إنَّ الفؤادَ هفَا للبائنِ الغردِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إنَّ الفؤادَ هفَا للبائنِ الغردِ | لَمَّا تَذَيَّلَ خَلْفَ العُنَّس الخُرُدِ |
والعيسُ تنقلُ نقلاً، وهْوَ يتبعُها | يمشي منَ الغيِّ مشيَ النَّابِ بالرَّبدِ |
واسْتَجْمَعَ الحَيُّ ظَعْناً، واسْتَبَدَّ بِهِم | نَاوٍ يَرَى الغَيَّ بالإتْباعِ كالرَّشَدِ |
مستقبلٌ، ولدتْهُ الجنُّ، أوْ ضربَتْ | فِيهِ الشَّياطِينُ، ذُو ضِغْنٍ وذُو حَسَدِ |
واستطربتْ ظعنُهُم، لمَّا احزألَّ بهمْ | آلُ الضُّحَى ، ناشطاً منْ داعياتِ ددِ |
ما زلتُ أتبعُهُمْ عيناً، مدامعُها | يُحْسَبْنَ رُمْــداً، ومَا بِالعَيْنِ مِنْ رَمَدِ |
حَتَّى اسْمَدَرَّ بَصِيرُ العَيْنِ، وابْتَدَرَتْ | أَخْصَامُها عَبْرَة ً مِنْ لاعِجِ الكَمَدِ |
يا طَيِّىء َ السَّهْلِ والأَجْبَالِ مُوعِدُكُمْ | كالمبتغي الصَّيدَ في عرِّيسة ِ الأسدِ |
واللَّيثُ منْ يلتمسْ صيداً بعقوتِهِ | يُعْرَجْ بِحَوْبائِهِ مِنْ أَحْرَزِ الجَسَدِ |
ضَجَّتْ تَمِيمٌ، وأخْزَتْها مَثَالِبُها | يُنْقَلْنَ مِنْ بَلَدٍ نَاءٍ إلَى بَلَدِ |
والقَيْنُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ عِنْدَ كَبْرَتِهِ | إلاَّ كمَا أبقتِ الأيَّامُ منْ لبدِ |
أبقينَ منهُ............ وسطَ محبرة ٍ | يكبو، وترفعُهُ الولدانُ بالعمدِ |
لا عزَّ نصرُ امرىء ٍ أضحى لهُ فرسٌ | عَلى تَميمٍ يُريدُ النَّصْرِ مِنْ أحَدِ |
إذا دعَا بشعارِ الأزدِ نفَّرهُمْ | كَمَا يُنَفِّرُ صَوْتُ اللَّيْثِ بالنَّقَدِ |
لَوْ حَانَ وِرْدُ تَميمٍ ثُمَّ قِيلَ لَهَا | حوضُ الرَّسولِ عليهِ الأزدُ، لمْ تردِ |
أوْ أنزلَ الله وحياً أنْ يعذِّبَها، | إنْ لمْ تعدْ لقتالِ الأزدِ، لمْ تعدِ |
وذاكَ أنَّ تميماً غادرتْ سلمَاً | لِلأزْدِ كُلَّ كَعَابٍ وَعْثَة ِ اللِّبَدِ |
مِثْلِ المَهاة ِ إذا ابْتُزَّتْ مَجاسِدُهَا | بغيرِ مهرٍ أصابوهَا ولاَ صعدِ |
خلَّتْ محارمِها للأزدِ ضاحية ً، | ولمْ تعرِّجْ على مالٍ ولا ولدِ |
لاَ تأمننَّ تميميّاً على جســدٍ | قــدْ ماتَ ما لمْ ترازيلْ أعظمُ الجسدِ |
لا يحسبُ القينُ أنَّ العابَ يغــسلُهُ | عَنْ قَوْمِهِ مَعْجُهُ بالزُّورِ والفَنَدِ |
والقَيْنُ إِنْ يَلْقَ منْ أيَّامِهِ عَنَتاً | يسقطْ بهِ الأمرُ في مستحكمِ العقدِ |
كبَعْضِ مَا كَانَ، مِن أيَّامِ أوَّلِنا | لاَقى بَنُو السِّيدِ مِنَّا لَيْلَة َ السَّنَدِ |
