خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/452"> الشيخ أبو إسحاق الحويني . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/452?sub=36178"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
ليلة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد؛ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد؛ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
فدرسنا هذا المساء بعنوان: (ليلة في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم) وسنستعرض هذه الليلة الحديث الشهير المعروف بـ(حديث أم زرع)، ونحن في أمس الحاجة إلى مثل هذه الدروس لإعادة الدفء الذي حل محله البرود في البيوت، وصارت الشركة بين الرجل والمرأة قائمة على أنها هي أخف الضررين، فكثير من البيوت تقوم بسبب الأولاد، مع أن الرجل يتمنى لو أنه فارق المرأة والمرأة تتمنى لو أنها فارقت الرجل، وكلاهما يعيش مبغضاً للآخر، لكنه يصبر بسبب الأولاد، ولو لم يكن بينهما أولاد لتفرقوا كل في ناحية.
هذا الدرس وأشباهه يبين لنا أن هذا الدفء الذي تعاني كثير من بيوت المسلمين فقده، سببه أنهم لا يترسمون خطا النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة النساء، وكذلك النساء لا يترسمن خطا أزواج النبي عليه الصلاة والسلام في ضرب المثل في الوفاء، وفي معرفة لماذا خلقت هذه المرأة، ومعرفة حدود طاعة الرجل.
إن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا أكثر من موقف؛ بل حياته الكريمة كلها مليئة بهذا النموذج العطوف، فقد كان يعامل النساء معاملة في غاية الرفق وفي غاية الرفعة، وقد أوصانا عليه الصلاة والسلام بالنساء فقال: (رفقاً بالقوارير)، وحديثنا ليس عن الحد الأدنى أو ارتكاب أخف الضررين في العلاقة الزوجية.. إنما نحن نرتقي إلى ما هو فوق هذا، ونضرب المثل بالإحسان، وكما سيظهر من خلال فوائد هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام كان أفضل زوج على وجه الأرض.
روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب النكاح، (باب السمر مع الأهل)، ورواه الإمام مسلم في كتاب الفضائل من صحيحه، وكذلك رواه الإمام النسائي في كتاب عشرة النساء، ورواه كثيرون، وسوف الزيادات التي وردت في روايات من لم أذكرهم في أثناء الكلام.
قالت عائشة رضي الله عنها وهي تقص على النبي عليه الصلاة والسلام حكاية : (جلست إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً، قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث، على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقى. وقالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف ألا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره. وقالت الثالثة: زوجي العشنق، إن أنطق أطلق، وإن أسكت أعلق. وقالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة. وقالت الخامسة: زوجي إذا دخل فَهِد، وإن خرج أسد، ولا يسأل عما عهد. وقالت السادسة: زوجي إذا أكل لف، وإذا شرب اشتف، وإذا اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث. وقالت السابعة: زوجي عيايا أو غيايا، طباقا، كل داء له داء، شجك أو فلك أو جمع كلاً لك. وقالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب. وقالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد. وقالت العاشرة: زوجي مالك، وما مالك! مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك. وقالت الحادية عشرة: زوجي قالت: فخرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلاً ثرياً، ركب سرياً، وأخذ خطياً، وأراح علي نعماً ثرياً، وأعطاني من كل رائحة زوجاً، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك، قالت: فلو أني جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة رضي الله عنها: كنت لك كـأبي زرع لـأم زرع
وفي رواية النسائي قال لها: (ولكني لا أطلقك)، هذه الزيادة وردت عند الإمام النسائي .
هذا حديث ألفاظه قوية جزلة، وقد كانت عائشة رضي الله عنها من أفصح الناس، ولها خطبة في الدفاع عن أبيها أبي بكر الصديق في غاية الروعة، شرحها أبو بكر ابن الأنباري في جزء مفرد، فـعائشة رضي الله عنها تحكي هذه الحكاية الطويلة والرسول عليه الصلاة والسلام الموصول بالله عز وجل، والذي يحمل أعباء الدين كله، جالس يسمع ويعطي أذنه لها، ثم يعقب على هذا الحديث بأن يختار أفضل رجل ضرب به المثل في هذا الحديث، فيقول لها: (كنت لك كـ
وهذا المجلس الذي حكته عائشة مجلس نميمة، وهذا هو الغالب على مجالس النساء.
