بِإِحْرَازِكَ الْفَضْلَ الَّذِي بَهَرَ الْخَلْقا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
بِإِحْرَازِكَ الْفَضْلَ الَّذِي بَهَرَ الْخَلْقا | فرعتَ ذرى المجدِ الَّتي لمْ تكنْ ترقا |
وَمَنْ مَهَرَ الْعَلْيَاءَ حِلْماً وَنَائِلاً | ومحمية ً كانتْ حلالاً لهُ طلقا |
وقدْ زدتها منَ التَّقيَّة ِ نحلة ً | فكنتَ الأعفَّ الأحلمَ الأكرما الأتقا |
معاني معالٍ فقتَ لمَّا ابتدعتها | وَأَعْيَا الْوَرى مَا جَلَّ مِنْها وَمَا دَقَّا |
ركبتَ إلى المجدِ الرَّوامسَ وامتطوا | عرامسَ ما أبقى الكلالُ بها طرقا |
وحجَّتهمْ كانتْ لإشكالِ طرقهِ | فألاَّ وقدْ أوضحتَ للسَّالكِ الطُّرقا |
ومستبقٍ للأكرمينَ بمرْكضٍ | ترى الوفرَ مقنى ً فيهِ والشُّكرَ مستبقا |
عَلَوْتَ بِهِ الأجْوَادَ طُرّاً مَكارِماً | وفتَّ بهِ الأمجادَ قاطبة ً سبقا |
كَأَنَّكَ لاَ تَرْجُو لِذَا الْفَخْرِ أَنْ يُرى | محقاً إذا لم تفنِ ما حزتهُ محقا |
وَمَازِلْتَ ذَا الْفَضْلِ الَّذي صاقَبَ السُّهى | عُلُوّاً وَذَا الْقَوْلِ الَّذِي جانَبَ الْمَذْقا |
جلا عنْ جميعِ المسلمينَ غياثهمْ | خطوباً تحدَّتهمْ بأسهمها رشقا |
خَليلٌ أَتى مَأْتى الْخَلِيلِ بْنِ آزَرٍ | منَ الحلمِ والإغضاءِ قدْ آزرَ الخلقا |
فَأَبْقى عَلَى الْجانِينَ عَفْواً وَرَأْفَة ً | وَجَادَ عَلَى الْعافِينَ عَفْواً فَما أَبْقا |
وقدْ تلدُ المعروفَ أيدٍ كثيرة ٍ | وَلكِنَّها مِنْ قَبْلِهِ تُكْثِرُ الطَّلْقا |
سَرِيعٌ إِلى أُكْرُومَة ٍ وَحَمِيَّة ٍ | فلوْ رافقتهُ الرِّيحُ قالتْ لهُ رفقا |
يَفِيضُ نَدى ً فِيمَنْ أَطَاعَ وَمَنْ عَصى | أتتهُ سطاهُ مثلَ أنعمهِ دفقا |
منَ الأسرة ِ الشُّمِّ الَّذينَ تحمَّلوا | إلى كلِّ ذكرٍ طيِّبٍ كلَّ ما شقّا |
وذبُّوا عنِ الأعراضِ علماً بأنَّها | بغيرِ مياهِ البذلِ والعدلِ لا تبقا |
بَهالِيلُ كَمْ أَسْدَوا إِلى الدَّهْرِ مِنَّة ً | وسدُّوا بها خرقاً وسادوا بها خرقا |
رأيتُ الَّذي يبغي مداكَ كناصبٍ | حبائلهُ جهلاً ليقتنصَ العنقا |
مَلَكْتَ مِنَ الآفاقِ غَرْباً وَقِبْلَة ً | فَأَنْشَاْتَ عَزْماً يَطْلُبُ الشَّامَ وَالشَّرْقا |
وَقَدْ دَبَّ مِنْ أَقْصى الْمَشارِقِ حَيَّة ٌ | لَها لَدَغاتٌ لاَ تُداوى وَلاَ تُرْقا |
فَطَبَّقَ تِلْكَ الأرْضَ ظُلْماً وَظُلْمَة ً | فَكُنْ فَلَقاً يَجْلُو دَجُوجِيَّهُ فَلْقَا |
