قلْ للمليكِ ابنِ الملوكِ الصِّيدِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
قلْ للمليكِ ابنِ الملوكِ الصِّيدِ | قوْلاً يَسُدُّ عليه عَرْضَ البيدِ |
لِهفي عليكَ أما ترِقُّ على العُلى | أم بينَ جناحتيكَ قلبُ حديد |
ما حقُّ كفكَ أن تمدَّ لمبضعٍ | من بعد زعزعة ِ القنا الاملود |
ما كان ذاك جزاؤها بمجالِهَا | بينَ النَّدى والطعنة ِ الاخدود |
لو نابَ عنها فصدُ شيءٍ غيرها | لوقيتُ معصمها بحبل وريدي |
فارْدُدْ إليك نجيعَها المُهْراق إنْ | كان النجيعُ يُرَدُّ بعدَ جُمود |
أو فاسقنيهِ فإنّني أولى به | من أن يراقَ على ثرى ً وصعيد |
ولئِنْ جرى من فضَّة ٍ في عسجدٍ | فبغيرِعلم الفاصدِ الرَّعديد |
فصدتكَ كفّاهُ وما درتا ولو | يَدْري غَداة َ المشهد المشهود |
أجرى مباضعهُ على عاداتها | فجَرَتْ على نهجٍ من التّسديد |
واعْتاقَهُ عن مَلكِها الجزَعُ الذي | يعتاقُ بطشة َ قرنكَ المرّيد |
قد قلتُ لآسي حنانك عائداً | فلقَد قَرَعْتَ صَفاة كلِّ ودود |
أوَ ما اتَّقَيْتَ الله في العضْوِ الذي | يَفديه أجمعُ مُهجة ِ الصِّنديد؟ |
أوما خشيتَ من الصّوارمِ حوله | تهتزُّ من حنقٍ عليكَ شديد |
أوَلم تُهلْ من ساعِد الأسَدِ الذي | فيهِ خضابٌ من دماءِ أسود |
و لما اجترأتَ على مجسَّة كفِّه | إلاَّ وأنتَ من الكُماة الصيِّد |
وعلامَ تفْصِدُ منَ جرى َ من كفِّه | في الجود مثلُ البحرِ عامَ مُدود؟ |
فبحسبه ممّا أرادوا بذلَهُ | في المجدِ نفسُ المتعَب المجهود |
قالوا دواءٍ نبتغي فأجبتهمْ | ليسَ السَّقامُ لمثِلهِ بعَقِيد |
لمَ لا يداوي نفسه من جودهِ | مَن كان يمكنُه دواءُ الجود؟ |
ما داؤهُ شيءٌ سوى السرفِ الذي | يمضي وماالإسرافُ بالمحمودِ |
عشقَ السَّماحَ وذاكَ سيماه وما | يخفى دليلُ متيَّمٍ معمود |
إنَّ السقيمَ زمانُهُ لا جسمُهُ | إذ لا يجئُ لمثله بنديد |
قعدَ الزّمانُ عن المكارم والعلى | إنَّ الزّمان السَّوءَ غيرُ رشيد |
حسبي مدى الآمال يحيى إنّه | أمْنُ المَرُوعِ وعصْمة ُ المنجود |
لقد اغتدى َ والمجد فوق سريره | والغيثُ تحت رِواقِهِ الممدود |
أوحَشتنَا في صدرِ يوْمٍ واحِدٍ | وفّيتَ حقَّ النقض والتوكيد |
و أقلُّ منهُ ما يضرّمُ لوعتي | و يحول بين الصَّبرِ والمجلود |
لمَ لا وقد ألبستني النِّعمَ التي | لم تبقِ لي في النَّاسِ غير حسود |
حمَّلتني ما لا أنوءُ بحملهِ | إلاّ بعونِ اللَّه والتَّأييد |
لولا حياتُكَ ما اغتبطتُ بعيشة ٍ | و لو أنَّني عمِّرتُ عمرَ لبيد |
هدى السلامُ لك السلامَ وإنّما | عيشُ الودودِ سلامة ُ المودود |
أوَما ترى الأعمارَ لو قسمت على | قدرِ الكرامِ لفزتَ بالتَّخليدِ؟ |
أنتَ الذي ما دام حيّاً لم يكُنْ | في الملكِ من أمتٍ ولا تأويد |
ما للسهامِ ولا الحمامِ ولا لما | تمضيه في العزماتِ من مردود |
ولقد كفيتَ فكنتَ سيفاً ليس بالنـ | ـبي ورُكنْاً ليسَ بالمهدود |
و إذا نظرتَ إلى الأسنَّة ِ نظرة ً | ألقَتْ إليكَ الحْربُ بالإقليد |
وإذا ثنَيْتَ إلى الخلافة اصبعاً | وفَّيتَ حقَّ النَّقد والتوكيد |
و إذا تصفَّحتَ الأمورَ تدبُّراً | خيِّتَ في التَّوفيق والتَّسديد |
و إذا تشاءُ بلغتَ بالتَّقريبِ ما | لا يبْلُغُ الحكماءُ بالتبعيد |
وقبضتَ أرواحَ العِدى وبسَطْتَها | ما بينَ تليينٍ إلى تشديد |
و لقد بعدتَ عن الصِّفاتِ وكنهها | و لقد قربتَ فكنتَ غيرَ بعيد |
فكأنّكَ المقدارُ يعرفُه الورى | من غيرِ تكييفٍ ولا تحديد |
كلُّ الشهادة ممكنٌ تكذيبُها | إلاّ ببأسِكَ والعُلى والجُود |
كلُّ الرجاءِ ضلالة ٌ ما لم يكن | في اللَّهِ أو في رأيكَ المحمود |
لا حكمة ٌ مأثورة ٌ ما لم تكنْ | في الوحي أو في مدحك المسرود |
لم يَدَّخرْ عنك المديحَ الجَزْلَ مَن | وفّاكَ غايتهُ من المجهود |
ولما مدحْتُكَ كي أزيدك سودداً | هل في كمالك موضعٌ لمزيد |
ما لي وذلك والزّيادة عندهم | في الحدِّ نقصانٌ من المحدود |
أثني عليك شهادة ٌ لك بالعلى | كشهادتي للّه بالتّوحيد |