أرشيف المقالات

أهمية الكلمة بالنسبة لقائلها

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
أهمية الكلمة بالنِّسبة لقائلها
ثم قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الأنعام: 152] (1)
ذلكم وصاكم به (الوصايا العشر)

قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [الأنعام: 152].
 
وهذه الوصيةُ مهمة جدًّا في إشاعة الحق والعدل والصِّدق في المجتمع المسلِم؛ لذلك فإن هذه الوصيةَ تشتمل على فوائدَ عدة، منها:
أهمية الكلمة بالنِّسبة لقائلها:
قال الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، من هذه الآيةِ نتبيَّن أهميةَ الكلمة؛ لأن الكلمةَ متى خرجت من اللسان سُجِّلت لكَ أو عليك؛ فإن كانت في خير أو معروف، فهي لك، وإن كانت في شرٍّ أو ضر أو أذًى من أي نوع كان، فهي عليك؛ فعند الترمذيِّ عن أبي هريرة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يؤمِنُ بالله واليوم الآخر، فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ))[1]، وعند البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالاً، يرفَعُه الله بها في الجنة، وإن العبدَ لَيتكلم بالكلمة من سَخط الله، لا يُلقي لها بالاً، يهوي بها في جهنمَ))[2]، وفي رواية: ((يزلُّ بها في النار أبعَدَ ما بين المشرِقِ والمغرب))، وفي روايةِ الترمذي: ((يهوي بها سبعينَ خَريفًا في النار)).
 
وعن أمِّ حبيبة قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كل كلامِ ابن آدمَ عليه لا له، إلا أمرٌ بمعروف، أو نهيٌ عن منكَر، أو ذِكر الله))، وهو حسَنٌ؛ ولذلك كانت آفاتُ اللسان من أكبرِ البلايا التي تجتاح حَسناتِ المسلم، وفي الصحيحينِ عن المغيرةِ بن شعبةَ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرَّم عليكم عقوقَ الأمهات، ووَأْدَ البنات، ومنعًا وهاتِ، وكرِه لكم قيلَ وقال، وكثرةَ السؤال، وإضاعةَ المال))[3]، منعًا وهات: أي يمنع أداءَ ما عليه، ويطلُبُ ما له، قيل وقال: يدلُّ على كثرةِ الكلام بغير فائدة، وقد يُفيد نقلَ الكلام بلا توثيق، أو إشاعةَ خبرِ ما يثير البلبلة.
 
ففي الحديث الطَّويل عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله، أخبِرْني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني عن النار، قال: ((لقد سألتَ عن عظيم، وإنه لَيسير على من يسَّره الله تعالى عليه: تعبُد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاةَ، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلُّك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16]، حتى بلغ: ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]، ثم قال: ألا أُخبِرك برأس الأمر وعمودِه وذِروة سَنامه؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((رأسُ الأمر الإسلامُ، وعمودُه الصلاةُ، وذروة سَنامه الجهادُ، ثم قال: ألا أُخبِرك بمِلاك ذلك كله؟)) فقلت: بلى يا رسولَ الله، فأخذ بلسانه وقال: ((كفَّ عنك هذا))، قلت: يا نبيَّ الله، وإنا لمؤاخَذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكِلَتْك أمُّك، وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم))[4].

[1] جامع الأصول 9406 وهو صحيح.

[2] جامع الأصول 9410.

[3] جامع الصحيحين 9394.

[4] رواه الترمذي، وهو حديث حسن صحيح.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