خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/142"> الشيخ ابو بكر الجزائري . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/142?sub=115"> نداءات الرحمن لأهل الإيمان
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 56
الحلقة مفرغة
الحمدلله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان، اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.
هذا هو [ النداء الرابع والخمسون ] من تسعين نداء، نادى فيها الجبار عباده المؤمنين.
سبب نداء الله تعالى لعباده المؤمنين
وإن نادانا ليعلمنا ما يزيد في معارفنا علمنا، وإن نادانا ليبشرنا فرحنا وسررنا واشتبشرنا خيراً، وإن نادانا لينذرنا وليحذرنا انتذرنا وحذرنا.
الطريق الموصلة إلى ولاية الله عز وجل
بيان بعض صور تآمر أعداء الله على المسلمين
ومن تلك الحيل وذلك المكر الذي أردت أن أذكر به السامعين وليعلم العالمون: أنهم قالوا: من ادعى الولاية وقال: أنا ولي يخشى أن يموت على سوء الخاتمة، فلم يبق في العالم الإسلامي من يقول: إنه ولي الله، بل الأولياء الذين دفناهم في التراب، ووضعنا عليهم التوابيت من الخشب والحرير، وبنينا عليهم القباب، وعكفنا حولهم، ونقلنا إليهم مرضانا، وحلفنا بحياتهم، ونذرنا لهم النذور، فأولئك هم الأولياء، وأما أن أولياء الله بيننا فلا، بل كل الأحياء أعداء الله. ولا إله إلا الله! وإذا دخلت إلى عاصمة من عواصم العالم الإسلامي - وبعض الإخوان قالوا: لا تسمي البلاد، مع أنها بلادنا نحن المسلمين- وقلت لأول من تلتقي به عند دخولك: يا سيد! أنا غريب في هذه البلاد، فدلني على ولي من أوليائها أزوره، فوالله ما يأخذ بيدك إلا إلى قبر وضريح، مات صاحبه من سنة أو ألف سنة، ولا يفهم أن تلك العاصمة ذات الآلاف أو مئات الآلاف فيها ولي بين الناس. وقد سمعنا بهذا. وأهل البلاد كلهم ليسوا بأولياء لله، بل أعداء الله، فلهذا يزنون بنسائهم، ويسرقون أموالهم، ويلطمون وجوههم، ويلعنونهم ويسبونهم، ويغتابونهم ويأكلون أموالهم، وهذا صحيح، وهو والله لواقع، ولو كانوا يؤمنون أنهم أولياء الله لما مسوهم، والله يقول: ( من عادى لي - أي: من آذى لي- ولياً فقد آذنته بالحرب ). وهم حولوا أمر الولاية إلى الموتى، كما حولوا القرآن إلى الموتى، فمتنا.
وولاية الله تتحقق بشيئين فقط: آمن واستقم، وأحل ما أحل الله، وحرم ما حرم الله، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30]. ثم الله تعالى هو الذي بين لنا أولياءه، فلم يقل: أبيض ولا أسود، ولا عربي ولا عجمي، ولا فقير ولا غني، بل قال: من آمن واتقانا، ولم يتعرض لسخطنا وغضبنا، ولم يعصنا، فأولئك هم أولياء الله.
وفي هذه المقدمة ذكرناكم بالماضي؛ لأن هذه المعارف لا تحصلون عليها في الكتب، فلا تنسوها.
وها نحن مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان، وهي نداءات تشريف وتعظيم. وهذا النداء مضمونه وفحواه والمراد منه [ في الأمر بتقوى الله عز وجل، والصدق في النية والقول والعمل ] وسبحان الله! فهذا النداء يحمل أمر الله لنا بتقواه؛ لأن الخروج عن تقواه معناه: معصيته، وهي جالبة الخسران والدمار. والله لا يرضى لنا أن نخسر، ونحن أولياؤه. ثم الصدق في القول إذا قلت، وفي العمل إذا عملت، وفي النية إذا نويت، ولا تكذب. وإذا أصبح عبد الله تقياً لله صادقاً في نيته وفي قوله وفي عمله فقد أصبح يسامي الملائكة في الطهر والصفاء، وفاز برضا الله وحبه ولقائه.