فَمِنْ دُونَ دِينٍ قَدْ تَوَلَّيْتَ نَصْرَهُ | قبائلُ منْ قيسٍ وقحطانَ ما تلقا |
هُمُ سَلَبُوا كِسْرى بْنَ ساسانَ مُلْكَهُ | وقبلهمُ عقَّ الملوكَ وما عُقّا |
وذادوا على اليرموكِ ذادة َ قيصرٍ | بِكُلِّ حُسامٍ يَمْنَعُ النَّاطِقَ النُّطْقا |
يُبالِغُ فِي نَهْيِ الطُّغاة ِ وَلَمْ يَقُلْ | وَيَقْسُو لَدى الْحَرْبِ الْعَوَانِ وَإِنْ رَقّا |
ولا شكَّ أنَّ التُّركَ ينسونَ رميهمْ | بطعنٍ بهِ أنسيتَ صنهاجة َ الزَّرقا |
أَلاَ فَارْمِهِمْ مِنْهُمْ بِكُلِّ ابنِ حُرَّة ٍ | يَهِيمُ بِيَوْمِ الرَّوْعِ مِنْ مَهْدِهِ عِشْقا |
تَطِيحُ بِهِ شَقّاءُ يُجْنَبُ خَلْفَها | إلى كلِّ حربٍ عثيرٌ قطُّ ما شُقّا |
جريءٍ يرى الإقدامَ حقّاً على الفتى | فيحملُ وقرَ العودِ منْ نجدة ٍ حقَّا |
يَحُثُّ الْجَوَادَ الأعْوَجِيَّ وَما وَنى | ويسقي الحسامَ المشرفيَّ وما استسقى |
منَ القومِ بزُّوا ربَّة َ الرُّومِ نفسها | بمنزلها الأقصى وما بلغوا العمقا |
رَمَيْتَ مِنَ الْعَزْمِ کلْوَحيَّ بِلاَدَها | بِصاعِقَة ٍ ما خِلْتُها بَعْدَها تَبْقا |
بَعَثْتَ لَهُمْ مِنْ كُلِّ خَرْقٍ وَقُلَّة ٍ | صوارمَ أعيتْ منْ يسدُّ لها خرقا |
فَأَجْرَتْ سُيُولاً مِنْ دِماءِ حُماتِهِمْ | أماتتْ بها الفرَّارُ من وقعها غرقا |
وَلَمْ نَرَ سَيْلاً قَبْلَهُ فَاضَ مِنْ دَمٍ | ولا قضباً هنديَّة ً قتلتْ خنقا |
وقدْ طالما أخَّرتَ جيشاً عنِ العدى | وَأَرْسَلْتَ رَأْياً مِثْلَ باعِثِهِ صَدْقَا |
فأذهبتَ بالإيعادِ شقَّ نفوسهمْ | وغادرتَ منها للظُّبى والقنا شقّا |
وَلَوْ شِئْتَ لَمْ تَتْرُكْ لِبيِضٍ مِنَ الظُّبى | وزرقٍ منَ الخرصانِ في مهجة ٍ رزقا |
وَلَكِنْ أَرَاكَ الْحَزْمُ أَنَّ وُرُودَها | دمَ المارقِ الغاوي لهيبتها أبقا |
قَرَعْتَ الرَّزَايا بِالرَّزَايا وَلَمْ تَكُنْ | بِمُسْتَعْمِلٍ فِي مَوْضِعِ الشِّدَّة ِ الرِّفْقا |
وَعَايَنْتَ مَاتَحْتَ الْغُيُوبِ فِرَاسَة ً | وفجرُ اليقينِ في دجى الشَّكِّ ما انشقَّا |
فلوْ كانَ ظنُّ الجاهليَّة ِ صادقاً | كظنِّكَ لمْ تسألْ سطيحاً ولا شقَّا |
مَسَاعٍ بِأَدْنَاهُنَّ تُسْتَعْبَدُ الْعُلى | وقبلكَ لمْ يملكْ لها أحدٌ رقَّا |
تحقَّقها الأدنونَ سمعاً ورؤية ً | وأشعرها الأقصونَ منَ عرفها نشقا |
وَأَنْجُمُ عَزْمٍ أَشْرَقَ الْمُلْكُ مُذْ بَدَتْ | فَدَامَتْ لَهُ وَقْفاً وَدُمْتَ لَها أُفْقا |
