بيانات الراوي من موسوعة الأعلام
مختصر تاريخ دمشق - ابن منظور
أبو مشجعة بن ربعي الجهني
عم مسلمة بن عبد الله. شهد خطبة عمر بالجابية.
قال أبو مشجعة: عدنا مع عثمان بن عفان مريضاً، فسمعته يقول: خاض في رحمة الله، فإذا جلس عند مريض، غمرته الرحمة. قال: قلنا له: أشيء سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: بل سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحدث أبو مشجعة عن أبي الدرداء قال: ما دعي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى لحم إلا أجاب، ولا أهدي له إلا قبله. حدث أبو مشجعة عن أبي زميل الجهني، قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى الصبح قال، وهو ثانٍ رجليه: سبحان الله وبحمده، وأستغفر الله، إن الله كان تواباً. سبعين مرة ثم يقول: سبعين، بسبع مئة، لا خير فيمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبع مئة، ثم يقول ذلك مرتين، ثم يستقبل الناس بوجهه وكان تعجبه الرؤيا، ثم يقول: هل رأى أحد منكم شيئاً؟ قال ابن زمل: فقلت: أنا يا نبي الله. قال: خير تلقاه، وشر توقاه، وخير لنا، وشر على أعدائنا، والحمد لله رب
العالمين، اقصص. فقلت: رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب، والناس على الجادة منطلقين، فبينما هم كذلك إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله، يرف رفيفاً يقطر ماؤه، فيه من أنواع الكلأ. قال: فكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق، فلم يظلموه يميناً ولا شمالاً. قال: فكأني أنظر إليهم منطلقين، ثم جاءت الرعلة الثانية، وهم أكثر منهم أضعافاً، فلما أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق، فمنهم المرتع، ومنهم الآخذ الضغث ومضوا على ذلك. قال: ثم قدم عظم الناس فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا: هذا حين المنزل. كأني أنظر إليهم يميلون يميناً وشمالاً. فلما رأيت ذلك لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج فإذا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات، وأنت في أعلاها درجة، وإذا عن يمينك رجل آدم شتل أقنى، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولاً، وإذا عن يسارك رجل ربعة تار أحمر كثير خيلان الوجه، كأنما حمم شعره بالماء، إذا هو تكلم أصغيتم له إكراماً له. وإذا أمامكم رجل شيخ أشبه الناس بك خلقاً ووجهاً، كلكم تؤمونه تريدونه. وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف فإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعتها. قال: فانتقع لون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساعة ثم سري عنه فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب، فذاك ما حملتكم عليه من الهدى، وأنتم عليه.
وأما المرج الذي رأيت فالدنيا وغضارة عيشها، مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها ولم تتعلق منا، ولم نردها، ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا، وهم أكثر منا أضعافاً، فمنهم المرتع، ومنهم الآخذ الضغث، ونجوا على ذلك. ثم جاء عظم الناس فمالوا في المرج يميناً وشمالاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وأما أنت فمضيت على طريق صالحة، فلن تزال عليها حتى تلقاني. وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات، وأنا في أعلاها درجة، فالدنيا سبعة آلاف سنة، أنا في آخرها ألفاً.
وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشتل فذاك موسى عليه السلام، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه. والذي رأيت عن يساري التار الربعة، الكثير خيلان الوجه، كأنما حمم شعره بالماء، فذاك عيسى بن مريم نكرمه إكرام الله إياه. وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقاً ووجهاً، فذاك أبونا إبراهيم، كلنا نؤمه ونقتدي به. وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أتبعها، فهي الساعة، علينا تقوم، لا نبي بعدي، ولا أمة بعد أمتي. قال: فما سأل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل فيحدثه بها متبرعاً.