وهيا بنا نتغنى بهذا النداء، وهو [ الآية (119) من سورة التوبة ] تاب الله علينا.
[ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119] ] وهذه الآية إذا صليت بها النافلة والفريضة فلن تنساها أبداً، فصل بها ركعتين، وعار على الأبناء إن لم يحفظوا هذه الآية، ولا ينبغي هذا، فلنحفظها كلنا.
من مظاهر الهبوط والانحدار في حياة المسلمين
وعندنا مثالاً يبين هذه الحقيقة ويوضحها، فقد عرفنا ونحن أطفال وأحداث شبيبة كان الواحد يسمع الأغنية من عبد الوهاب .. من ليلى .. من فلانة ويحكيها بالنغم والصوت، وليس مجرد كلمات، بل بالنظرات وتلك النغمات التي تغني بها كان يغني بها، ولا أحد يرد علي في هذا.
والآن يمكن جل السامعين والسامعات حفظوا هذه الآية، فهي أغلى من قنطار من ذهب، بل أبناء العوام في الحلقة يقرءون هذا النداء، وهذا يدل على أننا تغيرنا بعض الشيء، والحمد لله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]. فهذه تبقى نوراً في قلبك، وأمر بها كل مؤمن ومؤمنة خالف المنهج وأعرض عن الله، وقل: يا عبد الله! إن الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]. وأنت مؤمن، فاتق الله، واترك السيجارة من جيبك ومن يدك، وكف لسانك عن الغيبة والنميمة، وغض بصرك عن النظر إلى النساء المؤمنات، فأنت مؤمن، فلا تتكلم في فلان، فهذه غيبة وحرام، وأنت مؤمن، والله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]. لا مع الكاذبين ومجالسهم وأباطيلهم وترهاتهم، ولكن مع أهل الصدق، فكن معهم، وجالسهم وتعامل معهم، واسكن إلى جنبهم، وكن دائماً كذلك ظاهراً وباطناً؛ لما في ذلك من المناعة والحصانة؛ لأن الصادق لا يكذب، بل يصدق، وهو لا يسرق، بل هو صادق في سلوكه.
فهذه دعوة من الله لكم أيها المؤمنون! بأن تتقوه وتلازموا باب التقوى، وأن تكونوا مع جماعات الصدق، ولا تجالسوا أهل الكذب والباطل.
والآن مع [ الشرح ] والبيان؛ لنزداد نوراً بعد نور: [ اذكر أيها القارئ! ] والمستمع! والقارئ ليس هو قارئ البقرة أو يس على الموتى، وإنما هو الذي يقرأ هذه النداءات التسعين، ويجب على المؤمنين أن يقرءوها، فقد بلغنا أن سيدكم ناداكم، فاستجيبوا له، والذي قال: لا أستجيب قد قطع صلته بمولاه، ولم يصبح وليه ولا عبده. فكل من يحسن القراءة ينبغي أن يستمع إلى نداءات الله التي جمعت في هذا الكتاب، والذي لا يحسن القراءة ينبغي أن يقول لمن يقرأ: أسمعني نداءات ربي، ويفعل هذا، وفي كل يوم يسمع نداء حتى يستوفيها ويحفظها، ويفهم مراد الله تعالى منها، فإن كان عقيدة اعتقدها، وإن كان قولاً قاله، وإن كان عملاً عمله؛ حتى يحقق ولاية الله له.
