التَقْدِمة |
{ يدعو هذا النصُ إلى خلقِ رؤية جديدة في كتابة النص الشعري الذي يتخذ من اللغة العربية سبيلا له في الظهور. إنَّ هذا العمل في فصوله الثلاثة:( الجذور والوقت والروح)، يحتضن الرؤى التي تضيءُ النصَّ عبر إعادة بناء مكوناته القائمة على أزمنة مختلفة في أساليب التعب |
"م" |
عذاباتُ العاشقِ في نصٍ مفتوح |
( الجذور ) |
(المتن) |
{.... كان يكتب ما لا يكتبه الآخرون، يجهش بالبكاء حينا وحينا يداهمه فرحٌ غريبٌ. كانت لغته مفاتيح حزنه وسروره، أصواتها وأصداء نبراتها أحاسيسٌ وعيونٌ، يرى بها المخلوقات. |
قال لي وهو يقلبُ أوجاعه بين الظل وظله: إنك تكفُ عينيَّ عن الرؤيا. |
فأجبته والخوف ساكن عينيَّ: إنك ترى كلَّ شيء بعيدا عن الصوت. |
قال: هل ترى صوتي الذي أدركه الفراهيدي؟ |
فأجبته دون تردد: لكنَّ نثرَ الجاحظ..... |
قاطعني وقال وقد علت نبرات كلماته سقف جدار الغرفة وتماهت وقطرات المطر النازل في أحزان جدار الدار: تلك رؤية أخرى! |
وساد الصمت..} |
( النص ) |
" تلد الأشياء من بعضها البعض |
إلا أنت |
القائمُ في الأنوار، لا يراه أحد." |
*** |
يا ورقَ العنابِ، |
ترجلْ |
فالأطفالُ نيامُ |
والأرضُ تضيقُ بها الأرضُ |
والحزنُ مقرٌ ومقامُ |
والهائمُ في غربتهِ منذُ سنينٍ |
يسْكُنُهُ وطنٌ وهيامُ |
جسدٌ لليلِ، يباغتُهُ |
صوتٌ للمعنى وسرورُ |
جسدُ الليلِ ليلٌ يخرجُ فيه النورْ |
والعارفُ منكسرٌ مهجورْ |
والبيتُ سحابٌ فيه يدورْ |
نورٌ يتشظى في نورْ. |
*** |
يا ورقَ العنابِ |
ترجلْ ! |
فإنَّ المساءَ انحنى في النهاياتِ، |
والظلُّ بيتٌ، |
وكلُّ المعاني التي تشتهيها اللغاتْ، |
تميلُ إلى رغبةٍ في الوجودْ |
وكلُّي يهاجرُ كلي |
وصوتي ينوحُ بدمعٍ سجودْ |
وهذا الصباحُ، |
ترابٌ، |
تهادى على ضفتيه الخلودْ |
ومازلت وحدي، |
أشيحُ بطرفي شمالا وشرقا، |
وحيناً جنوباً، |
وحيناً إلى الغرب، أبغي الهجودْ. |
*** |
يا ورقَ العنابِ، |
أجبني! |
فأنا ما في الحلمِ أكونْ |
وطناً لبداياتِ العفةِ، |
وطناً أم بيتاً مجنونْ؟ |
في حلمي تحتبسُ الدمعةُ، |
عند تخوم البيتْ |
وعلى الطاولةِ، تتكدسُ أوراقُ الأمسِ، |
وفوقَ سريري، يتمددُ تاريخُكِ مكشوفاً، |
للهاثِ العشقِ الجامحِ في تاريخي، |
صدرُكِ ملتهباً بجراح العفةِ، |
ويدايَّ خيول جامحة في التكوينْ |
وأنا المستنفرُ ما بين الفخذين، |
أنوءُ بثقلي في واحات الرب، وتقطفني |
ثمرات الخالق في الشفتين، وأبدأ تكويني، |
كالليل التائهِ في صوتٍ من دون رنينْ |
والدمعُ الطافحُ في العينين، |
محتبسٌ، |
كالعتمةِ في كلِّ أنينْ. |
*** |
" كان فريدريش ( ) طفلاً |
يتناثرُ في أزقةِ فراكفورت |
يتشظى في أوجاع السياب |
والسيابُ نافذةٌ |
تختبئ في دموع فريدريش." |
*** |
فريدريش فريدريش فريدريش |
صوتُكَ يتناثرُ في الحكمةِ، |
والسيابُ مريضٌ |
يتناثرُ في كلِّ الأوجاع |
والبابُ المغلقُ، |
مفتوحٌ، منذُ العصر، |
لكنَّ الدمعَ الرقراقَ |
أضاعَ الرؤيا |
فالتبسَ العارفُ بالأشواقْ |
ومات الشاعرُ في لهجتهِ |
وعاش الشاعرُ في أطياف الحكمة والترياقْ. |
*** |
" رأيتُكَ شاعراً ونبيْ |
رأيتُ الكلامَ جرحاً والمحبةَ مطرْ |
رأيتُ كلَّ شيء |
ولم أر أحدْ." |
نابولي في 15.06.08 |
* : فريدريش هولدريلن : شاعر ألماني ( 1770-1834) ، ارتقى بما كتبه من شعر رومانطيقي حد التصوف. له عمل روائي وأناشيد لا تتنفس فيها إلا ذائقة روح تطفح بشعر جميل. |