وحش

لسان العرب لابن منظور
وحش: الوَحْش: كلُّ شيء من جواب البَرّ مما لا يَسْتأْنس مُؤنث، وهو وَحْشِيّ، والجمع وُحُوشٌ لا يُكسّر على غير ذلك؛ حمارٌ وحْشَيٌّ وثورٌ وَحْشِيٌّ كلاهما منسوب إِلى الوَحْشِ. ويقال: حمارُ وَحْشٍ بالإِضافة وحمارٌ وحْشِيٌّ. ابن شميل: يقال للواحد من الوحْشِ هذا وحْشٌ ضَخْم وهذه شاةٌ وَحْش، والجماعة هي الوَحْشُ والوُحُوش والوَحِيش؛ قال أَبو النجم: أَمْسى يَبَاباً، والنَّعامُ نَعَمُهْ، قَفْراً، وآجَالُ الوَحِيشِ غَنَمُهْ وهذا مثل ضائِنِ وضَئينٍ. وكل شيء يسْتَوْحِشُ عن الناس، فهو وَحْشِيّ؛ وكل شيء لا يَسْتَأْنس بالناس وَحْشِيٌّ. قال بعضهم: إِذا أَقبل الليلُ استأْنس كلُّ وَحْشِيٍّ واسْتَوْحَش كل إِنْسِيّ. والوَحْشةُ: الفَرَقُ من الخَلْوة. يقال: أَخذَتْه وَحْشةٌ. وأَرض مَوْحُوشةٌ: كثيرة الوَحْشِ. واسْتَوْحَشَ منه: لم يَأْنَسْ به فكان كالوَحْشيّ؛ وقول أَبي كبير الهذلي: ولقد عَدَوْتُ وصاحِبي وَحْشِيّةٌ، تحتَ الرِّداء، بَصِيرةٌ بالمُشْرِف (* قوله «ولقد عدوت» في شرح القاموس: ولقد غدوت بالغين المعجمة.) قيل: عَنى بوَحْشِيّة رِيحاً تدخل تحت ثيابه، وقوله بَصِيرة بالمُشْرف يعني الرِّيحَ أَي من أَشْرَفَ لها أَصابته، والرِّداءُ السَّيفُ. وفي حديث النجاشي: فنَفَخَ في إِحْلِيل عُمارَةَ فاسْتَوْحَشَ أَي سُحِرَ حتى جُنَّ فصار يَعْدُو مَع الوَحْشِ في البَرِّية حتى مات، وفي رواية: فطارَ مع الوَحْشِ. ومكانٌ وَحْشٌ: خالٍ، وأَرض وَحْشةٌ، بالتسكين، أَي قَفْرٌ. وأَوْحَشَ المكانُ من أَهله وتوَحّشَ: خَلا وذهبَ عنه الناسُ. ويقال للمكان الذي ذهب عنه الناسُ: قد أَوْحَشَ، وطَلَلٌ مُوحِشٌ؛ وأَنشد: لِسَلْمى مُوحِشاً طَلَلُ، يَلُوح كأَنه خِلَلُ وهذا البيت أَورده الجوهري فقال: لِمَيّةَ موحشاً؛ وقال ابن بري: البيت لكُيَيّر، قال وصواب إِنشاده: لِعَزَّةَ موحشاً، وأَوْحَشَ المكانَ: وجَدَه وحْشاً خالياً. وتوَحَّشَت الأَرضُ: صارت وحْشةً؛ وأَنشد الأَصمعي لعبّاس بن مِرْداس: لأَسْماءَ رَسْمٌ أَصْبَحَ اليومَ دارِسا، وأَوْحَشَ منها رَحْرَحانَ فراكِسا ويروى: وأَقْفَر إِلاَّ رَحْرَحانَ فراكِسا ورَحْرَحانُ وراكِس: موضعان. وفي الحديث: لا تَحْقِرَنَّ شيئاً من المعروف ولو أَن تُؤْنِسَ الوَحْشانَ؛ الوَحْشانُ: المُغْتَمُّ. وقومٌ وَحاشَى: وهو فَعْلانُ من الوَحْشة ضدّ الأُنْس. والوَحْشةُ: الخَلْوة والهَمُّ. وأَوْحَشَ المكانُ إِذا صارَ وَحْشاً، وكذلك توحّشَ، وقد أَوْحَشْت الرجلَ فاسْتَوْحَشَ. وفي حديث عبد اللَّه: أَنه كان يَمْشِي مع رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، في الأَرضِ وَحْشاً أَي وحْدَه ليس معه غيره. وفي حديث فاطمة بنت قيس: أَنها كانت في مكانٍ وحْشٍ فخِيفَ على ناحِيتها أَي خَلاءٍ لا ساكنَ به. وفي حديث المدينة: فيَجدانه وَحْشاً. وفي حديث ابن المسيب وسئل عن المرأَة: هي في وَحْشٍ من الأَرض. ولَقِيَه بوَحْشِ إِصْمِتَ وإِصْمِتَةَ، ومعناه كمعنى الأَول، أَي ببلد قَفْر. وتركته بوَحْشِ المَتْنِ أَي بحيث لا