و هبَ الدَّهرُ نفيساً فاستردّ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
و هبَ الدَّهرُ نفيساً فاستردّ | رُبّما جادَلئيمٌ فحسَدْ |
إنّما أعطى فواقيْ ناقة ٍ | بيدٍ شيئاً تلقّاهُ بيدْ |
كاذبٌ جاءَ جهاماً زبرجاً | بعدما أومضَ برقٌ ورعد |
إنّها شنْشنَة ٌ من أخْزَمٍ | قَلّما ذُمَّ بخِيلٌ فَحُمِد |
خابَ من يرجو زماناً دائماً | تُعرَفُ البأساءُ منه والنَّكَدْ |
فإذا ما كدَّرَ العيشَ نما | و إذا ما طيَّبَ الزادَ نفدْ |
فلقد ذَكَّرَ من كان سَها | و لقد نبَّهَ منْ كان رقدْ |
قلْ لمَنْ شاءَ يَقُلْ ما شاءَهُ | إنَّ خصمي في حياتي لألدّ |
مُنْتَضٍ نَصْلاً إذا شاء مَضَى | رائشٌ سهماً إذا شاءَ قَصَد |
فإذا فوّقهُ انفلَّ لهُ | بَينَ صُدَّينِ فُؤادٌ وكَبِد |
أبداً يَعْجُمُ منّي نَبْعَة ً | وقناة ً ليسَ فيها من أود |
كُلَّ يومٍ ليَ فيهِ مَصْرَعٌ | مِنْ سماءٍ أو طِرافٍ أو عمدَ |
أوَمَا يَعْجَبُ مِنّا أنّنَا | عربٌ نوترُ لا نعطي القود؟ |
ماتَ مَنْ لو عاشَ في سِربالهِ | فَنوى الغَدْرَ له يومَ وُلِد |
سَيدٌ قُوبِلَ فيه معشَرٌ | ليس في أبنائهم مَن لمْ يَسُد |
نافسَ الدَّهرُ عليهِ يعرباً | فرأى موضعَ حِقْدٍ فحَقَدْ |
هابَ أن يجري عليهِ حكمه | |
حيثُ لم ينظر به ريعانهُ | إنّما استعجلهُ قبلَ الامد |
أقصَدتْهُ تِرْبَ خمسٍ أسهُمٌ | لو رَمَتْه تِرْبَ عَشْرٍ لم تكَد |
إذ بدا في صَهَواتِ الخيل كالـ | ـقمرِ الملآن والسيف الفَرَد |
ونشرنا عن رداءيه له | صارماً يذكى ورمحاً يطَّرد |
ورَجوْناهُ مَلاذاً للوَرَى | وَدَعَوْنَاهُ عَتاداً للأبَد |
إنّمَا كان شِهاباً ثاقِباً | صعقَ اللّيلُ له ثمَّ خمد |
وردينيّاً هززنَ متنهُ | فَتَثَنّى ساعَة ً ثم انْقَصدَ |
أجنوبٌ أمْ شمالٌ هصرتْ | منكَ في الأيكة ِ باناً فانخضد |
قلّما يملأُ عيناً منْ سناً | غيرَ ما يملأُ قلباً منْ كمدْ |
لا رجاء في خُلودٍ كُلُّنَا | وَارِدُ الماءِ الذي كان وَرَدْ |
جاوَرَتْ رَوْضَ ثراه ديمة ٌ | تحملُ اللؤلؤ رطباً لا البرد |
إنّ في الجوْسقِ قَبراً تُربُهُ | منْ دمِ الباكينَ إضريجٌ جسدْ |
وطئتْ نفسي عليهِ قدمي | ومشى في فضلة ِ الرُّوحِ الجسد |
يومَ عايَنْتُ كُماة َ الحربِ في | معركاً لو كانَ حرباً لمْ يردْ |
بدَّلَ الإقدامُ فيهِ هلعاً | فاستوى الأبطالُ والهِيفُ الخُرُد |