خبر المرأة الأولى
تقول: (زوجي لحم جمل غث، على رأس جبل وعر)، قليل من لحم جمل على قمة عالية، ومن الذي سيصعد ويجهد نفسه ويتسلق الجبل لأجل قليل من لحم غث؟ فهي تقول: (على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى)، أي: ليس جبلاً سهل المرتقى، فيمكن الصعود عليه لنأكل اللحم الذي عليه، وليت الجبل إذ هو وعر أن يكون هذا اللحم لحم ضأن مثلاً أو نحوه.
وهي تريد بهذا أن تقول : إن الرجل جمع ما بين سوء الخلق وسوء المعشر، فأخلاقه سيئة جداً لدرجة أنك إذا أردت أن ترضيه كأنك تتسلق جبلاً.
وهناك بعض الناس هكذا، إذا أردت أن ترضيه تبذل جهداً عظيماً حتى يرض عنك، فأخلاقه وعرة كوعورة الجبل، فهي تصف زوجها بهذا.
خبر المرأة الثانية
تقول: أنا لن أتكلم، ولا أبث خبره، ومع ذلك فقد تكلمت! وفي الرواية الأخرى: (زوجي لا أثير خبره، إني أخاف ألا أذره)، يقول العلماء: إن (لا) هنا زائدة، والمعنى: إني أخاف أن أذره، أي أخاف أن يطلقني لو أفشيت خبره، وإذا تكلمت سأذكر عجره وبجره.
وأصل العجر هو: انتفاخ العروق في الرقبة، والبجر: انتفاخ السرة، فكأنها قالت: له عيوب ظاهرة وباطنة، فكنت عن العيوب الظاهرة بالعجر، الذي هو انتفاخ العروق، وهذا فيه تشويه لجمال الرقبة، فكأنها تصف هذا الرجل أن عيوبه الظاهرة ظاهرة وجلية ومعروفة غير مستترة، وله عيوب خفية لا تعرفها إلا المرأة، وكنت عنها بالبجر، الذي هو انتفاخ السرة.
ومنه قول علي رضي الله عنه في يوم الجمل: (إلى الله أشكو عجري وبجري)، وهذه المرأة أيضاً تذم زوجها.
قلة الوفاء في النساء
فهذا خلق النساء، ولذلك فإن الوفاء في النساء قليل، والرجل إذا رزقه الله سبحانه وتعالى بزوجة وفية صالحة فإن هذا فعلاً هو متاع الدنيا؛ لأن الوفاء في النساء قليل، وحديث النبي عليه الصلاة والسلام خرج مخرج العموم، وإن كان خطابه موجهاً لنساء الصحابة.
خبر المرأة الثالثة
حاجة المرأة للرجل
والجواب أن نقول: إن المرأة تحسب ألف حساب لطلاقها، فلو عاشت للأكل والشرب فقط لكان هذا عندها ميزة، فالمرأة تصبر على هذه الحياة المرة لأجل أن تعيش في كنف الرجل. وقد وجدت كثيراً من المشاكل من هذا القبيل، فقد كان أن بعض النساء يرسلن رقعاً مكتوبة، ويتكلمن مشافهة عن الكرب الذي تعيش فيه في بيت أبيها، وتريد أن تتزوج بأي إنسان؛ لأنه إذا كان هناك كرب على أي محور، فكرب تأكل وتشرب معه أفضل من الكرب مع الضيق، فهي مسألة موازنة، فالمرأة لم تطلب الطلاق من زوجها بالرغم من هذا الرفض لشأن هذا الرجل؛ بسبب أنها تحتاج إليه، والله عز وجل قد فطر المرأة على الاستئناس بالرجل، ويقولون في المثل: ظل رجل ولا ظل حائط. وفي خبر هذه المرأة وصلنا إلى الحد الأدنى، وليس هناك أدنى من ذلك، فهذه المرأة تقول: إن زوجها طويل وليس فيه منفعة، ومع هذا الطول المفرط فهو سيء الخلق، لا تستطيع أن تشتكي منه، وإذا سكتت فإن النتيجة أنه يعلقها فيدعها لا هي متزوجة ولا هي مطلقة.
