صدي
لسان العرب لابن منظور
صدي: الصَّدَى: شدَّةُ العَطَشِ، وقيل: هو العطشُ ما كان، صَدِيَ يَصْدَى صَدىً، فهو صَدٍ وصادٍ وصَدْيانُ، والأُنْثَى صَدْيا؛ وشاهد صادٍ قول القطامي: فهُنَّ يَنْبِذْنَ مِن قَوْلٍ يُصِبْنَ به مَواقِعَ الماء من ذِي الغُلَّةِ الصادِي والجمع صِداءٌ. ورجل مِصْداءٌ: كثيرُ العَطَشِ؛ عن اللحياني. وكأْسٌ مُصْداةٌ: كثيرة الماء، وهي ضِدُّ المُعْرَقَةِ التي هي القليلةُ الماءِ. والصَّوادِي النَّخْلُ التي لا تَشْرَبُ الماءَ؛ قال المَرّار: بناتُ بناتِها وبناتُ أُخْرَى صَوَادٍ ما صَدِينَ، وقَدْ رَوِينا صَدِينَ أَي عَطِشْنَ. قال ابن بري: وقال أَبو عمرو الصَّوادي التي بَلَغَتْ عُرُوقُها الماءَ فلا تَحْتاجُ إلى سَقْيٍ. وفي الحديث: لتَرِدُنّْ يومَ القيامةِ صَودايَ أَي عِطاشاً، وقيل: الصَّوادِي النَّخْلُ الطِّوالُ منها ومن غيرِها؛ قال ذو الرُّمَّة: مَا هِجْنَ، إذْ بَكَرْنَ بالأَحْمالِ، مِثْلَ صَوادِي النَّخْلِ والسَّيالِ واحدتها صادِيَةٌ؛ قال الشاعر: صَوادِياً لا تُمْكِنُ اللُّصُوصَا والصَّدى: جَسَدُ الإنْسَانِ بعدَ مَوْتِهِ. والصَّدَى: الدِّماغُ نَفْسُه، وحَشْوُ الرَّأْسِ، يقال: صَدَعَ اللهُ صَدَاهُ. والصَّدَى: موضِعُ السَّمْعِ من الرَّأْسِ. والصَّدىَ: طائِرٌ يَصِيحُ في هامَةِ المَقْتُولِ إذا لَمْ يُثْأَرْ به، وقيل: هو طائِرٌ يَخْرُجُ من رَأْسِهِ إذا بَلِيَ، ويُدْعَى الهامَةَ، وإنما كان يزعُم ذلك أَهلُ الجاهِلية. والصَّدَى: الصَّوْت. والصَّدَى: ما يُجِيبُكَ من صَوْتِ الجَبَلِ ونحوهِ بمِثْلِ صَوْتِكَ. قال الله تعالى: وما كان صَلاتُهُم عندَ البَيْتِ إلا مُكاءً وتَصْدِيَةً؛ قال ابن عرفة: التَّصْدِيَة من الصَّدَى، وهو الصَّوْتُ الذي يَرُدُّهُ عليكَ الجَبَلُ، قال: والمُكاءُ والتَّصْديَة لَيْسَا بصَلاةٍ، ولكنّ الله عز وجل أَخبر أَنهم جعلوا مكانَ الصَّلاةِ الَّتي أُمِروا بها المكاء والتَّصْدِيَة؛ قال: وهذا كقولِكَ رَفَدَنِي فلانٌ ضَرْياً وحرْماناً أَي جَعل هَذَيْن مكانَ الرِّفْدِ والعَطاءِ كقول الفرزدق: قَرَيْناهُمُ المَأَثُورَةَ البِيضَ قَبْلَها، يَثُجُّ القُرونَ الأَيْزَنِيُّ المُثَقَّف (* قوله «القرون» هكذا في الأصل هنا، والذي في التهذيب هنا واللسان في مادة يزن: يثج العروق). أَي جَعَلْنا لهم بدَلَ القِرَى السُّيوفَ والأَسِنَّة. والتَّصْدِيَة: ضَرْبُكَ يَداً على يَدٍ لتُسْمِعَ ذلك إنساناً، وهو من قوله مُكاءً وتَصْدِيَة. صَدَّى: قيلَ أَصْلُه صَدَّدَ لأَنَّه يقابِلُ في التَّصْفِيقِ صَدُّ هذا صَدَّ الآخَرِ أَي وجْهاهُما وجْهُ الكَفِّ يقابِلُ وَجْهَ الكَفِّ الأُخْرَى. قال أَبو العَبَّاسِ روايةً عن المُبَرِّدِ (* قوله «رواية عن المبرد» هكذا في الأصل، وفي التهذيب: وقال أبو العباس المبرد). الصَّدَى على ستة أَوجه، أَحدها مَا يَبْقَى من المَيّتِ في قَبْرِه وهو جُثَّتهُ؛ قال