يُقْدر عليه، ثم فسّر المَتْنَ فقال: وهو المتنُ من الأَرض وكلُّه من الخَلاء. وبلادٌ حِشُون: قَفْرةٌ خالية؛ وأَنشد: منازلُها حِشُونا على قياس سِنُونَ وفي موضع النصب والجرّ حِشِينَ مثل سِنِينَ؛ وأَنشد: فأَمْسَتْ بَعْدَ ساكِنها حِشِينَا قال أَبو منصور: حِشُون جمعُ حِشَةٍ وهو من الأَسماء الناقصة، وأَصلُها وِحْشةٌ فنُقِصَ منها الواوُ كما نَقَصُوها من زِنَةٍ وصِلَةٍ وعِدَة، ثم جَمَعُوها على حِشِينَ كما قالوا عِزِينَ وعِضِينَ من الأَسماء الناقصة. وباتَ وَحْشاً ووَحِشاً أَي جائعاً لم يأْكل شيئاً فخلا جَوفُه، والجمع أَوْحاشٌ. والوَحْشُ والمُوحِشُ: الجائعُ من الناس وغيرهم لخُلُوِّهِ من الطعام. وتوَحَّشَ جوفُه: خَلا من الطعام. ويقال: تَوَحَّشْ للدَّواء أَي أَخْل جوفَك له من الطعام. وتوَحَّشَ فلان للدَّواء إِذا أَخلى مَعِدَتَه ليكون أَسْهَلَ لخروج الفُضول من عُروقه. والتوَحُّشُ للدواء. الخُلُوُّ له. ويقال للجائع الخالي البطن: قد توَحَّشَ. أَبو زيد: رجل مُوحِشٌ ووحْشٌ ووحِشٌ وهو الجائع من قوم أَوْحاشٍ. ويقال: بات وَحْشاً ووَحِشاً أَي جائعاً. وأَوْحَشَ الرجلُ: جاعَ. وبِتْنا أَوْحاشاً أَي جِياعاً. وقد أَوْحَشْنا مُذْ لَيْلَتانِ أَي نِفِدَ زادُنا؛ قال حُمَيد يصف ذئباً: وإِن بات وحْشاً لَيْلةً لم يَضِقْ بها ذِراعاً، ولم يُصْبِحْ بها وهو خاشِعُ وفي الحديث: لقد بِتْنا وَحْشِينَ ما لنا طعام. يقال: رجل وَحْشٌ، بالسكون، من قوم أَوْحاشٍ إِذا كان جائعاً لا طعام له؛ وقد أَوْحَشَ إِذا جاع. قال ابن الأَثير: وجاء في رواية الترمذي: لقد بِتْنا لَيْلتَنا هذه وَحْشى، كأَنه أَراد جماعةَ وحْشِيٍّ؛ والوَحْشِيُّ والإِنْسِيُّ: شِقَّا كلِّ شيء. ووَحْشِيُّ كلِّ شيء: شِقُّه الأَيْسَرُ، وإِنْسِيُّه شِقُّه الأََيْمنُ، وقد قيل بخلاف ذلك. الجوهري: والوَحْشِيُّ الجانبُ الأَيْمن من كل شيء؛ هذا قول أَبي زيد وأَبي عمرو؛ قال عنترة: وكأَنما تَنْأَى بجانب دَفّها الـ ـوَحْشِيّ من هَزَجِ العَشِيّ مُؤوَّم وإِنما تَنْأَى بالجانب الوَحْشِيّ لأَنَّ سوطَ الراكب في يده اليمنى؛ وقال الراعي: فمالَتْ على شِقِّ وَحْشِيِّها، وقدْ رِيعَ جانِبُها الأَيْسَرُ ويقال: ليس من شيء يَفْزَع إِلا مال على جانبه الأَيمن لأَن الدابة لا تؤْتى من جانبها الأَيْمَن وإِنما تُؤْتى في الاحْتِلاب والركُوبِ من جانبها الأَيْسر، فإِنما خَوْقُه منه، والخائف إِنما يَفِرّ من موضع المخافة إِلى موضع الأَمْن. والأَصمعي يقول: الوحْشِيُّ الجانبُ الأَيْسرُ من كل شيء. وقال بعضهم: إِنْسِيُّ القَدَمِ ما أَقْبَلَ منها على القدم الأُخرى، ووَحْشِيُّها ما خالفَ إِنْسِيَّها. ووَحْشِيُّ القَوْسِ الأَعْجمِيّةِ: ظَهرُها، وإِنْسِيُّها: بَطنُها المُقْدِمُ عليك، وفي الصحاح: وإِنْسِيُّها ما أَقْبَل عليك منها، وكذلك وَحْشِيُّ اليدِ والرجْل وإِنْسِيُّهما، وقيل: وحْشِيُّها الجانبُ الذي لا يقع عليه السَّهمُ، لم يَخُصَّ بذلك أَعْجميّةٌ من غيرها. ووَحْشِيُّ كلِّ دابة: شِقَّه الأَيمن، وإِنْسِيُّه: شقُّه الأَيسر. قال