بإنعامكَ استغنيتُ عنْ كلِّ منعمٍ | وَمَنْ ظَلَّ تَحْتَ الْغَيْثِ لَمْ يَشِمِ الْبَرْقا |
أَبَتْ لِيَ ذَاكَ دِيمَة ٌ نَاصِرِيَّة ٌ | تفوقُ الحيا نفعاً وتكثرهُ ودقا |
وَصَائِنُ مَدْحِي عَنْ مَعَاشِرَ لاَ يَرى | اسفُّهمُ بينَ النَّدى والرَّدى فرقا |
ذوي الملقِ المنجابِ عنْ غيرِ بغية ٍ | وَكَمْ عَدِمَ الإحْسانَ مَنْ حَسَّنَ الْمَلقْا |
وَسَائِلُ مَاأَجْدَتْ لَدَيْهِمْ كَأَنَّها | مَسَائِلُ مِنْ عِلْمٍ عَلَى جَاهِلٍ تُلْقا |
سَقى اللَّهُ آمالاً سَمَا بِي طُمُوحُها | إلى الذِّروة ِ العلياءِ والعروة ِ الوثقا |
تركتُ أكفَّاً قرمطَ البخلُ رفدها | وعذتُ بكفٍّ في النَّدى تحسنُ المشقا |
فأمَّنتَ سرباً كانَ قدماً مروَّعاً | وأصفيتَ شرباً كنتُ أعهدهُ رنقا |
وَأَحْمَدْتَني الأيَّامَ مِنْ بَعْدِ ذَمِّها | على أنَّ دهراً عاقني عنكَ قدْ عقَّا |
وَلَوْ كانَ جِسْمِي مِثْلَ عَزْمِيَ لَمْ أُنِخْ | قَلاَئِصَ يُلْوِي بِالْحصى وَخْدُها ج |
جديليَّة ً ورقاً إذا جدَّ جدُّها | إِلى غَايَة ٍ ظُنَّتْ هَدِيِليَّة ً ورُقْا |
خَلِيلَ أَمِيرِ الْمُؤمِنينَ بِكَ اعْتَلى | مَقَالي وَقِدْماً كانَ كَالْحَرَضِ الْمُلْقا |
فجاوزتُ في مدحيكَ لمَّا نظمتهُ | فُحُولاً مَضَوْا مَاكُنْتُ أَرْجُو لَهُمْ لَحْقا |
وَصِرْتُ إِذَا مَا قَالَة ُ الشِّعْرِ قُلِّبَتْ | بضائعهمْ ألفيتُ أنفسهمْ علقا |
ولا حمدَ لي في حسنِ قولي وصدقهِ | ولكنَّهُ للملهمي الفضلَ والصِّدقا |
وقدْ تشكرُ الأرضُ العميمُ نباتُها | وَإِنْ كانَ مِنْ فِعْلِ الْغَمامِ الَّذي أَسْقا |
إذا طلبَ المملوكُ عتقَ مليكهِ | أبى ليَ ما أوليتَ أنْ أطلبَ العتقا |
فَلاَ زَالَ هذَا الْعِيدُ يَأْتى وَيَنْقَضي | وجدُّكَ قاضٍ أنَّ شانئكَ الأشقا |
فمنذُ ملكتَ الدَّهرَ لا زلتَ ربَّهُ | غَدَا فِعْلُهُ فِينَا مِنِ اسْمِكَ مُشْتَقَّا |
وَمَا هُوَ لِلإحْسانِ أَهْلاً وَإِنَّما | تَخَلَّقَهُ خَوْفاً فَصارَ لَهُ خُلْقا |
فَدُمْتَ مُوَقًّى فِي لِلأَجَلَّيْنِ صَرْفَهُ | فكمْ أرديا بطلاً وكمْ أحييا حقَّا |
لَقَدْ أَشْبَهاكَ هِزَّة ً وَنَزَاهَة ً | وَلاَ عَجَبٌ لِلْفَرْعِ أَنْ يُشْبِهَ الْعِرْقا |
بقيتَ وإنْ سيءَ العدى لتراهما | ولا منبرٌ إلاَّ بأمرهما يرقا |
وَلاَ زِلْتَ مَا كَرَّ الْجَدِيدَانِ سَاحِباً | ملابسَ منْ فخرٍ لغيركَ ما حقَّا |