النَّمِر بنُ تَوْلَبٍ: أَعاذِلُ، إنْ يُصْبِحْ صَدَايَ بقَفْرَةٍ بَعِيداً نَآنِي ناصِرِي وقرِيبي فصَدَاهُ: بَدَنهُ وجُثَّتهُ، وقوله: نَآنِي أَي نَأَى عَنِّي، قال: والصَّدَى الثاني حُشْوةُ الرأْسِ يقال لها الهَامَةُ والصَّدَى، وكانت العرب تَقولُ: إنَّ عِظامَ المَوْتَى تَصِيرُ هامَةً فتَطِيرُ، وكان أَبو عبيدة يقول: إنهم كانوا يسَمون ذلك الطَّائِرَ الذي يخرُجُ من هَامَةِ المَيِّتِ إذا بَلِيَ الصَّدَى، وجَمْعُه أَصْداءٌ؛ قال أَبو دواد: سُلِّطَ المَوْتُ والمَنُونُ عَلَيْهِم، فلَهُمْ في صَدَى المَقابِرِ هَامُ وقال لبيد: فَلَيْسَ الناسِ بَعْدَك في نَقِيرٍ، ولَيْسُوا غَيْرَ أصْداءٍ وهامِ والثالث الصَّدَى الذَّكَر من البُومِ، وكانت العرب تقول: إذا قُتلَ قَتِيلٌ فلم يُدْرَكْ به الثَّأْرُ خَرجَ من رَأْسِه طائِرٌ كالبُومَة وهي الهامَة والذَّكر الصَّدَى، فيصيح على قَبْرِه: اسْقُونِي اسْقُونِي فإن قُتِل قاتِلُه كَفَّ عن صِياحهِ؛ ومنه قول الشاعر (* هو أبو الأصبع العدواني، وصدر البيت: يا عمرو وإن لم تدع شتمي ومنقصتي). أَضْرِبْكَ حتّى تَقولَ الهَامَةُ: اسْقُونِي والرابع الصّدى ما يرجِع عليك من صوتِ الجبل؛ ومنه قول امرئ القيس: صمَّ صَداها وعَفا رَسْمُها، واسْتَعْجَمَتْ عن منطِقِ السَّائل وروى ابن أَخي الأَصمعي عن عمه قال: العرب تقول الصَّدى في الهامةَ، والسَّمْعُ في الدِّماغ. يقال: أَصمَّ اللهُ صَداهُ، من هذا، وقيل: بل أَصمَّ اللهَ صَداه، من صدى الصوتِ الذي يجيب صوت المُنادي؛ وقال رؤبة في تصديق من يقول الصَّدى الدِّماغ: لِهامِهِم أَرُضُّه وأَنقَخُ أُمَّ الصَّدى عن الصَّدى وأَصْمَخُ وقال المبرد: والصَّدى أَيضاً العَطش. يقال: صَدِي الرجلُ يَصْدى صَدىً، فهو صَدٍ وصَدْيانُ؛ وأَنشد (* البيت لطرفة من معلقته) : ستعلمُ، إن مُتنا صَدىً، أَيُّنا الصَّدي وقال غيره: الصَّدَى العَطَشُ الشديدُ. ويقال: إنه لا يشتدُّ العطشُ حتي ييبَسَ الدماغُ، ولذلك تنشَقُّ جلدةُ جَبهةِ من يموتُ عطشاً، ويقال: امرأَة صَدْيا وصادِيَةٌ. والصَّدى السادسُ قولُهُم: فلان صَدى مال إذا كان رفيقاً بسِياسِتها (* المراد بالمال هنا الإبل، ولذلك أنث الضمير العائد إليها)؛ وقال أَبو عمرو: يقال فلانٌ صَدى مالٍ إذا كان عالماً بها وبمَصلحَتِها، ومثلُه هو إزاءُ مالٍ، وإنه لصَدى مالٍ أَي عالِمٌ بمصلحتهِ، وخصَّ بعضهم به العالم بمصلحةِ الإبل فقال: إنه لصَدى إبلٍ. وقال: ويقال للرجل إذا مات وهَلَك صمَّ صَداه، وفي الدعاء عليه: أَصَمَّ الله صَداه أَي أَهْلكه، وأَصلهُ الصوت يَرُدُّه عليك الجبل إذا صِحْتَ أَو المكانُ المُرْتَفِعُ العالي، فإذا مات الرجل فإنه لا يُسْمَع ولا يُصَوِّت فيَرُدَّ عليه الجبل، فكأَن معنى قوله صَمَّ صَداهُ أَي مات حتى لا يُسْمع صوتهُ ولا يجابُ، وهو إذا ماتَ لم يَسْمَع الصَّدى منه شيئاً فيُجيبَه؛ وقد أَصْدى الجبل. وفي حديث