نداء الرحمن لأهل الإيمان لأنهم أهل الاستجابة
الأمر بتقوى الله عز وجل وسببه
قال: [ والمؤمن العارف ] وهناك مؤمن غير عارف، كأن يكون آمن أمس، أو آمن قبل عشر سنوات، ولكنه لم يدرس، ولم يتعلم، فهو ليس عارفاً. فهذا المؤمن العارف [ يسره ] أي: يفرحه [ أمر ربه تعالى له ولغيره بالتقوى ] فالمؤمن العارف إذا أُمر بالتقوى انشرح صدره، وطابت نفسه، وفرح لأن الله أمره بهذا [ لعلمه ] كما تعلمون [ أن ولاية الله تعالى - وهي أشرف هدف، وأسمى غاية، وأعز مطلب- لا تتحقق للمؤمن إلا بالتقوى ] وقد قرأنا هذا الآن وعرفناه، وأصبح من الضروريات؛ لملازمتنا طلب العلم. وإذا أمرك الله بالتقوى فافرح بهذا، ولا تخاف وتحزن، بل كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]. ووالله لئن تسافر إلى اليابان من أجل أن تفهم هذه القضية بالذات وتعود لكان ذاك الصبر لا قيمة له بالنسبة إلى ما علمت.
فولاية الله تحصل للعبد فقط بطريق الإيمان والتقوى، ومن كفر وفجر فهو عدو الله، ومن آمن واتقى فهو ولي الله، وإذا عرفتم ولي الله فلا يجوز أن تكذبوا عليه، ولا أن تشتموه وتغتابوه، ولا تتعرضون لناقته أو لبستانه؛ لأنه ولي الله، وقد كان أجدادكم أيام الجهل يخافون ولي الله المدفون ويرهبونه أكثر من الله، وقد سمعت بهذه الأذن في المجلس وأنا صبي أجلس مع الكبار: أن فلاناً إذا زنى لا يمر بالسيد فلان، بل يمشي شارع آخر، وأما الشارع الذي فيه قبة سيدي فلان فلا يمر به؛ لأنه خائف لأنه فجر، فادرسوا هذه القضية، أو ضعوها بين أيدي علماء النفس، فالله خالقه ورازقه وربه ومولاه يعصيه ويفجر بأمته، التي هي بنت أو امرأة عبده ووليه ولا يخاف، ويخاف إذا مر بسيده فلان! فافهموا هذا، فهذا حالنا منذ أكثر من ثمانمائة سنة! إلا من رحم الله. وسبب هذا يا عباد الله! هو الجهل والله، وليس شيء آخر سواه. فقد سقوا الجهل كالشراب، أو أطعموه كالطعام، والسبب هو أنهم ما وجدوا من يجمعهم في بيت ربهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم قروناً، فجهلوا، ومعنى هذا: أنه يوجد اليوم جهل بين المسلمين، ولا تسأل. والطريق إلى إنقاذهم: أن نجمعهم في بيوت ربهم، فعلى المسئول في الحي والقرية أو الشيخ أن يجمع أهل قريته بنسائهم وأطفالهم كل ليلة بعد أن يتركون العمل الدنيوي، ويشهدون صلاة المغرب والعشاء في بيت ربهم برجالهم ونسائهم وأطفالهم، ويتعلمون الكتاب والحكمة يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، وإذا بهم كلهم علماء النساء كالرجال، وإن كانوا والله لا يقرءون ولا يكتبون. وبعد ذلك لا يبقى مجال للعهر والزنا، ولا للسرقة ولا للكبر ولا للحسد، ولا للظلم ولا للشر، وينتهي كل ذلك، بعد أن علموا وأصبحوا أولياء الله.
وقد وقع هذا الكلام، وهو ليس خيالاً، بل الغافل يقول: هذا خيال، يمليه الشيطان لهم، وأما فتح المقاهي والملاهي والملاعب فليس خيالاً، بل حقيقة هذا، وأما الاجتماع على قال الله وقال رسوله فهو خيال، فالكافرون والله لا يستطيعون أن يفعلوا هذا؛ لأنهم أموات، وإذا كانوا مؤمنين أحياء فإنهم والله يستطيعون ذلك.
