نحر

تاج العروس لمرتضى الزبيدي
نحر
نَحْرُ الصَّدْرِ: أعْلاه. وَقيل: النَّحْر: هُوَ الصَّدْر بنَفْسِه، كالمنْحور، بالضمّ، قَالَ غَيْلان:
(يَسْتَوْعِبُ البُوعَيْنِ من جَريرِهِ...من لَدُ لَحْيَيْهِ إِلَى مُنْحُورِهِ)
قَالَ الصَّاغانِيّ: ويُروى: حُنْجُوره، ويروى مُنْخُوره، بِالْخَاءِ مُعجَمَةً. أَو النَّحْر: مَوْضِعُ القِلادةِ من الصَّدر، وَهُوَ المَنْحَر، مُذَكَّر لَا غير، صَرَّح بِهِ اللَّحْيانيّ، ج نُحور، لَا يُكَسَّر على غيرِ ذَلِك. نَحَرَه، يَنْحَره، كَمَنَعه، نَحْرَاً بِالْفَتْح، وتِنْحاراً بِالْكَسْرِ: أصابَ نَحْرَه. ونَحَرَ البَعيرَ يَنْحَرُه نَحْرَاً: طَعَنَه فِي مَنْحَره حَيْثُ يَبْدُو الحُلْقوم من أَعلَى الصَّدْر. وَجَمَلٌ نحيرٌ، كأمير، من جِمالٍ نَحْرَى، كَسَكْرى، ونُحَراء، بالضمّ مَمْدُوداً، ونَحائر، وناقةٌ نَحيرٌ ونَحيرةٌ من أَنْيُقٍ نَحْرَى ونُحَراء ونَحائر. ويومُ النَّحْر: عاشِرُ ذِي الحِجَّة الحَرام يَوْم الأضْحى، لأنّ البُدْنَ تُنحَر فِيهِ. يُقَال: انْتَحَر الرجلُ، إِذا نَحَرَ، أَي قتلَ نَفْسَه. وَفِي مَثل: سُرِقَ السارقُ فانْتَحَر. وَهُوَ مَجاز. منَ المَجاز: انْتَحَر القومُ على الأمرِ،إِذا تَشاحُّوا عَلَيْهِ وَحَرَصوا فكادَ بَعْضُهم يَنْحَرُ بَعْضَاً، أَي يَقْتُل، كَتَنَاحروا. وَيُقَال: تَناحَروا فِي القِتالِ كَذَلِك، وَلكنه مُستَعمَل فِي حَقِيقَته. والناحِرَتان: عِرْقان فِي اللَّحْيِ، هَكَذَا فِي سَائِر النُّسَخ. وَفِي اللِّسَان، فِي النَّحْر، كالنَّاحِران، وَفِي بعضِ النّسخ: كالنَّاحِرَيْن، وَفِي الصّحاح: عِرْقان فِي صَدْرِ الفَرَس. فِي المُحكَم: النَّاحِرَتان: ضِلْعان من أضْلاعِ الزَّوْر، أَو هما الواهِنَتان. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: الناَّحِرَتان: التَّرْقُوَتان من الإبلِ والناسِ وَغَيرهم. وَقَالَ أَبُو زَيْد: الجَوانِحُ: أَدْنَى الضُّلوع من المَنْحَر، وفيهِنّ الناحِرات، وَهِي ثلاثٌ من كلِّ جَانب، ثمَّ الدَّأَيات، وَهِي ثلاثٌ من كلِّ شِقٍّ، ثمَّ يبْقى بعدَ ذَلِك سِتٌّ من كلِّ جَانب مُتَّصِلاتٌ بالشَّراسيف لَا يُسمُّونَها إلاَّ الأَضْلاع، ثمَّ ضِلَعُ الخَلْف وَهِي أواخرُ الضُّلوع. منَ المَجاز: جاءَ فِي نَحْرِ النهارِ ونَحْرِ الشَّهْرِ، أَي أولِه، وَكَذَلِكَ نَحْر الظهيرة، كالناحِرة، وَفِي