الحجاج: قال لأَنَسٍ أَصَمَّ الله صَداكَ أَي أَهْلَكك الصَّدى: الصَّوْتُ الذي يسمَعُه المُصَوِّتُ عقَيبَ صِياحهِ راجعاً إليه من الجَبلِ والبِناءِ المُرْتَفِع، ثم استعير للهلاك لأَنه يجاب الحَيُّ، فإذا هلكَ الرجلُ صَمَّ صَداه كأَنه لا يَسْمَعُ شيئاً فيُجيبََ عنه؛ ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لسَدوسِ بن ضِبابٍ: إني إلى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبَةٍ أَدْعُو حُبَيْشاً، كما تُدْعى ابْنَةُ الجَبلِ أي أُنَوِّهُ به كما يُنَوَّه بابْنة الجَبل، وقيل: ابنةُ الجَبل هي الحَيَّة، وقيل: هي الداهية؛ وأَنشد: إن تَدْعهُ مَوْهِناً يَعْجَلْ بجابَتِهِ عارِي الأَشاجِعِ، يَسْعى غَيْرَ مُشْتمِل يقول:يَعْجَل جبيش بجابَتهِ كما يَعْجَلُ الصَّدى وهو صوتُ الجَبل. أَبو عبيد: والصَّدى الرجلُ اللّطِيفُ الجَسَدِ؛ قال شمر: روى أَبو عبيد هذا الحَرْفَ غيرَ مهموزٍ، قال: وأُراهُ مهموزاً كأَنَّ الصَّدأَ لغةٌ في الصَّدَعِ، وهو اللطيف الجِسْمِ، قال: ومنه ما جاء في الحديث صَدَأٌ من حديدٍ في ذِكْرِ عليٍّ، عليه السلام. والصَّدى: ذكرُ البُومِ والهامُ، والجمعُ أَصْداءٌ؛ قال يزيد بن الحَكَم: بكلِّ يَفاعٍ بُومُها تُسْمِعُ الصَّدى دُعاءً، متى ما تُسْمِعِ الهامَ تَنْأَجِ تَنْأَج: تَصِيحُ، قال: وجمعهُ صَدَوات؛ قال يزيد ابن الصَّعِق: فلنْ تَنْفَكَّ قُنْبُلَة ورَجْلٌ إليكمْ، ما دَعا الصَّدَواتِ بُومُ قال: والياءُ فيه أَعرَفُ. والتَّصْدِيةُ: التَّصْفِيقُ. وصَدَّى الرجل: صَفَّقَ بيديه، وهو من مُحَوَّل التَّضْعِيف. والمصاداةُ: المُعارَضَة. وتصَدّى للرجلِ: تَعَرَّض له وتَضَرَّعَ، وهو الذي يَسْتَشْرِفهُ ناظراً إليه. وفي حديث أَنسٍ في غزوة حنينٍ: فجعل الرَّجُلُ يتَصدَّى لرسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، ليَأْمُرَه بقَتْلِه؛ التَّصَدِّي: التَّعَرُّض للشيءِ. وتصدَّى للأَمر: رَفع رأْسَه إليه. والصَّدى: فعلُ المُتَصَدِّي. والصداةُ: فعلُ المُتَصَدِّي، وهو الذي يَرْفعُ رأْسَه وصَدْرَه يتصَدَّى للشيء يَنْظُرُ إليه؛ وأَنشد للطرماح: لها كلَّما صاحتْ صَداةٌ ورَكْدَةٌ (* قوله «كلما صاحت إلخ» هكذا في الأصل، وفي التكملة: كلما ريعت إلخ). يصف هامةً إذا صاحتْ تَصَدَّتْ مرَّةً وركَدَت أُخْرى. وفي التنزيل العزيز: ص والقرآنِ ذي الذِّكْرِ؛ قال الزجاج: من قرأَ صادِ بالكسرِ فله وجهانِ: أَحدهما أَنه هجاءٌ موقوفٌ فكُسِرَ لالتقاء الساكنين، والثاني أَنه أَمرٌ من المُصاداةِ على معنى صادِ القرآنَ بعَملِك أَي قابِلْه. يقال: صادَيْتُه أَي قابَلْتُه وعادَلْتُه، قال: والقراءة صادْ بسكونِ الدال، وهي أَكثرُ القراءة لأَن الصادَ من حُروفِ الهِجاء وتقدير سكونِ الوقْفِ عليها، وقيل: معناه الصادِقُ اللهُ، وقيل: معناه القَسَم، وقيل: ص اسم السورةِ ولا يَنْصَرِف. أَبو عمرو: وصادَيْت الرجلَ وداجَيْتُه