لكن
لسان العرب لابن منظور
لكن: اللُّكْنَة: عُجْمة في اللسان وعِيٌّ. يقال: رجل أَلْكَنُ بيِّنُ اللَّكَن. ابن سيده: الأَلْكَنُ الذي لا يُقِيمُ العربية من عجمة في لسانه، لَكِنَ لَكَناً ولُكْنَة ولُكُونة. ويقال: به لُكْنة شديدة ولُكُونةٌ ولُكْنُونة. ولُكانٌ: اسم موضع؛ قال زهير: ولا لُكانٌ إِلى وادي الغِمارِ، ولا شَرْقيُّ سَلمى،. ولا فيْدٌ ولا رِهَمُ (* قوله «إلى وادي الغمار» كذا بالأصل ونسخة من المحكم، والذي في ياقوت: ولا وادي الغمار. وقوله «ولا رهم» الذي في ياقوت: ولا رمم، وضبطه كعنب وسبب: اسم موضع، ولم نجد رهم بالهاء اسم موضع). قال ابن سيده: كذا رواه ثعلب، وخطَّأَ من روى فالآلُكانُ، قال: وكذلك رواية الطُّوسيِّ أَيضاً. المُبرّد: الُّكْنَةُ أَن تَعْترِضَ على كلام المتكلم اللغةُ الأَعجمية. يقال: فلان يَرْتَضِخُ لُكْنَةً روميةً أَو حبشية أَو سِنْدِية أَو ما كانت من لغات العجم. الفراء: للعرب في لَكِنَّ لغتان: بتشديد النون مفتوحة، وإسكانها خفيفة، فمن شدَّدها نصب بها الأَسماء ولم يَلِها فَعَل ولا يَفْعَلُ، ومن خفف نونها وأَسكنها لم يعملها في شيء اسم ولا فعل، وكان الذي يعمل في الاسم الذي بعدها ما معه مما ينصبه أَو يرفعه أَو يخفضه، من ذلك قول الله: ولكنِ الناسُ أَنفُسَهم يَظْلِمُونَ، ولكِنِ اللهُ رمى، ولكن الشياطينُ كَفَرُوا؛ رُفِعَتْ هذه الأَحرفُ بالأَفاعيل التي بعدها، وأَما قوله: ما كان محمدٌ أَبا أَحَد من رجالكم ولكن رسُولَ اللهِ؛ فإنك أَضمرت كان بعد ولكن فنصبت بها، ولو رفعته على أَن تُضْمِرَ هو فتريد ولكن هو رسولُ الله كان صواباً؛ ومثله: وما كان هذا القرآنُ أَن يُفْتَرى من دون الله ولكن تَصْديقُ، وتصديقَ، فإذا أُلقِيَت من لكن الواوُ في أَولها آثرت العرب تخفيف نونها، وإذا أَدخلوا الواو آثروا تشديدها، وإنما فعلوا ذلك لأَنها رجوع عما أَصابَ أَول الكلام، فشبهت ببل إذ كانت رجوعاً مثلها، أَلا ترى أَنك تقول لم يقم أَخوك بل أَبوك، ثم تقول لم يقم أَخوك لكن أَبوك فتراهما في معنى واحد، والواو لا تصلح في بل، فإذا قالوا ولكن فأَدخلوا الواو تباعدت من بل إذ لم تصلح في بل الواو، فآثروا فيها تشديد النون، وجعلوا الواو كأَنها دخلت لعطف لا بمعنى بل، وإنما نصبت العرب بها إذا شددت نونها لأَن أَصلها إن عبد الله قائم، زيدت على إنَّ لام وكاف فصارتا جميعاً حرفاً واحداً؛ قال الجوهري: بعض النحويين يقول أَصله إن واللام والكاف زوائد، قال: يدل على ذلك أَن العرب تدخل اللام في خبرها؛ وأنشد الفراء: ولَكِنَّني من حُبِّها لَعَمِيدُ فلم يدخل اللام إلا أَن معناها إنَّ، ولا تجوز الإمالة في لكن وصورة اللفظ بها لاكنّ، وكتبت في المصاحف بغير أَلف وأَلفها غير ممالة؛ قال الكسائي: حرفان من الاستثناء لا يقعان أَكثر ما يقعان إلا مع الجحد وهما بل ولكن، والعرب تجعلهما مثل واو النسق. ابن سيده: ولكن ولكنّ حرف يُثْبَتُ به بعد النفي. قال ابن جني: القول في أَلف لكنّ ولكنْ أَن يكونا أَصلين لأَن الكلمة حرفان ولا ينبغي أَن توجد الزيادة في الحروف، قال: فإن سميت بهما. ونقلتهما إلى حكم الأَسماء حكمت بزيادة الأَلف، وكان وزن المثقلة فاعِلاً ووزن المخففة فاعِلاً، وأَما قراءتهم: لكنَّا هو اللهُ هو ربي فأَصلها لكن أَنا، فلما حذفت الهمزة للتخفيف وأُلقيت حركتها على نون لكن صار التقدير لكننا، فلما اجتمع حرفان مثلان كره ذلك، كما كره شدد وجلل، فأَسكنوا النون الأُولى وأَدغموها في الثانية فصارت لكنَّا، كما أَسكنوا الحرف الأَول من شدد وجلل فأَدغموه في الثاني فقالوا جَلَّ وشَدَّ، فاعْتَدُّوا بالحركة وإن كانت غير لازمة، وقيل في قوله: لَكنَّا هو اللهُ ربي، يقال: أَصله لكنْ أَنا، فحذفت الأَلف فالتقت نونان فجاء التشديد لذلك؛ وقوله: ولَسْتُ بآتيه ولا أَسْتَطِيعُه، ولاكِ اسْقِني إن كان ماؤُكَ ذا فَضْلِ إنما أَراد: ولكن اسقني، فحذفت النون للضرورة، وهو قبيح، وشبهها بما يحذف من حروف اللين لالتقاء الساكنين للمشاكلة التي بين النون الساكنة وحرف العلة. وقال ابن جني: حَذْفُ النون لالتقاء الساكنين البَتَّةَ؛ وهو مع ذلك أَقبح من حذف نون من في قوله: غيرُ الذي قد يقالُ مِ الكَذِبِ من قِبَلِ أَن أَصل لكن المخففة لكنّ المشددة، فحذفت إحدى النونين تخفيفاً، فإذا ذهبت تحذف النون الثانية أَيضاً أَجحفت بالكلمة؛ قال الجوهري: لكن، خفيفةً وثقيلةً، حرفُ عطف للاستدراك والتحقيق يُوجَبُ بها بعد نفي، إلا أَن الثقيلة تَعْمَلُ عَمَلَ إنّ تنصب الإسم وترفع الخبر، ويستدرك بها بعد النفي والإبجاب، تقول: ما جاءني زيد لكنَّ عمراً قد جاء، وما تكلم زيدٌ لكنَّ عمراً قد تكلم، والخفيفة لا تعمل لأَنها تقع على الأَسماء، والأَفعال، وتقع أَيضاً بعد النفي إذا ابتدأَت بما بعدها، تقول: جاءني القوم لكن عمرو لم يجئ، فترفع ولا يجوز أَن تقول لكن عمرو وتسكت حتى تاتي بجملة تامة، فأَما إن كانت عاطفة اسماً مفرداً على اسم لم يجز أَن تقع إلا بعد نفي، وتُلْزِم الثاني مثل إعراب الأَول، تقول: ما رأَيتُ زيداً لكنْ عمراً، وما جاءني زيد لكنْ عمرو.