ترك

المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث لأبو موسى المديني
(ترك)- في الحَدِيث: "العَهْدُ الذي بَيْنَنَا وَبَيْنَهم الصَّلاة، فمَنْ تَركَها فقد كَفَر".يَعنِى المُنافِقِين؛ لأنهم يُصَلُّون في الظَّاهِر رِياءً، فإذَا خَلَوْا لا يُصَلُّون: أي ما دَامُوا يُصَلُّون في الظَّاهر فلا أمرَ لنا مَعَهم، ولا سَبيل لنا عَلَيْهم، وإذا تَركُوها في الظَّاهِر كَفَروا، بحَيْث يَحِلُّ لَنَا دِماؤُهم وأَموالُهم.التَّركُ على ثَلاثَة أَضْرُبٍ: أَحدُها ما تُرِك إبقاءً لقَولِه تَعالَى: {{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ}} ، {{وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً}} ، {{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}} .الثاني: تَركُ رَفْض لِشَىءٍ لم يَكُن فيه قَبْل. كقَوْلِه تَعالَى: {{إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ}} .الثالث: تَركُ مُفارَقةٍ، كقَولِه تَعالَى: {{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}} وهذا قَرِيبٌ من الأَوَّل.وقال قَومٌ: هو لِمَن تَرَكَها جَاحِدًا، وقيل: هو أن يَتْركَها حَتَّى يَخُرج وَقتُها بدَلَالة قَوله تَعالَى: {{أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ}} وهذا لا يُحتَمل إلّا أن يَكُونَ تَاركًا للصَّلَوَات، لأنَّه قال: "الصَّلَاةَ" بالألِف والَّلام. ألَا تَرَى أنَّه قال: {{فَسَوْفَ يَلْقَوْن غَيًّا}} . والغَىُّ: وادٍ في جَهنَّم لا يَدخُله إِلا الكُفَّارُ، وقيل: لا يَجُوز أن يَتْرُكَ المُؤمِنُ الصَّلاةَ على كُلِّ حَال، لأَنَّ الله تَعالَى: أَخبرَ أَنَّ المُؤمِن يُقِيمُ الصَّلاةَ، فَقالَ تَعالَى: {{يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}} ، {{وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ}} ، وفي النَّكِرَة: {{وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}} .أَخبَر أنَ مَنْ يُؤمِن بالآخِرة يُؤمِن بها، وهو على صَلاتِه مُحافِظ، فَثبَت باسم المَعرِفة والنَّكِرةِ في صِفَة المُؤمنَين، أَنَّهم يُقِيمون الصَّلاةَ ويُحافِظُون عليها، فلم يَكُن للتَّركِ منهم مَعنًى.