الطريق الرحب: الواسع. واللاحب: الطريق المنقاد الذي لا ينقطع. يرف رفيفاً: يقال ذلك للشيء إذا كثر ماؤه من النعمة والغضاضة حتى يكاد يهتز. والرعلة: يقال للقطعة من الفرسان رعلة، ولجماعة الخيل: رعيل. وأشفوا على المرج: أشرفوا، ولا يكاد يقال: أشفى، إلا على الشر، وكذلك هو على شفى، أكثر ما يستعمل في الشر، وأكبوا رواحلهم: هكذا ورد، وإنما هو كبوا رواحلهم. وكببت الإناء: قلبته، وكبه الله لوجهه
بغير ألف وأكببته أنا على عملي، ومعنى كبوا رواحلهم: ألزموها الطريق. وكببت الجزور: عقرته. وقوله المرتع: يقال: رتعت الإبل إذا رعت، وأرتع الرجل: إذا خلى الركاب ترعى، ومنه قوله " يرتع ويلعب " والمدنيون يقرؤون " يرتع " بكسر العين، أي: يحفظ بعضنا بعضاً. ومنهم الآخذ الضغث، الضغث: الحزمة تجمعها من الخلاء ومن العيدان، أراد أن الفرقة الثانية نالت من الدنيا، وأن الأولى لم تنل شيئاً. لزموا الطريق فلم يظلموه، أي: يعدلوا عنه، وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه. وقوله: قالوا: هذا حين المنزل: يريد أنهم ركنوا إلى ما في المرج من الرعي، وأوطنوه، وتخلفوا عن الفرقتين المتقدمتين. وقوله: يكاد يفرع الرجال: أي يطولهم. وقوله: فانتقع لون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي تغير. يقال: امتقع وانتقع. والجيدة: امتقع. وقوله: ثم سري عنه: أي كشف ذلك عنه. قال أبو مشجعة: لما قدم عمر بن الخطاب الجابية لفرض الخراج، وذلك بعد وقعة اليرموك، قال: فشهدته دعا بكرسي من كراسي الكنيسة، فقام عليه، فقال: إن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فينا فقال: أيها الناس، إن خياركم أصحابي، ألا ثم الذين يلونهم ألا ثم يظهر الكذب، ويكثر الحلف، حتى يحلف الرجل وإن لم يستحلف، ويشهد وإن لم يستشهد، ألا فمن أراد بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة، يد ربكم على الجماعة، ألا وإن الشيطان ذئب بني آدم، فهو مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، ألا لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له إلا كان الشيطان ثالثهما، ألا من ساءته سيئاته وسرته حسناته فهو مؤمن، قمت فيكم بقد ما قام به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فينا.
ثم ارتحل حتى نزل أذرعات. وقد ولى على الشام يزيد بن أبي سفيان. فدعا بغدائه، فلما فرغ من الثريد وضعت بين يديه قطعة أخرى، فصاح وقال: ما هذا؟
فأرسل يزيد إلى معاوية، وكان صاحب أمره. فقال معاوية: ما الذي أنكرت يا أمير المؤمنين؟ قال: ما بالي توضع بين يدي قصعة، ثم ترفع وتوضع أخرى؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنك هبطت أرضاً كثيرة الأطعمة، فخفت عليك وخامتها، فأشر إلى أيها شئت حتى ألزمكه فأشار إلى الثريد. فقال قسطنطين لمعاوية: خادماً خرجت منها. فلما فرغ من غذائه قام قسطنطين وهو صاحب بصرى بينيديه فقال: يا أمير المؤمنين، إن أبا عبيدة قد فرض علي الخراج، فاكتب لي به. فأنكر عمر ذلك. قال: وما فرض عليك؟ قال: فرض علي أربعة دراهم وعباءة على كل جلجلة يعني الجماجم فقال عمر لأبي عبيدة: ما يقول هذا؟ قال: كذب، ولكني كنت صالحته على ما ذكر ليستمتع به المسلمون في شتائهم هذا، ثم تقدم أنت فتكون الذي يفرض عليهم الخراج. فقال له عمر: أبو عبيدة أصدق عندنا منك. فقال قسطنطين: صدق أبو عبيدة وكذبت أنا. قال: فويحك، ما أردت بمقالتك؟ قال: أردت أن أخدعك، ولكن افرض علي يا أمير المؤمنين أنت علينا الآن. فجاثاه الفتى مجاثاة الخصم عامة النهار. ففرض على الغني ثمانية وأربعين درهماً، وعلى الوسط أربعة وعشرين، وعلى المفلس المدقع اثني عشر، وشرط عليهم عمر أن يشاطرهم منازلهم، وينزل فيها المسلمون، وعلى ألا يضربوا بناقوس، ولا يرفعوا صليباً إلا في جوف كنيسة، وعلى ألا يحدثوا إلا ما في أيديهم، وعلى ألا يقروا خنزيراً بين أظهر المسلمين، وعلى أن يقروا ضيفهم يوماً وليلة، وعلى أن يحملوا راجلهم من رستاق إلى رستاق، وعلى أن يناصحوهم ولا يغشوهم، وعلى ألا يمالئوا عليهم عدواً. فمن وفى لنا وفينا له ومنعناه مما نمنع منه نساءنا وأبناءنا، ومن انتهك شيئاً من ذلك، استحللنا بذلك سفك دمه وسباء أهله وماله. فقال له قسطنطين: يا أمير المؤمنين، اكتب لي كتاباً. قال: نعم. ثم ذكر عمر فقال: أستثني عليك معرة الجيش فقال له النبطي: لك ثنياك وقبح الله من أقالك. فلما فرغ، قال له قسطنطين: يا أمير المؤمنين، قم في الناس فأعلمهم كتابك، ليتناهوا عن ظلمنا، والفساد علينا. فقام عمر فخطب خطبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما بلغ: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. قال النبطي: إن الله لا يضل أحداً. فقال عمر: ما يقول؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، شيئاً تكلم به. فعاد عمر في الخطبة،
ثم أعاد النبطي المقالة، فقال: أخبروني ما يقول؟ قالوا: إنه يقول: إن الله لا يضل أحداً. فقال عمر: والذي نفسي بيده، لئن عدت لأضربن الذي فيه عيناك. ومضى عمر في خطبته، فلما فرغ، قام قسطنطين فقال: يا أمير المؤمنين. لي إليك حاجة، فاقضها لي، فإن لي عليك حقاً. قال:
وما حقك علينا؟ قال: إني أول من أقر لك بالصغار. قال: وما حاجتك؟ إن كان لك فيها منفعة فعلنا. قال: تغدى عندي أنت وأصحابك، قال: ويحك، إن ذلك يضرك. قال: ولكنها مكرمة وشرف أناله. قال: فانطق حتى نأتيك. قال: فانطلق، فهياً في كنيسة بصرى ونجدها وهيأ فيها الأطعمة، وقباب الخبيص وكانوناً عليه المجمر. فلما جاء عمر وأصحابه نزلوا في بعض البيادر، ثم خرج يمشي، وتبعه الناس، والنبطي بين يديه، ثم بدا لعمر فقال: لا يتبعني أحد. ومضى هو والنبطي، فلما دخل الكنيسة إذا هو بالستور والبسط وقباب الخبيص والمجمر. فقال عمر للنبطي: ويلك، لو نظر من خلفي إلى ما ها هنا لفسدت علي قلوبهم، اهتك ما أرى. قال: يا أمير المؤمنين، إني أحب أن ينظروا إلى نعمة الله تعالى علي. قال: إن أردت أن نأكل طعامك فاصنع ما آمرك. فهتك الستور، ونزع البسط، واخرج عنه المجمر. ثم قال: اخرج إلى رحالنا، فأتني بأنطاع، فأخذها عمر فبسطها في الكنيسة، ثم عمد إلى ذلك الخبيص وما كان هيأ، فعكس بعضه على بعض وقال له: أعندك شيء آخر؟ قال: نعم، عندنا بقل وشواء قال: ائتني به قال: فأخذه فخلط الشواء بالخبيص بعضه على بعض، وجعل يحمل بين يديه ويجعله على الأنطاع. فقال النبطي: يا أمير المؤمنين، إن هذا الطعام لا يؤكل هكذا! فقال عمر: ويل لك ولأصحابك إذا جاء من يحسن يأكل هذا. ثم قال: ادع الناس. فجاءوا، فجثوا على ركبهم فأقبلوا يأكلون، فربما وقعت اللقمة من الخبيص في فم الرجل فيقول: إن هذا طعام ما رأيناه. فيقول عمر: ويلك، أما تسمع؟ كيف لو رأيت ما رأيت. فلما فرغوا، قال النبطي لمعاوية: إن الأحبار والرهبان قد اجتمعوا، وهم يريدون أن ينظروا إلى أمير المؤمنين، وإنما عليه أخلاق وسخة، فهل لك أن تخدعه حتى ينزعها ويلبس ثياباً، حتى يقضي جمعته؟ فقال له معاوية: أما أنا فلا أدخل
في هذا بعد إذ نجوت منه أمس. فقال له النبطي: يا أمير المؤمنين، ثيابك قد اتسخت، فإن رأيت أن تعطيناها حتى نغسلها ونرمها قال: نعم. فغسل الثياب وتركها في الماء، ثم هيأ له قميصاً مروياً ورداءً قصباً. فلما حضرت الجمعة قال له عمر ائتني بثيابي. فقال له: يا أمير المؤمنين، ما جفت، ونحن نعيرك ثوبين حتى تقضي جمعتك. فقال: أرني. فلما نظر إلى القميص قال: ويحك!! كأنما رفي هذا رفواً. اغربهما عني، وائتني بثيابي. فجاء بها تقطر، فجعل يتناولها، وجعل النبطي يأخذ بطرف الثوب، وعمر بالطرف الآخر، ويعصرها، ثم دعا بكرسي من كراسي الكنيسة فقام عليه يخطب الناس، ويمسح ثيابه ويمددها قال: فسأله: أي شيء كانت ثيابه؟ قال: غزل كتان. قال: فجاءت الرهبان فقاموا وراء الناس، وعليهم البرانس تبرق بريقاً، ومعهم العصي فيها تفاح الفضة، ومعهم المواكب. فلما نظروا إلى هيئته قالوا: أنتم الرهبان؟! لا والله، ولكن هذه الرهبانية، ما أنتم عنده إلا ملوك.
