع أسماءهم في الوحي, لكن إذا بلغه الدليل وجب عليه أن يؤمن.
وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة وجعل لهم أفعالاً, فجعل منهم من هو مختص بإحكام الكون, وإظهار إبداع الصنع, وإبداع الصنع لا بد فيه من إظهار الأسباب, فجعل الله عز وجل لها قانوناً تسير عليه.
ومنها ما يتعلق بكمال عدل الله سبحانه وتعالى كالملائكة الذين يحصون على العباد كتابة الرزق, وما يحصون عليهم أرزاقهم، وكذلك السيئات والحسنات الله عز وجل يكتب على عباده بملائكته أفعالهم لا ليعلم, والله عز وجل يعلم بلا ملائكة, والله قادر أن يقضي آجال العباد، فإذا قضى روح واحد منهم أخذه فوراً إلى الجنة أو إلى النار, ولو لم يمر على الحساب بعلمه سبحانه وتعالى بما عمل, ولكن الله عز وجل يوكل من ملائكته من يكتبون الحسنات والسيئات ليقيم الحجة على العباد, وهذا من كمال عدله؛ لأن الإنسان يخاصم ويريد بينة وشهود؛ ولهذا تفتح لهم صحف، هذا عملك, وشهد عليك الملائكة, فيأبى الإنسان إلا شاهداً من نفسه، فيضرب الله على فمه فتنطق جوارحه, ولهذا الله سبحانه وتعالى في إحصائه على عباده في الكتاب يريد أن يقيم الحجة على عباده، ولا يريد الله سبحانه وتعالى أن يعلم بذلك, فالله عز وجل له الكمال في علمه سبحانه وتعالى في عباده.
وكذلك الله جل وعلا ليس بحاجة إلى الميزان ليزن حسنات العباد وسيئاتهم ليعلم, فهو يعلم بلا ميزان, ولكن الله عز وجل يريد أن يقيم الحجة ليرى العباد أمام أعينهم الحسنات والسيئات, ويرى السبب الذي لأجله دخل الجنة أو لأجله دخل النار, وحينئذٍ تنقطع الأعذار, فجعل الله عز وجل من ملائكته كتبة على العباد يحصون عليهم أفعالهم، ويحصون عليهم أقوالهم, ويحصون عليهم سرائرهم, وكل ذلك يحاسب عليه الإنسان.
اشتقاق اسم الملائكة
والملائكة مشتق هذا الاسم من الرسالة, من ألك ألوكة، أي: رسالة, فالكتاب عند العرب إذا كتبوا رسالة وكتبوا صحيفة أو غير ذلك يطلق على حاملها الملك, يعني: حامل هذه الرسالة, كأن الملائكة هم حملة الرسالة الذين أمر الله عز وجل بها سواء بلاغية أو عملية، فيحملون أوامر الله, فأمر الله عز وجل في الجبال وأمر الله في الرياح، وأمر الله عز وجل في الحياة والموت والرزق وغير ذلك, وأمر الله عز وجل أيضاً بتبليغ وحيه سبحانه وتعالى, هذا أيضاً ألوكة، أي: رسالة يبلغ الله سبحانه وتعالى بها إلى من شاء من خلقه بواسطة ملائكته.
الإيمان بالملائكة إنما ذكرهم وعطفهم على الإيمان بالله سبحانه وتعالى؛ لأن الملائكة مقربون من الله جل وعلا, وكذلك فإن الشرك فيهم يكثر في الجاهليين, وقد ضلوا في ذلك إذ جعلوهم بناتاً لله سبحانه وتعالى, تعالى الله عز وجل عن ذلك.
وحينما ضلوا في هذا بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقتهم, وأنهم ملائكة لله مخلوقون خلقهم الله عز وجل لحكمة.
والله سبحانه وتعالى جعل الملائكة عباداً له لا يخرجون عن طوعه وأمره, لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] , وكذلك أنه لا يتوجه إليهم بعبادة, ولا تعظيم لا يكون إلا للخالق سبحانه وتعالى, فهم مخلوقون, وكذلك لهم مشيئة.