حَدِيث الْإِفْك: حَتَّى أَتَيْنا الجيشَ فِي نَحْرِ الظَّهيرة، وَهُوَ حينَ تَبْلُغ الشمسُ مُنتهاها من الِارْتفَاع، كَأَنَّهَا وصلتْ إِلَى النَّحْر، ج نُحور. والنَّحيرة كسَفينة: أوّلُ يومٍ من الشَّهْر أَو آخِره، لأنّه يَنْحَر الَّذِي يَدْخُل بَعْدَه. وَقيل: لأنّها تَنْحَر الَّتِي قَبْلَها، أَي تَسْتَقْبِلُها فِي نَحْرِها. وَفِي الحَدِيث: أنّه خرجَ وَقد بَكَّروا بصلاةِ الْأَضْحَى فَقَالَ: نَحَروها نَحَرَهُم الله أَي صَلُّوها فِي أوّل وَقْتِها، من نَحْرِ الشهرِ وَهُوَ أوّلُه. وَقَالَ ابنُ الْأَثِير: وقولُه: نَحَرَهم الله، يحْتَمل أَن يكون دُعاءً لَهُم أَي بَكَّرَهم الله بِالْخَيرِ كَمَا بَكَّروا بِالصَّلَاةِ فِي أوّل وَقْتِها، ويُحتمل أَن يكون دُعَاء عَلَيْهِم بالنَّحْر والذَّبْح لأنّهم غَيَّروا وَقْتَها. أَو النَّحِيرة: آخِرُ ليلةٍ مِنْهُ مَعَ يَوْمِها، لأنّها تَنْحَرُ الَّذِي يَدْخُل بَعْدَها، أَي تصير فِي نَحْرِه، فَهِيَ ناحِرةٌ، فَعِيلَة بِمَعْنى فاعِلة، قَالَ ابنُ أحمرَ الباهليُّ:
(ثمَّ اسْتَمَرَّ عليهِ واكِفٌ هَمِعٌ...فِي ليلةٍ نَحَرَتْ شَعْبَانَ أَو رَجَبَا)
قَالَ الأَزْهَرِيّ: مَعْنَاهُ أَنه يَسْتَقبِل أوّل الشَّهْر، وَيُقَال لَهُ ناحِر، كالنَّحير، وَبِه فسِّر مَا أنْشدهُ ثَعْلَب:)
(مَرْفُوعةٌ مِثلُ نَوْءِ السِّمَا...كِ وافَقَ غُرَّةَ شَهْرٍ نَحِيرا)
وَقَالَ ابنُ سِيدَه: أُرى نَحيراً فَعيلاً بِمَعْنى مَفْعُول، ج ناحِراتٌ ونَواحِر، نادِران. قَالَ الكُمَيْت يَصِف فِعْلَ الأَمْطار بالدِّيار:
(والغَيْثُ بالمُتَأَلِّقا...تِ منَ الأَهِلَّةِ فِي النَّواحِرْ)
منَ المَجاز: الدَّارانِ تَتَنَاحَران، أَي تَتَقَابَلان، يُقَال: مَنازلُ بني فلانٍ تَتَنَاحَر، أَي تَتَقَابَل. وَقَالَ الفَرَّاءُ: سمعتُ بعضَ العربِ يَقُول: مَنازلُهم تَتَنَاحَرُ، هَذَا بنَحْرِ هَذَا: أَي قُبالَتُه، قَالَ: وأنشدني بعضُ بني أَسد:
(أَبَا حَكَمٍ هَل أنتَ عَمُّ مُجالِدٍ...وسَيِّدُ أَهْلِ الأَبْطَحِ المُتَناحِرِ)
