سَرى والنَّسيمُ الرَّطبُ بالرَّوضِ يَعْبثُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سَرى والنَّسيمُ الرَّطبُ بالرَّوضِ يَعْبثُ | خَيالٌ بِأَذيالِ الدُّجى يَتَشَّبثُ |
طوى بُرْدَة َ الظَّلْماءِ، واللَّيْلُ ضارِبٌ | بِروقَيهِ، لا يلوي ولا يَتَلَّبثُ |
فَيمَّمَ عن عُفْرٍ طَليحَ صَبابة ٍ | وَلِلْفَجْرِ داعٍ بِاليَفَاعِ يُغَوِّثُ |
مُتَوَّجُ أَعلى قِمَّة ِ الرَّأسِ، ساحِبٌ | جَناحَيْهِ، في العَصْبِ اليَماني مُرَعَّثُ |
إذا ما دَعا لبَّاهُ حُمْشٌ، كَأَنَّها | تُفَتِّشُ عَن سِرِّ الصَّباحِ وَتَبْحَثُ |
لَكَ الله مِنْ زَورٍ، إذا كَتَمَ السُّرى | فَلا ضَوْؤُهُ يَخْفَى ، وَلا اللَّيلُ يَمْكُثُ |
يَنُمُّ عَلَيْنا الحَلْيُ، حَتّى إذا رَمَى | بِهِ باتَ واشِي العِطْرِ عَنّا يُحَدِّثُ |
لَهُ لَفتَة ُ الخِشفِ الأَغَنِّ وَنَظرَة ٌ | بِأَمْثالِها في عُقْدَة ِ السِّحْرِ يُنْفِثُ |
وقَدٌّ كَخوطِ البانِ غازَلَهُ الصَّبا | يُذكَّر أَحياناً وَحِيناً يُؤّنَّثُ |
وَقَد كادَ يَشكو حَجْلَهُ وسِوارُهُ | إليهِ وِشاحٌ يَشبَعانِ وَيغرَث |
وَمنْ بَيِّناتِ الشَّوقِ أنَّي على النَّوى | أَموتُ لِذِكْراهُ مِراراً وَأُبْعَثُ |
وَحَيْثُ يَقِيلُ الهَمُّ وَالحُبُّ جَذْوَة ٌ | على كَبدٍ مِنْ خشية ِ البَينِ تُفرثُ |
بَقايا جَوى ً تَحْتَ الضُّلوعِ كَأَنَّها | لَظى ً بِشآبيبِ الدُّموعِ يُؤَرَّثُ |
أَما وَالعُلا، واهاً لَها مِنْ أَليَّة ٍ | لَحَى الله مَنْ يُولِي بِها ثُمَّ يَحْنَثُ |
لأَبتعِثَنَّ العيِسَ شعثاً، ورَاءَها | أَسيمرُ جَوّابُ الدَّياميمِ أَشعَثُ |
طَوى عَنْ مَقَرِّ الهُونِ كَشْحَ ابنِ حُرَّة ٍ | لَهُ جانبٌ شأَزٌ وآخرُ أوْعَثُ |
وَأَعتَقَ مِنْ رِقَّ المطامِعِ عاتِقاً | بِثِنْيَييْ نِجَادِ المَشْرَفِيَّة ِ يُولَثُ |
يَبيتُ خميصاً مِنْ طَعَامٍ يشينُهُ | وَيَشْرَبُ سُمّاً في الإِناءِ يُمَيَّثُ |
فَلَيْتَ الّذي يُغضي الجٌفونَ عَلى القَذى | لَقى ً أُجهِضَتْ عَنهُ عَوارِكُ طُمَّثُ |
أُخيَّ إلى كَمْ تتَبعُ الغَيْثَ رائِداً | وفي غَير أَرضٍ تُنبتُ العِزَّ تَحرُثُ |
فَخَيَّمِ بِحيثُ الدَّهرُ يؤمَنُ كَيدُهُ | فَلا صَرْفُهُ يُخْشَى ، ولا الخَطْبُ يُكْرَثُ |
بِآلِ قُصَيٍّ حاوِلِ المَجْدَ تَنْصَرِفْ | عَلَى لَغَبٍ عَن شَأْوِكَ الرِّيحُ تَلْهَثُ |