واسْتحالَ الزَّأرُ إرناناً كما | رَجَّعَ الباكي على الأيكِ الغرِد |
قد رآهُ وهو مَيْتٌ فبَكى | منْ رآهُ وهو حيٌّ فسجدْ |
لو تراخى اليومُ عنه ساعة ً | ملأ الأرضَ طِعاناً وصَفَد |
لو حمتهُ الطعنة ُ السّلكى لما | كان إبراهِيمُ فيه يُضْطَهَد |
ولحالَتْ دونَه رَجْراجة | كعبابِ البحرِ يرمي بالزّبد |
وليوثٌ يتقى مكروهها | وعَناجَيجٌ طِوالٌ تنْجرِد |
ولَصَرَّتْ حَلَقٌ ماذيَّة ٌ | وقناً ذبلٌ وأسيافٌ تقدّ |
خيرُ زَنْدٍ كان في خيرِ يَدٍ | منكَ قدْ نيطتْ إلى خيرِ عضد |
غيرَ أنَّ الذُّخرَ خيرٌ لامرىء ٍ | لم يَجِدْ من أحزَم الأمرَينِ بُدّ |
لو نجا أشرفُ شيءٍ قدراً | فازتْ الشمسُ بتخليدِ الأبد |
ولو أنَّ المجدَ يبقى ماجداً | لم يُنازِعْ جِدَّة َ العيشِ أحَد |
لا أرى عروة َ حزمٍ لم تكنْ | مِن عُرَى الحزْم الذي كان عقدْ |
كلُّ ملكٍ لمليكٍ بعدهُ | فهْوَ لَغْوٌ عندما كان عُهِد |
إن تكُنْ عُدَّة ُ صِلٍ مُطرِقٍ | تَدرَأُ الخطبَ فقد كان استَعَدّ |
تخذَ الحزمَ عليهِ كفَّة ً | مِنْ مِجَنٍّ، وقتيراً مِن زَرَد |
في سريرِ المُلكِ إلاّ أنّهُ | هبطَ النّجمُ إليهِ وصعدْ |
فترقّى نحوهُ حتى دنا | و تهادى خلفهُ حتَّى بعد |
ومضى يقطُرُ بالبأسِ دَماً | وبكفَّيْهِ من الأُسْدِ لِبَد |
ومن البِيضِ صُدورٌ بِتَكٌ | ومنَ السمرِ أنابيبٌ قصد |
يا أبا أحمدَ والحكمة ُ في | قولِ مَنْ قال إلى الله المردّ |
لا ملومٌ أنت في بعض الأسى | غيرَ أنّ الحرَّ أولى بالجلد |
وإذا ما جهَشَتْ نفسُ الفَتى | كان في عسكره الصَّبرُ مَدَد |
لو يَرُدُّ الحزْنُ مَيْتاً هالِكاً | ردَّ قحطانُ وأودُّ بن أدد |
واكتستْ أعظُمُ كسرى َ لحمَها | وسعى لقمانُ أو طارَ لبد |
في عليٍ منْ عليٍ أسوة ٌ | صَدَعَ الضِّلعَ الذي أنكى الكَبِد |
أيَّ مَفْقُودَيكَ تبكيه: أبٌ | هبرزيٌّ أنتَ منه أمْ ولد |
ضَمَّ هذا نحرَ ذا فاعتَنَفا | في ثرى الملحود شِبلٌ وأسَد |
خطواتٌ فالهُ عنْ ذكركها | إنّها أقربُ منْ هزْلٍ وَدَد |
إنَّ إبراهيمَ مردودٌ إلى | زَمَنٍ غَضٍّ وأيّامٍ جُدُد |
دَوْلَة ٌ سَعْدٌ وفَحْلٌ مُنجِبٌ | وشبابٌ مثلُ تفويفِ البرد |
وفتى ً ودَّتْ نِزارٌ كلُّهَا | أنّه منها ولم تَعقُبْ أحَدْ |
والمُنى أنتَ إذا دُمتَ لنا | دامتِ النَّعماءُ والعيشُ الرَّغَد |