خبر المرأة الرابعة
الرفق بالنساء
ففي الصحيحين عن عائشة قالت: (ما رأيت صانعة طعام أجود من
المرأة أسيرة عند زوجها
لابد أن يعلم الزوج أن المرأة أسيرة عنده، وهذا الوصف وصفها به النبي عليه الصلاة والسلام عندما أوصى بالنساء في آخر ما تكلم به عليه الصلاة والسلام قبل أن يموت، فقد قال: (استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم)، عوان: يعني أسيرات، فحتى لو أن المرأة فرت منك فإنها لا تستطيع أن تتزوج غيرك إلا إذا أعطيتها الإفراج، وإلا فستظل في سجنك مدة طويلة، وبعض المذاهب كالأحناف يقولون: تظل في سجنك مدى الحياة، والمالكية يقولون: القاضي يطلق إذا ثبت الضرر، لكن على أي حال هي في السجن، فعندما تكون المرأة مسجونة وأنت السجان، فلابد أن تقدر هذه العلاقة، وأن المرأة في النهاية لا تستطيع أن ترغم أنفك على شيء، فكن معها حليماً، وحاول أن تحل أصعب المواقف بالابتسامة وبالكلمة الطيبة.
حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع نسائه
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان معه تسع نسوة، ومرت عليه مواقف صعبة تتعجب من تصرفه فيها! ففي الصحيحين من حديث عائشة -وعائشة رضي الله عنها كانت طرفاً دائماً في كل حادثة- تقول عائشة رضي الله عنها: (كان الناس يتحرون بهداياهم ليلة عائشة )؛ لمعرفتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها ويقربها، فأنت إذا أحببت حبيبي فأنت حبيبي، فحبيب حبيبي حبيبي، وعدو حبيبي عدوي، هذه هي قاعدة الولاء والبراء، لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ [المجادلة:22]، فالصحابة كانوا يتحرون بهداياهم ليلة عائشة ، فتكون عند عائشة هدايا كثيرة، وكان بقية زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يردن مثل هذا أيضاً، وأردن أن يقسمن هذه الهدايا بالتساوي، فأرسلن أحب الناس إليه، وهي فاطمة رضي الله عنها، قالت عائشة : (فجاءت
مراعاة المرأة لمشاعر زوجها
وهذه أسماء رضي الله عنها تقول كما رواه البخاري في صحيحه: (تزوجني الزبير بن العوام وما له في الأرض شيء، غير أرض أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم إياها على بعد ثلثي فرسخ من المدينة)، والزبير بن العوام كان شديداً، وكان متزوجاً بامرأتين، فإذا أراد أن يضربهما ربط ظفائرهما في بعض حتى لا تهربان، فكانت المرأة الأخرى تتقي الضرب بيديها، أما أسماء فما كانت تحسن ذلك، فكان يظهر أثر الضرب عليها وينتفخ وجهها، فتذهب وتشتكي الزبير ، فيقول أبو بكر لها: (ارجعي يا ابنتي فإن الزبير رجل صالح).