ثمار تقوى الله عز وجل
إذاً: ثمرة فعل الأمر وترك النهي هو تزكية النفس، وهي لا تزكى لا بالماء ولا بالصابون ولا بالحيل أبداً، وإنما بامتثال الأوامر وتأديتها كما هي، والابتعاد عن المنهيات الملوثة المخبثة للنفس.
ما تتحقق به تقوى الله عز وجل
ومن آثار السلف الصالح في هذا: أن زائراً نزل عند أخيه ضيفاً، فقام يتهجد في الليل، فقرأ من آل عمران حتى انتهى إلى قول الله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18]. وأخذ يدعو ويتكلم مع الله، فذاك الضيف أراد أن يعرف ماذا قال بعد هذا، فلما استيقظ قال: البارحة كنت تتهجد - زادك الله نوراً- وقلت دعاء ما عرفته، فقال له: اسمع! إن تقم عندنا عاماً كاملاً أعلمك؛ فقد أراده أن يتعلم علوماً أخرى ومعارف، فحبسه من أجل هذه الدعوة، وهي عندما تقول: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18] فإنك تقول: وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودعك اللهم هذه الشهادة، فهي عندك وديعة، فردها إلي يوم القيامة، أو عند الحاجة إليها، فجلس محبوساً عاماً كاملاً من أجل هذه أيام أن كانوا في العلو، وأنت لما تقرأ هذه الآية وأنت تتهجد أو تقرأ القرآن فقل: وأنا أستودعك اللهم هذه الشهادة، وهذه الشهادة هي: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ [آل عمران:18] أيضاً شهدوا. وَأُوْلُوا الْعِلْمِ [آل عمران:18] شهدوا أيضاً. فقل أنت: وأنا أيضاً أشهد بما شهد الله به، وأستودعك اللهم هذه الشهادة، فأتركها عندك وديعة، تردها إلي عند الحاجة إليها، إما في القبر وإما يوم القيامة.
الأمر بأن نكون مع الصادقين
قال: ( ولا يزال الرجل يصدق ) [ ( ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ). فإذا كتب صديقاً أصبح من أمثال أبي بكر الصديق رضي الله عنه ] وإن لم يكن هو لكنه من أمثاله [ إذ لقبه الرسول صلى الله عليه وسلم بـالصديق ] فالذي لقب أبا بكر بـالصديق هو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صدق وصدق فقال له: أنت صديق [ والقرآن ] قد [ أشار إليه في قوله تعالى: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [الزمر:33] ] فالذي جاء بالصدق هو الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ] وأبو بكر الصديق هو أول من آمن في الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، فلهذا لقب بـالصديق ، ومن أراد أن يكون صديقاً من الليلة فلتكن نيته وأعماله أقواله صادقة فقط، وسيكون من الصديقين.
قال: [ وهناك سبيل آخر ] وطريق أخرى [ للكون مع الصديقين، وهو طاعة الله ورسوله في الظاهر والباطن .. في السر والعلن .. في العسر واليسر على حد سواء؛ إذ قال الله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ [النساء:69] ] أي: المطيعون [ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69] ] فأطع الله والرسول طاعة كاملة تامة، لا نقص فيها، وستكون مع مواكب الصديقين ومنهم، وهذا وعد الله [ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا [النساء:69-70] ].
سبب نزول قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
قال: [ ولما صبروا صادقين أنزل الله ] تعالى [ توبتهم في قوله: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:118-119] ] فطلب منا أن نكون معهم، وهم وإن كانوا متخلفين إلا أنهم لما صدقوا ارتفعوا، وأصبحنا نحن نُطالب أن نكون مثلهم. هذا هو الصدق [ فدلت الآيات على أن الله تعالى نجا الثلاثة الذين خلفوا، وتاب عليهم بصدقهم، فلذا دعا عباده المؤمنين إلى الصدق؛ لما فيه من الخير والبركة والفوز بالنجاة من النار، ودخول الجنة دار الأبرار. اللهم اجعلنا من عبادك الصادقين ] واحشرنا في زمرتهم. آمين [ وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].