و هي الأيّامُ لا يأمنها | حازمٌ يأخُذُ من يومٍ لِغَد |
لو مُعافى ً من خُطوبٍ عُوفِيَتْ | لَقْوَة ٌ بينَ هِضابٍ ونُجُد |
ترتبي مرهوبة ً تحسبها | كوكبَ الليل على الليلِ رصد |
تلكَ أو مغفرة ٌ في حالقٍ | تأمَنُ الإنسَ إذا الوحشُ شَرَد |
فهي في قدسِ أوارتٍ إذا | جارورَ الميسُ ثَبيراً أو أُحُد |
حيثُ لا النازلُ معهودٌ ولا | الماءُ مورودٌ ولا القلتُ ثمد |
تلكَ أو وحشية ٌ أدمانة ٌ | أنبتَتْ أنقاءُ رَمْلٍ وعَقَد |
تَنْفُضُ الضّالَ بتَيْماءَ ولا | تألفُ الخصلاءَ من ذاتِ الجرد |
تتقرّى جانباً منْ عانكٍ | باردِ الفَيْءِ إذا الفيءُ بَرَدْ |
وهي في ظلٍ أراكٍ مائدٍ | تَرتَدي المَرْدِ إذا ذابَ الوَمَد |
وهْيَ تَعْطوهُ على خوفٍ كَما | مدَّ رقّاءٌ إلى الأرقمِ يدْ |
يقعُ الطّلُّ عليها مثلما | قطعتْ عذراءُ عقداً فانسرد |
وبعينيها غريرٌ وسنٌ | وُسِّدَتْ أظْلافُهُ مِسْكاً ثأد |
ينثني الأيكُ على صفحته | وهو كالشعْرَى إذا لاحَ وَقَدْ |
فإذا ما أخطَأتْهُ فِيقَة ً | نَشَدتْهُ وهو غِرٌ ما نَشَد |
فأتَتْهُ خَرِقاً منْطوِياً | بيديهِ فوقَ حقفٍ ملتبد |
كفتاة ٍ كسرتْ خلخالها | ضاعَ نصْفٌ منه والنصْفُ وُجِد |
تلكَ أم أيمٌ خفيفٌ وطؤه | يرْبَأُ القُفَّ كلوءاً ما هَجَد |
باتَ يُدْني حُمَة ً من حمَة ً | وهْوَ يَطوي مسَداً فوْق مَسَد |
شَرِبَ السَّمَّ بنابَيْهِ ففي | صَلَوَيْهِ منه سُكْرٌ ومَيَد |
فَتَرى للبْغْيِ في أعْطافِهِ | كاندفاعِ الموجِ في طامٍ يمدّ |
مِثلما اصْطفَّتْ قسيٌ في الثرى | موتراتٌ فهي ترخى وتشدّ |
ذاك أو جبّارُ غِيلٍ أشِيبٍ | طَرَدَ الآسادَ عنْهُ وانفرَدَ |
نازلٌ كرسيَّ أرضٍ هابهُ | مَلِكُ الخابلِ فيها إذا مَرُد |
ذا ولكنْ تبَّعُ الأكبرُ منْ | يمنٍ كانَ لخلدٍ لو خلدْ |
والملوكُ الصِّيدُ من ذي إصْبَحٍ | وَرُعيَنٍ وبَني الشّاهِ مَعَدّ |
كلُّنا نَبْشَعُ من كأس الرَّدى | غيرَ أنّا لا نرانا نستبدّ |
نحنُ في الإدلاجِ نَبْغي منْهَلاً | وبناتُ الخِمس من عشْرٍ صَدَد |
إنْ تسلنا ففريقٌ ظاعنٌ | وليالينا بنا عيسٌ تخد |
فاتني ريبُ زماني بالذي | أبتَغيه وهو ما لستُ أجِدْ |
و لقد فاتَ بنا أنفسنا | وإذا ما فات شيءٌ لمْ يردّ |
ليتَ شعري أيَّ شيءٍ يرتجي | من رجاهُ أو لماذا يستعدّ |
فلقدْ أسرعَ ركبٌ لم يعجْ | و لقد أدبرَ يومٌ لم يعدّ |