وَنَحَرَت الدارُ الدارَ، كَمَنَع: استَقْبَلَتْها، فَهِيَ تَنْحَرها، وَكَذَلِكَ ناحَرَتْ، وَهُوَ مَجاز. نَحَرَ الرجلُ فِي الصَّلَاة: انْتَصَبَ ونَهَدَ صَدْرُه، وَبِه فَسَّر بعضٌ قَوْلُهُ تَعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ أَو نَحَرَ الرجلُ فِي الصَّلاةِ، إِذا وضعَ يَمينَه على شِمالِه، وَبِه فُسِّرت الآيَة. قَالَ ابنُ سِيدَه: وأُراها لُغَة شَرْعِيَّة، وَقيل مَعْنَاهَا: وانْحرِ البُدْنَ، وَقَالَ طائفةٌ: أُمِرَ بنَحرِ النُّسُك بعد الصلاةِ. قَالَ فِي البَصائر: فَفِيهِ تحريضٌ على فَضْل هذَيْن الرُّكْنَيْن، وفِعلِهما، فإنّهلَا بدّ من تَعاطيهما فإنّه واجبٌ فِي كلِّ مِلَّة. وَقيل أُمِر بوضعِ اليدِ على النَّحْرِ. قلتُ: وَقَالَ ابنُ القَطَّاع: نَحَرَ الرجلُ: قامَ فِي الصَّلَاة فرفعَ يَدَيْه عِنْد ذَلِك. أَو نَحَرَ: انْتَصَبَ بنَحرِه إزاءَ القِبْلَة وَلم يَلْتَفِت يَميناً وَلَا شِمالاً. وَقَالَ الفَرَّاءُ فِي معنى الْآيَة: أَي استَقْبِلْ القِبْلَةَ بنَحْرِك. وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: النَّحْر: انتِصابُ الرجلِ فِي الصَّلَاة بِإِزَاءِ المِحْراب. وَقَالَ فِي البَصائر: وَقيل: فِيهِ حَثٌّ على قَتْلِ النَّفْس بقَمعِ الشَّهوة وكفِّ النَّفسِ عَن هَواهَا. فحاصِلُ مَا ذُكِر من الْأَقْوَال سَبْعَةٌ، وَزَاد الصَّاغانِيّ فَقَالَ عَن قوم: وانْحَر، أَي استقبِلْ نَحْرَ النَّهَار، أَي أوّله. فصارتْ الأقوالُ ثَمَانِيَة. منَ المَجاز: النِّحْرُ والنِّحْرير، بكسرِهما: الحاذِقُ الماهِرُ العاقِلُ المُجرِّب، وَقيل: النِّحْرير: الرجلُ الطَّبِن المُتقِن الفَطِن البَصيرُ بكلّ شيءٍ، مأخوذٌ من قَوْلهم: نَحَرَ الأمورَ عِلماً، أَي لأنّه يَنْحَرُ العلمَ نَحْرَاً، وَالْجمع النَّحارير، وسُئلَ جَريرٌ عَن شُعراءِ الْإِسْلَام قَالَ: نَبْعَةُ الشِّعْرِ للفرَزْدَق. قيل: فَمَا تركتَ لنفْسك قَالَ: أَنا نَحَرْتُ الشِّعرَ نَحْرَاً. قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ. وبَرَقَ نَحْرُه: لقبُ رجلٍ، كتأَبَّطَ شرَّاً، وذَرَّى حَبَّاً، وغيرِهما. منَ المَجاز: مُنْتَحَرُ الطَّرِيق: سَنَنُه الواسِعُ البَيِّن. من كَلَام الْعَرَب: إِنَّه لمِنْحارٌ بَوائِكُها، أَي يَنْحَرُ سِمَانَ الْإِبِل، وَهُوَ للمُبالَغة، يُوصَف بالجُود. والمَنْحَر: المَوْضِع الَّذِي يُنحَر فِيهِ الهَدْيُ وغيرُه، وَالْجمع المَناحِر. ومسجِدُ النَّحْرِ معروفٌ بمِنىً، وَكَذَلِكَ المَنْحَر بهَا. منَ المَجاز: تَناحَروا عَن الطَّرِيق: عدَلوا عَنهُ، كَذَا فِي الأساس. يُقَال: لَقِيتُه صَحْرَةً بَحْرَةً نَحْرَةً، مُنَوَّنات، أَي عِياناً، نَقلهالصَّاغانِيّ، وَقد سبق ذِكرُ كلٍّ من صَحْرَة وبَحْرَة فِي محلّهما. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: النَّحيرَةُ: المَنْحُورة. والناحِر: أوّل الشَّهْر. وَنَحَر الصلاةَ: صَلاَّها فِي أوّل وَقْتِها. ونَحائرُ الشهرِ: مُقابِلاتُها. ورجلٌ مِنْحارٌ، بِالْكَسْرِ: جَوَاد. والمَنْحور: المُستَقبَل، وَبِه) فُسِّر قولُ الشَّاعِر:
(أَوْرَدْتُهُمْ وصُدورُ العِيسِ مُسْنَفَةٌ...والصُّبْحُ بالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ مَنْحُورُ)
وَقَالَ عديُّ بن زَيْد يَصِف الغَيْث:
(مَرِحٌ وَبْلُهُ يَسُحُّ سُيوبَ ال...ماءِ سَحَّاً كأنّه مَنْحُورُ)
أَي مَذْبُوح. وَيُقَال للسّحاب إِذا انْعَقَّ بماءٍ كثيرٍ: قد انْتَحَرَ انتِحاراً، قَالَ الرَّاعِي:
(فمَرَّ على مَنازِلِها فَأَلْقى...بهَا الأَثْقالَ فانْتَحَرَ انْتِحارا)
وَهُوَ مجَاز. ودائِرَةُ الناحِر: تكون فِي الجِرَان إِلَى أسفلَ من ذَلِك. وقعدَ فلانٌ فِي نَحْرِ فلَان: قابَلَه. ونَحَرْتُه نَحْرَاً: قابَلْتُه. وتَناحَروا على الطَّرِيق وغيرِه، إِذا تَتابعوا عَلَيْهِ. وَهُوَ مَجاز. والنَّحَّارية: قَرْيَة بِمصْر من أَعمال الغَرْبِيّة.
ونَحيزةُ الرجل. كسَفينة: طَبيعته. والنَّحيزةُ أَيْضا: طُرَّةٌ تُنسَجثمَّ تُخاط على الفساطيط شبه الشُّقَّة. والنَّحيزة: العَرْقَة، وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: النّحيزة: طريقةٌ سوداءُ كأنّها خطٌّ مُستَوِيَة مَعَ الأَرْض خَشِنَة لَا يكون عَرْضُها ذِراعَيْن وإنّما هِيَ عَلامَة فِي الأَرْض من حِجَارَة أَو طين أَسْوَد. وَقَالَ الأصمعيّ: النَّحيزة: الطريقُ بعَيْنِه شُبِّه بخطوط الثَّوْب، وَقَالَ أَبُو زَيْد: النَّحيزة من الشَّعر يكون عَرْضُها شِبراً تُعلّق على الهَوْدَج يُزَيّنونه بهَا. وَرُبمَا رقَموها بالعِهْن. وَقَالَ أَبُو عَمْرُو: النَّحيزة: النَّسيجةُ شِبه الحِزام يكون على الفساطيطِ الَّتِي تكون على الْبيُوت تُنسَج وَحْدَها وكأنّ النّحائزَ من الطُّرُق مشَبّهة بهَا. وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: النَّحيزة: الجبلُ المُنْقاد فِي الأَرْض، والأصلُ فِي جَمِيع مَا ذُكر واحدٌ، وَهُوَ الطَّرِيقَة المُسْتدقّة. والنَّحيزة: وادٍ فِي ديار غَطَفَان، عَن أبي مُوسَى.