وهم على أنواع, منهم من سمى الله عز وجل في كتابه، إما سماهم باسمه كجبرائيل وميكائيل، ومنهم من ذكر الله عز وجل وصفه أو عمله, سواء في الكتاب أو في السنة كملك الجنة وملك النار وخازنها، وملك السحاب والرياح والجبال وغير ذلك.
وأما أن يعلم تفاصيل أولئك فلا يجب عليه إلا ما سماه الله سبحانه وتعالى في كتابه، وأوجب ما يجب الإيمان به من الملائكة، أما جبريل فيؤمن بأنه رسول الله عز وجل إلى أنبيائه، جعله الله عز وجل مختصاً بإبلاغ الرسالة إلى الأنبياء, وأما ما عدا ذلك من الملائكة فلا يجب عليه أن يتتبع أسماءهم في الوحي, لكن إذا بلغه الدليل وجب عليه أن يؤمن.
وكذلك فإن الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة وجعل لهم أفعالاً, فجعل منهم من هو مختص بإحكام الكون, وإظهار إبداع الصنع, وإبداع الصنع لا بد فيه من إظهار الأسباب, فجعل الله عز وجل لها قانوناً تسير عليه.
ومنها ما يتعلق بكمال عدل الله سبحانه وتعالى كالملائكة الذين يحصون على العباد كتابة الرزق, وما يحصون عليهم أرزاقهم، وكذلك السيئات والحسنات الله عز وجل يكتب على عباده بملائكته أفعالهم لا ليعلم, والله عز وجل يعلم بلا ملائكة, والله قادر أن يقضي آجال العباد، فإذا قضى روح واحد منهم أخذه فوراً إلى الجنة أو إلى النار, ولو لم يمر على الحساب بعلمه سبحانه وتعالى بما عمل, ولكن الله عز وجل يوكل من ملائكته من يكتبون الحسنات والسيئات ليقيم الحجة على العباد, وهذا من كمال عدله؛ لأن الإنسان يخاصم ويريد بينة وشهود؛ ولهذا تفتح لهم صحف، هذا عملك, وشهد عليك الملائكة, فيأبى الإنسان إلا شاهداً من نفسه، فيضرب الله على فمه فتنطق جوارحه, ولهذا الله سبحانه وتعالى في إحصائه على عباده في الكتاب يريد أن يقيم الحجة على عباده، ولا يريد الله سبحانه وتعالى أن يعلم بذلك, فالله عز وجل له الكمال في علمه سبحانه وتعالى في عباده.
وكذلك الله جل وعلا ليس بحاجة إلى الميزان ليزن حسنات العباد وسيئاتهم ليعلم, فهو يعلم بلا ميزان, ولكن الله عز وجل يريد أن يقيم الحجة ليرى العباد أمام أعينهم الحسنات والسيئات, ويرى السبب الذي لأجله دخل الجنة أو لأجله دخل النار, وحينئذٍ تنقطع الأعذار, فجعل الله عز وجل من ملائكته كتبة على العباد يحصون عليهم أفعالهم، ويحصون عليهم أقوالهم, ويحصون عليهم سرائرهم, وكل ذلك يحاسب عليه الإنسان.
والملائكة مشتق هذا الاسم من الرسالة, من ألك ألوكة، أي: رسالة, فالكتاب عند العرب إذا كتبوا رسالة وكتبوا صحيفة أو غير ذلك يطلق على حاملها الملك, يعني: حامل هذه الرسالة, كأن الملائكة هم حملة الرسالة الذين أمر الله عز وجل بها سواء بلاغية أو عملية، فيحملون أوامر الله, فأمر الله عز وجل في الجبال وأمر الله في الرياح، وأمر الله عز وجل في الحياة والموت والرزق وغير ذلك, وأمر الله عز وجل أيضاً بتبليغ وحيه سبحانه وتعالى, هذا أيضاً ألوكة، أي: رسالة يبلغ الله سبحانه وتعالى بها إلى من شاء من خلقه بواسطة ملائكته.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح حديث جبريل في الإسلام والإيمان [1] | 2534 استماع |
شرح حديث جبريل في الإسلام والإيمان [2] | 1984 استماع |
شرح حديث جبريل في الإسلام والإيمان [4] | 1086 استماع |