ودارَيْتُه وساتَرْتُه بمعنًى واحد؛ قال ابن أَحمر يصف قدوراً:ودُهْمٍ تُصادِيها الوَلائِدُ جِلَّةٍ، إذا جَهِلَت أَجْوافُها لم تَحَلَّمِ قال ابن بري: ومنه قولُ الشاعر: صادِ ذا الظَّعْن إلى غِرَّتِهِ، وإذا دَرَّتْ لَبونٌ فاحْتَلِبْ (* قوله «الظعن» هو بالظاء المعجمة في الأصل، وفي بعض النسخ بالطاء المهملة). وفي حديث ابن عباس: ذَكَر أَبا بكر، رضي الله عنهما، كان والله بَرّاً تَقِيّاً لا يُصادى غَرْبُه أَي تُدارى حدَّثُه وتُسَكَّنُ، والغَرْبُ الحِدَّةُ، وفي رواية: كان يُصادى منه غَرْبٌ، بحذف النفي، قال: وهو الأَشْبَه لأَن أَبا بكر، رضي الله عنه، كانت فيه حِدَّةٌ يَسيرة؛ قال أَبو العباس في المصادَاةِ: قال أَهلُ الكوفَة هي المداراةُ، وقال الأَصمعيْ: هي العناية بالشيء، وقال رجل من العرب وقد نتَجَ ناقةً له فقال لما مَخَضَتْ: بتُّ أُصادِيها طولَ ليلي، وذلك أَنه كَرِه أَن يَعْقِلَها فيُعَنِّتَها أَو يَدَعَها فتَفْرَقَ أَي تَنِدَّ في الأَرض فيأْكُلَ الذئبُ ولدَها، فذلك مُصاداتهُ إيّاها، وكذلك الراعي يُصادي إبِلَه إذا عَطِشَتْ قبل تمامِ ظِمْئِها يمنعُها عن القَرَب؛ وقال كثير: أَيا عَزُّ، صادي القَلْبَ حتى يَوَدَّني فؤادُكِ، أَو رُدِّي علَيِّ فؤادِيا وقيل في قولهم فُلانٌ يَتصَدَّى لفلانٍ: إنه مأْخُوذٌ من اتِّباعهِ صَداه أَي صَوْتَه؛ ومنه قول آخر مأْخوذ من الصَّدَدِ فقُلِبَتْ إحدى الدالات ياءً في يتَصدَّى، وقيل في حديث ابنِ عباسٍ إنه كان يُصادى منه غَرْبٌ أَي أَصدقاؤُهُ كانوا يَحْتَملون حدَّتَهُ؛ قوله يصادَى أَي يُدارَى. والمُصاداةُ والمُوالاةُ والمُداجاةُ والمُداراةُ والمُراماةُ كلُّ هذا في معنى المُداراةِ. وقوله تعالى: فأَنْتَ له تَصَدَّى؛ أَي تتَعَرَّض، يقال: تَصَدَّى له أَي تَعَرَّضَ له؛ قال الشاعر: مِنَ المُتَصَدَّياتِ بغيرِ سُوءٍ، تسِيلُ، إذا مَشتْ، سَيْلَ الحُبابِ يعني الحَيَّةَ، والأَصلُ فيه الصَّدَد وهو القُرْب، وأَصله يتصَدَّدُ فقُلِبتْ إحدى الدالات ياءً. وكلُّ ما صار قُبالَتَك فهو صَدَدُك. أَبو عبيد عن العَدَبَّسِ: الصَّدَى هو الجُدْجُدُ الذي يَصِرُّ بالليل أَيضاً، قال: والجُنْدُبُ أَصغر من الصَّدَى يكون في البَراري؛ قال: والصَّدَى هو هذا الطائرُ الذي يَصِرُّ بالليل ويَقْفِز قَفَزاناً ويَطِيرُ، والناسُ يَرَوْنَه الجُنْدُبَ، وإنما هو الصَّدَى. وصادى الأَمرَ وصادَ الأَمرَ (* قوله «وصادى الأمر وصاد الأمر» هكذا في الأصل). دَبَّرَهُ. وصاداهُ: دَاراهُ ولايَنَه. والصَّدْوُ: سُمٌّ تُسْقاهُ النِّصالُ مثلُ دَمِ الأَسْودِ. وصُداءٌ: حَيٌّ من اليمن؛ قال: فقُلْتُم: تعالَ يا يَزي بنَ مُحَرِّقٍ، فقلتُ لكم: إني حَلِيفُ صُداءِ والنَّسَبُ إليه صُداوِيٌّ (* قوله «صداوي» هكذا في بعض النسخ، وهو موافق لما في المحكم هنا وللسان في مادة صدأ، وفي بعضها صدائي وهو موافق لما في القاموس). على غير قياس.