ثم ارتحل عمر إلى دمشق، فشاطرهم منازلهم وكنائسهم، وجعل يأخذ الحيز القبلي من الكنيسة لمسجد المسلمين، لأنها أنظف وأطهر، وجعل يأخذ هو بطرف الحبل، ويأخذ النبطي بطرف الحبل، حتى شاطرهم منازلهم. قال: فربما أن خف فأخذ الحبل منه فأعقبه. ففرغ عمر من دمشق وحمص، وبعث أبا عبيدة إلى قنسرين وحلب ومنبج، ففعل بها كما فعل عمر، ورجع عمر من حمص إلى المدينة. ولما نزل أبو عبيدة منبج بعث عياض بن غنم في عشرين فارساً، فأتى الرها وقد اجتمع بها أهل الجزيرة من الأنباط، فأتاها ابن غنم، فوقف عند بابها الشرقي على فرس أحمر محذوف قال من سمع عياضاً وهو يدعوهم إلى الإسلام: فأبوا عليه، فعرض عليهم الجزية، فأقروا وقد عرفوا شرط عمر بن الخطاب على أهل الشام فقالوا: نقر، على أن
نشترط، قال: نعم، فاشترطوا كنائسهم التي في أيديهم على أن يؤدوا خراجها وما لجأ إليها من طائر وصلمهم التي في كنيستهم الصلم: الخشبة التي يزعمون أن عيسى بن مريم صلب عليها، لم يقل صلبهم وسور مدينتهم. قال عياض: فإني أشترط أنا أيضاً. فاشترط عليهم أن يشاطرهم منازلهم وينزل فيها المسلمون، وعلى أن يحدثوا كنيسة إلا ما في أيديهم، وعلى ألا يرفعوا صليباً، ولا يضربوا بناقوس إلا في جوف كنيسة، وأن يقروا ضيف المسلمين يوماً وليلة، وعلى أن يحملوا راجل المسلمين من رستاق إلى رستاق، وعلى ألا يقروا خنزيراً بين ظهراني المسلمين، وعلى أن يناصحوا المسلمين فلا يغشوهم ولا يمالئوا عليهم عدواً، فمن وفى لنا وفينا له ومنعناه مما نمنع منه نساءنا وأبناءنا، ومن انتهك شيئاً من ذلك، استحللنا سفك دمه، وسباء أهله وماله. فقالوا: اكتب بيننا وبينك كتاباً، فتورك عياض على فرسه. فلما فرغ قالوا: اشهد لنا، فكتب: شهد الله وملائكته، وكفى بالله شهيداً. ودفع الكتاب إليهم. فدخل في شرطهم جميع أهل الجزيرة. وأما الأرض ففيء للمسلمين، وأنتم عمالهم فيها. في هذا الخبر أن عمر بن الخطاب جعل أهل الجزية طبقات، ففرض على أغنيائهم مقداراً من الجزية، وعلى المتوسط منهم مقداراً متوسطاً، بين ما فرض على أعلاهم طبقة، وما جعله على أدونهم في الوجد منزلة. وظهر ذلك من فعله، واستفاض في الصحابة، فلو ينكر أحد منهم ولا خالف، ثم تلاه في ذلك أئمة العلم في الأمصار. وكان الشافعي يرى أن لا يتجاوز في قدر الجزية ديناراً وعدله.