ودَارِمٌ قَدْ قَذَفْنا مِنْهُمُ مَائَة ً | في جَاحِمِ النَّارِ إِذْ يَنْزُونَ في الخُدَدِ |
يَنْزونَ بِالمُشْتوَى مِنْها، ويُوقِدُها | عَمْروٌ، ولَوْلا شُحُومُ القَوْمِ لَمْ تَقِدِ |
فاسألْ زرارة َ والمأمومَ مَا فعلَتْ | قتلَى أوارة َ منْ زغوانَ والكدَدِ |
إذْ يرسمانِ خلالَ الجيشِ محكمة ً | أَرْباقُ أَسْرِهِما في مُحْكَمِ القِدَدِ |
أبَيْتُ ضَبَّة َ تَهْجُوني لأهْجُوهَا؟ | أفٍ لضبَّة َ منْ مولى ً ومنْ عضُدِ! |
يا ضَبَّ، إِنْ تَكْفُري أيَّامَ نِعْمَتِنا | فقدْ كفرْتِ أيادي أنعُمٍِ تلدِ |
يومَا أوارة َ منْ أيَّامِ نعمتِنا، | ويومُ سلُمى يدٌ، يا ضبَّ، بعدَ يدِ |
وكلُّ لؤمٍ يبيدُ الدَّهرُ أثلتَهُ، | ولؤمُ ضبًّة َ لمْ ينقصْ ولمْ يبدِ |
لوْ كانَ يخفَى علَى الرَّحمنِ خافية ٌ | مِنْ خَلْقِهِ خَفِيَتْ عَنْهُ بَنُو أسَدِ |
لا يَنْفَعُ الأسَدِيَّ الدَّهْرَ مَطْمَعُهُ | في نفسهِ، ولهُ فضلٌ علَى أحدِ |
قومٌ أقامَ بدارِ الذُّلِّ أوَّلهُمْ | كما أقامتْ عليهِ جذمة ُ الوتدِ |
أَبْدَتْ فَضَائِحَهَا للأزْدِ، واعْتَذَرَتْ | بعــدَ الفــضيحة ِ بالبهتانِ والفندِ |
لكلِّ حيّ علَى الجعراءِ، قدْ علموا، | فَضْلٌ، ولَيْسَ لَكُمْ فَضْلٌ عَلَى أَحَدِ |
واسْأَلْ قُفَيْرَة َ بالمَرُّوتِ: هَلْ شَهِدَتْ | شوطَ الحطيئــة ِ بينَ الكسْرِ والنَّضدِ؟ |
أَوْ كَانَ في غَالِبٍ شِعْرٌ فيُشْبِهَهُ | شِعْرُ ابْنِهِ، فيَنَالَ الشِّعْرَ مَنْ صَدَدِ؟ |
جاءَتْ بهِ نطفة ً منْ شرِّ ماءٍ صرى ً، | سيقتْ إلى شرِّ وادٍ شقَّ في بلدِ |
فيمَ تقولُ تميمٌ؟ يا ابنَ قينهمُ، | وقَدْ صَدَقْتُ، ومَا إِنْ قُلْتُ عَنْ فَنَدِ |
ومنْ يرُمْ طيِّئاً يوماً، إذا زخرتْ | أرْفَادُها، يَتَوَعَّرْ وهْوَ في الــجَدَدَ |
قَحْطَانُ جِيبَتْ لِكَهْلاَنِ المُلُوكِ، كَما | جيبَ القبائلُ منْ كهلانَ عنْ أُدَدِ |
قومٌ لهمْ بعدَ شرقِ الأرضِ مغربُها | إِذا تَبَاسَقَ أَهْلُ الأرْضِ في كَبَدِ |
ومنْ يلبِّ يوافوهُ ببطنِ منى ً، | فَيْضَ الحَصَى ، مِنْ فِجاجِ الأيْمَنِ البُعُدِ |
فَفي تَمِيمٍ تُسامِيهِمْ؟ ومَا خُلِقُوا | حتّى مضتْ قسمة ُ الأحسابِ والعددِ |
لولا قريشٌ وحقٌّ في الكتابِ لها | وأنَّ طاعتهُمْ تهدي إلى الرَّشدِ |
دنَّا تميماً، كما كانتْ أوائلُنا | دانَتْ اَوائِلَهُمْ في سَالِفَ الأبَدِ |