المرأة لآخر أزواجها
فكان أبو بكر يقول لـأسماء : (يا بنيتي! إن الزبير رجل صالح)، فقسوة الزبير رضي الله عنه وشدته كانت معروفة عنه، حتى إنه ذات مرة كان جالساً مع عمر بن الخطاب يتكلمون، فقال الزبير : (أنا مؤمن الرضا كافر الغضب)، يعني: عندما أرضى أكون كالنسيم، وعندما أغضب أتغير كثيراً، فقال له عمر مداعباً: (أظنها لو آلت إليك -يعني الخلافة- لظللت يومك بالبرحاء تقاتل على مد من شعير)، أي: من الممكن أن تعلن حالة الطوارئ القصوى إذا أخذ أحد قليلاً من الشعير، فكان هذا معروفاً عن الزبير رضي الله عنه، وهو أحد العشرة الذين بشرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالجنة، وقال فيه : (لكل نبي حواري وحواريي
فتقول أسماء رضي الله عنها أنها كانت تذهب إلى هذه الأرض التي كانت على بعد ثلثي فرسخ، وتأتي بالنوى، وتدقه للفرس، وذات مرة وهي آتية من هذه الأرض تحمل النوى على رأسها، رآها النبي صلى الله عليه وسلم وكان يركب دابته ومعه نفر من أصحابه، قالت: (فأناخ النبي صلى الله عليه وسلم البعير ودعاني للركوب خلفه، قالت: فاستحييت، وذكرت الزبير وغيرته، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أنني استحييت مضى، فلما ذهبت إلى البيت ذكرت للزبير أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعاها للركوب خلفه، فذكرت غيرته فلم تركب، فقال لها الزبير : لمشيك أشد علي من ركوبك خلفه)، فمن شدة غيرته تراعي هذه المرأة الصالحة هذا الأمر عند زوجها، والزوج كما يقول بعض العلماء: مفتاح الجنة بالنسبة للمرأة، أو أحد مفاتيحها؛ للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـأسماء بنت يزيد : (أي هذه! أذات بعل أنت؟ قالت: نعم يا رسول الله! قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه -أي: لا أقصر في طاعته- قال: انظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك)، فحق الزوج عظيم جداً.
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (فنظرت إليه هل يكره أن أنتصر؟ فلما علمت أنه لا يكره أن أنتصر، قمت لها فأفحمتها، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إنها
قوة المرأة في ضعفها
المرأة تحب الأمان عند زوجها
ومثل هذا فعل ابن عمر، فقد كان له جارة عجوز، فكان يقول لها: (خلقني خالق الكرام، وخلقك خالق اللئام)، فتبكي، مع أن خالق الكرام واللئام واحد وهو الله عز وجل.
فـعائشة رضي الله عنها تعترف وتقول: (نعم والله ما أهجر إلا اسمك)، فتعترف وهي آمنة، طالما أنها لم تأت معصية لله عز وجل، فهي آمنة، حتى لو ساء خلقها مثلاً على زوجها، والمرأة تحب هذا الطراز من الرجال الذي تعيش آمنة في كنفه.
خبر المرأة الخامسة
قيل لأعرابي: من العاقل؟ قال: (الفطن المتغافل). يعني: الذي يتجاهل بإرادته، وليس لازماً أن يُعرفها أنه يعرف، ولكنه يتجاهل بإرادته؛ لأن هذا يضيع حلاوة التغافل.
من أخلاق الزوج الجيد المداراة
أي: أن المرأة فيها عوج، والمطلوب من الرجل أن يميل مع هذا العوج ولا يظل مستقيماً دائماً، وهذا معناه أن الرجل ينزل من مكان الرجولة إلى مستوى المرأة، والرسول عليه الصلاة والسلام أفضل من مشى على الأرض بقدميه، وأعبد من عبد لله عز وجل، ما نقص من هذه المكانة العظيمة شيئاً لما قال للصحابة يوماً: (تقدموا، ثم قال لـ
فأنت إذا أردت أن ترفع مستوى المرأة حتى تصير مثلك؛ فكأنك تريد رجلاً آخر في البيت، وهذا لا يصلح؛ لأنك لا تستطيع أن تعيش مع رجل آخر، والمرأة لو كان فيها جدية وطبيعتها مثل الرجال فلن تستطيع أن تعيش معها أبداً، فاللازم أنك تكون على مستوى المرأة، وتنزل من مكان الرجل إلى مستوى المرأة، وهذا النزول اسمه: المداراة، فمثلاً: رجل من طبع امرأته أنها لا تكاد ترضى، بل دائماً تصفه بأنه لا يفهم، ولا يعرف شيئاً، والناس كلهم يخدعونه، فذهب واشترى حذاء مثلاً، والبائع أكرمه فعلاً. فتسأله: بكم اشتريته؟ فيقول: بأربعين جنيهاً، فتقول: لقد خدعك.. لو كنت أنا الذي أشتريه لاشتريته بعشرين جنيهاً فقط، فتكدر على الرجل هذه الهدية، بدلاً من أن تقول له: الله يبارك فيك، الله يحفظك، الله يوسع عليك، ونحن دائماً نتعبك .. مع أنها لن تخسر شيئاً إذا قالت هذا الكلام.
