أم عاصم قيل: إن اسمها ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، القرشية العدوية، أم عمر بن عبد العزيز. حدثت عن أبيها عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم الإدام الخل. حدث سالم الأفطس أن عمر بن عبد العزيز رمحته دابة، وهو غلام بدمشق، فضمته أم عاصم أمه إليها، وجعلت تمسح الدم عن وجهه، ودخل أبوه عليها على تلك الحال، فأقبلت عليه تعذله وتلومه وتقول: ضيعت ابني، ولم تضم إليه خادماً ولا حاضناً يحفظه من مثل هذا! فقال: اسكتي يا أم عاصم، فطوباك إن كان أشج بني أمية. لما أراد عبد العزيز بن مروان أن يتزوج أم عمر بن عبد العزيز قال لقيمة: اجمع لي أربع مئة دينار من طيب مالي، فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح. فتزوج أم عمر بن عبد العزيز. لما ماتت رقية بنت عمر بن الخطاب عند إبراهيم بن نعيم بن عبد الله، انصرف به عاصم إلى منزله، فأخرج إليه ابنتيه حفصة وأم عاصم، فقال له: اختر أيهما شئت فإنا لا نحب أن ينقطع صهرك. قال إبراهيم: لم يخف علي أن أم عاصم أجمل المرأتين، فتجاوزت عنها وقلت: يصيب بها أبوها رغبة من بعض الملوك؛ لما رأيت من جمالها، وتزوجت حفصة. فتزوج عبد العزيز بن مروان أم عاصم؛ فولدت له عمر بن عبد العزيز، وإخوة له؛ ثم هلكت عنده، وهلك إبراهيم بن نعيم عن حفصة بنت عاصم، فتزوجها عبد العزيز بن مروان بعد مهلك أم عاصم، وحملت إليه بمصر. وكان بأيلة إنسان به خبل يقال له: شرشرين، فلما مرت به أم عاصم، تعرض لها، فأعطته وأحسنت إليه؛ ثم مرت به بعدها حفصة بنت عاصم، فتعرض لها، فلم ترفع به رأساً، فسئل: أين حفصة من أم عاصم؟ فقال: ليست حفصة من رجال أم عاصم. مر عمر بعجوز تبيع لبناً معها في سوق الليل. فقال لها: يا عجوز، لا تغشي المسلمين وزوار بيت الله عز وجل، ولا تشوبي اللبن بالماء. فقالت: نعم يا أمير المؤمنين. ثم مر بعد ذلك، فقال: يا عجوز، ألم أتقدم إليك أن لا تشوبي لبنك بالماء؟ فقالت: والله ما فعلت. فتكلمت ابنة لها من داخل الخباء، فقالت: يا أمة، أغشاً وكذباً جمعت على نفسك؟! فسمعهما عمر، فهم بمعاقبة العجوز، فتركها لكلام ابنتها، ثم التفت إلى بنيه فقال: أيكم يتزوج هذه، فلعل الله أن يخرج منها نسمة طيبة مثلها. فقال عاصم بن عمر: أنا أتزوجها يا أمير المؤمنين. فتزوجها؛ فولدت له أم عاصم، فتزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان؛ فولدت له عمر بن عبد العزيز. وقيل: أن عمر بينا وهو يعس بالمدينة أعيا، فاتكأ على جدار، فإذا امرأه تقول لابنتها: قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء. فقالت: يا أمتاه، وما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت: وما كان من عزمته؟ قالت: نادى مناديه: لا يشاب اللبن بالماء. فقالت لها: يا بنتاه، قومي فامذقيه. فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر. فقالت الصبية: ما كنت أطيعه في الملأ، وأعصيه في الخلاء. وعمر يسمع كل ذلك فقال: يا أسلم علم الباب، واعرف الموضع. ومضى في عسه. فلما أصبح قال: يا أسلم، امض إلى ذلك الموضع فانظر من القائلة والمقول لها، وهل لهم من بعل. فإذا أيم لا بعل لها، وإذا تيك أمها، ليس لهم رجل. فأخبر عمر، فجمع ولده، وقال: فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه؟ ولو كان بأبيكم حركة إلى النساء؛ ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية. فزوجها من عاصم الحديث. وقيل: كان عمر بمنى فعطش، فانتهى إلى عجوز، فاستسقاها ماء، فقالت: ما عندنا. فقال: لبن. فقالت: ما عندنا. فبدرت جارية فقالت لها: أتكذبين وما تستحين؟! ثم قالت لعمر: هذا السقاء يه لبن. فسأل عمر عن الجارية، فإذا أبوها ثقفي. فزوجها من عاصم، فولدت أم عاصم، فتزوجها عبد العزيز، فولدت له عمر بن عبد العزيز. وقيل: إنها قالت لأمها لما أمرتها بالمذق، لا أكون ممن يعصي عمر. فقال عمر لابنه عاصم: اذهب إلى موضع كذا وكذا، وانظر جارية كذا وكذا وصفها له فإن كان لها زوج، فبارك الله لزوجها، وإن لم يكن لها زوج فتزوجها، فإني أرجو أن يخرج الله منها سليلة تسود العرب. فذهب وسأل وتزوجها. بكى عمر بن عبد العزيز، وهو صغير قد جمع القرآن، فأرسلت إليه أمه، فقالت: ما يبكيك؟ قال: ذكر الموت. فبكت أمه من ذلك. لما ورد عمر بن عبد العزيز مظالم أهل بيته، وأخذهم بالحق قال مولى لآل مروان، بربري: وأنتم أيضاً تزوجوا بنات عمر بن الخطاب.