الأَزهري: جوّدَ الليثُ في هذا التفسير في الوَحْشِيّ والإِنْسِيّ ووافَقَ قولُه قول الأَئمة المُتْقِنِينَ. ورُوي عن المفضل وعن الأَصمعي وعن أَبي عبيدة قالوا كلُّهم: الوَحْشِيُّ من جميع الحيوان ليس الإِنسان، هو الجانبُ الذي لا يُحْلَب منه ولا يُرْكَبُ، والإِنسيُّ الجانبُ الذي يَرْكَب منه الراكب ويَحْلُب منه الحالب. قال أَبو العباس: واختلف الناس فيهما من الإِنسان، فبعضهم يُلْحِقه في الخيل والدواب والإِبل، وبعضهم فرّق بينهما فقال: الوَحْشِيّ ما وَليَ الكتِفَ، والإِنْسِيُّ ما وَليَ الإِبْطَ، قال: هذا هو الاختيار ليكون فرقاً بين بني آدم وسائرٍ الحيوان؛ وقيل: الوَحْشِيُّ من الدابة ما يَرْكب منه الراكبُ ويَحْتَلِبُ منه الحالبُ، وإِنما قالوا: فَجالَ على وَحْشِيّه وانْصاعَ جانبُه الوَحْشِيُّ لأَنه لا يؤْتى في الركوب والحلب والمُعالجة وكلِّ شيء إِلا منه فإِنما خوْفُه منه، والإِنْسِيُّ الجانبُ الآخر؛ وقيل: الوحشي الذي لا يُقدَر على أَخذ الدابة إِذا أَفْلَتت منه وإِنما يؤخذ من الإِنْسِيّ، وهو الجانب الذي تُرْكب منه الدابة. وقال ابن الأَعرابي: الجانب الوَحِيشُ كالوَحْشِيّ؛ وأَنشد: بأَقدامِنا عن جارِنا أَجنَبِيّة حَياء، وللمُهْدى إِليه طَريقُ لِجارتِنا الشِّقُّ الوَحِيشُ، ولا يُرى لِجارتِنا منّا أَخٌ وصديقُ وتَوَحَّشَ الرجلُ: رَمى بثوبه أَو بما كان. ووَحَشَ بِثَوْبه وبسيفه وبرُمْحه، خَفِيف: رَمى؛ عن ابن الأَعرابي، قال: والناسُ يقولون وَحَّشَ، مُشَدَّداً، وقال مرّة: وحَشَ بثوبه وبدِرْعه ووَحَّش، مخفف ومثقَّل، خافَ أَن يُدْرَك فرَمى به ليُخَفِّفَ عن دابته. قال الأَزهري: ورأَيت في كتابٍ أَن أَبا النجم وَحَّشَ بثيابه وارْتَدَّ يُنْشِد أَي رَمى بثيابه. وفي الحديث: كانَ بين الأَوْس والخَزْرج قِتال فجاء النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، فلما رآهم نادى: أَيُّها الناسُ اتَّقوا اللَّه حق تُقاتِه «الآيات» فوَحَّشُوا بأَسْلحتهم واعْتَنَق بعضُهم بعضاً أَي رَمَوْها؛ قالت أُم عمرو بنت وَقْدانَ: إِن أَنتُمُ لم تَطْلُبوا بأَخِيكُم، فذَرُوا السِّلاحَ وَوَحِّشُوا بالأَبْرَقِ وفي حديث عليّ، رضي اللَّه عنه: أَنه لَقي الخوارجَ فوَحَّشُوا برِماحِهم واستَلّوا السيوف؛ ومنه الحديث: كان لرسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، خاتم من حديد (* قوله «من حديد» الذي في النهاية من ذهب.) فَوَحَّشَ به بين ظَهْرانَيْ أَصحابهِ فَوحّشَ الناسُ بخواتيمهم، وفي الحديث: أَتاه سائلٌ فأَعطاه تمرةً َوَحَّشَ بها. والوحشي من التِّين: ما نَبَت في الجبال وشَواحِط الأَوْدية، ويكون من كل لون: أَسود وأَحمر وأَبيض، وهو أَصغر التين، وإِذا أَكل جَنِيّاً أَحْرق الفم، ويُزَبَّبُ؛ كل ذلك عن أَبي حنيفة. ووَحْشِيٌّ: اسم رجل، ووَحْشِيَّةُ: اسم امرأَة؛ قال الوَقَّافُ أَو المرّار الفقعسي: إِذا تَرَكَتْ وَحْشِيَةُ النَّجْدَ لم يكن لِعَيْنَيك، مما تَشْكُوانِ، طَبِيبُ والوَحْشةُ: الخَلْوةُ والهَمُّ، وقد أَوْحَشْت الرجلَ فاسْتَوْحَشَ.