والرجل إذا ذهب واشترى شيئاً وهو يعلم أن امرأته ستظل تقول له: لقد خدعوك، فإنه يتخلص ويقول لها: هذا هدية، وينهي الأمر بدلاً من أن يكدر حاله، فإذا كنت تعرف أن هذا الخلق موجود في المرأة، فلا داعي لأن تكدر الحياة؛ بل لا بد من المداراة؛ إذ هي خلق المسلم الحاذق، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يداري، وقد علمنا ذلك.
أما دليل المداراة: فهو حديث في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (بئس أخو العشيرة)، فلما دخل الرجل، ألا الرسول عليه الصلاة والسلام له الكلام، واستقبله استقبالاً حافلاً، وأخذ الرجل حاجته ومضى، وعائشة رضي الله عنها ترى وتسمع الموقف، فقد قال له أولاً: (بئس أخو العشيرة)، وهذا ذم له، والآن يلين له الكلام، ويفرش له العباءة، فقالت: (يا رسول الله! قلت ما قلت وفعلت ما فعلت!) فقال عليه الصلاة والسلام: (إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من يتقى لفحشه)، أي: الذي تحترمه لأنه قليل الأدب، وتحترمه لأن لسانه شديد، فهذا شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة. فهذا الحديث أصل في المداراة، وهناك فرق واضح جداً بينها وبين النفاق.
فهذه المرأة تمدح زوجها وتقول: (إذا دخل فهد)، فوصفته بالغفلة؛ لأن الفهد موصوف بالغفلة وكثرة النوم.
ثم أردفت تقول: ولا تظنوا أنه مغفل في وسط الرجال؛ بل (إذا خرج أسد) أي: كالأسد، فوصفته بأنه يتغافل عما يكون في البيت، لكنه إذا خرج فهو رجل في وسط الرجال.
عدم سؤال الرجل امرأته عن كل شيء
خبر المرأة السادسة
(إذا أكل لف): يلف: أي: يأكل من كل الأطباق، ولا يترك صنفاً إلا ويأكل منه، (وإذا شرب اشتف)، أي: يستمر يشرب حتى لا يبقي شيئاً، فهو نهوم، أكول، وهذا يدل على أن المرأة ماهرة، فما ترك شيئاً إلا أكل منه، ويشرب بنوع من النهم، وتكون النتيجة أنه عندما ينام يلتف لوحده، هذا هو الجزاء، ولا يشكر هذه المرأة التي طعامها جميل، وشرابها جميل، لدرجة أنه يأكل بشره، بل يكافئ المرأة بأنه إذا اضطجع التف، فهي تشتكيه.
اللف في الأكل مخالف للسنة
ومما يحكون في قصص البخلاء: أن رجلاً دعا آخر وذبح له ديكاً رومياً، وصنع ملوخية، والضيف عادة لا يمد يده إلى اللحم في البداية، بل تجده يأكل وبطنه تمتلئ أرزاً وخبزاً وهو يقول للديك: هيت لك! لكن يمنعه حياؤه وخجله أن تقع يده أول ما تقع على الديك، فالرجل وضع الديك الرومي أمامه، والملوخية لها اسم (الشريفة) فقال له: كل من (الشريفة)، والضيف يريد أن يمد يده إلى اللحم، والبخيل يقول له: كل من (الشريفة)، فكاد الضيف أن يشبع، فمدَّ يده إلى الديك، والبخيل يقول له: كل من (الشريفة)، فقال له: اتركني مع قليل الأصل!