جَحا جِحَة ٌ، بيضُ الوجوهِ، أكُفّهُمْ | سِباطٌ، مَتى تُسْتَمْطرِ الرِّفْدَ يُقْعِثوا |
إذا نَحنُ جاوَرنا زُهيرَ بنَ عامرٍ | فَلا جارُهُ يقصَى ، ولا الحبلُ يُنكثُ |
هُمامٌ يَرُدُّ المُعْضِلاتِ بِمَنَكِبٍ | تَسَدَّاهُ عِبءٌ لِلمكارِمِ مُجئِثُ |
مَهيبٌ، فَلا رائيهِ يَملأُ طَرْفَهُ | لَدَيهِ، وَلا نادِيِهِ يَلغو وَيَرْفثُ |
أَخو الكَلماتِ الغرِّ لا يستَطيعُها | لِسانُ دَعيّ في الفصاحة ِ ألوثُ |
إذَا انْتَسَبَتْ ألْفَيْتَها قُرَشِيَّة ً | تُشابُ بِعُلْويِّ اللُّغاتِ وَتَعلَثُ |
تَريعُ هوادِيها إليهِ، ودُونَها | مَدى ً في حَواشِيهِ المُقَصِّرُ يَدلِث |
وَيَهْفو بِعطفَيهِ الثَّناءُ كَما هَفا | نَزيفٌ يُغَنِّيهِ الغَريضُ وَعَثْعَثُ |
فَلا خَيرهُ يُطوَى ، وَلا الشَّرُّ يُتَّقَى | وَلا المُعْتَفِي يُجْفَى ، ولا العِرْضُ يُمْغَثُ |
وَيَوْمٍ تَظَلُّ الشَّمْسُ فِيهِ مريضَة ً | لِنَقْعٍ، بِجلبابِ الضُّحى يَتَضَبَّثُ |
رَمى طَرفيهِ بالمذاكي عَوابساً | وَخَبَّ إليهِ صارِخُ الحَيِّ يَنجُثُ |
فَما بالُ لاحيه يَلومُ على النَّدى | بِفيه إذا ما تَابَعَ العَذْلَ كِثكِثُ |
هُوَ البَحرُ، لا راجيهِ يَرتَشِفُ الصَّرى | وَلا مُجتَديهِ بالمَواعيدِ يُملثُ |
وَرَكْبٍ يَزُجُّون المَطايا كأَنَّهُم | أَثاروا بِها رُبْدَ النَّعامِ وَحَثْحَثُوا |
سَرَوا فأَنا خوها لَديكَ لَواغِباً | يَشِمْنَ بروقاً، وَدُقها لا يُرَّيثُ |
وَفارَقْنَ قَوْماً لا تَبِضُّ صَفاتُهُمْ | هُمْ وَرثوا اللُّؤمَ التَّليدَ وَأَورَثوا |
فَسَيَّانِ مَنْ لاحَ القَتِيرُ بِفُودِهِ | وَطِفْلٌ يُناغي وَدْعَتَيْهِ وَيَمْرُثُ |
لَهم صَفحاتٌ لا يَرقُّ أَديمُها | عَلَيها رُواءٌ كاسِفُ اللَّونِ أَبْغَثُ |
وَغِلْظَة ُ أَخْلاقٍ يُولِّدُها الغِنى | عَلى أَنَّهاِ عنْدَ الخَصاصَة ِ تَدْمُثُ |
لِئَنْ قَدُمَتْ تِلكَ المَساوي وَأكبرَتْ | فَما صَغُرَت عَنها مَعايبُ تَحدُثُ |
كَثيرونَ لَو يَنْمِيهِمُ ابنُ كَريهَة ٍ | حَلَيفُ الوَغى ، أَو ناسِكٌ مُتَحَنِّثُ |
أَسَفَّ بِهمْ عِرقٌ لَئيمٌ إلى الخَنَى | وَكَيفَ يَطيبُ الفَرعُ وَالأَصلُ يَخبُثُ |
وَأنتَ الَّذي تُعْطي المَكارِمَ حَقَّها | وَتَفْحَصُ عَن أسْوائِهِنَّ وَتَنْبِثُ |
إذَا قَدَحَ العافي بِزِنْدِكَ في النَّدَى | فَلا نارُهُ تَخْبو ، وَلا الزَّنْدُ يَغْلَثُ |