دوم
لسان العرب لابن منظور
دوم: دامَ الشيءُ يَدُومُ ويَدامُ؛ قال: يا مَيّ لا غَرْوَ ولا مَلامَا في الحُبِّ، إن الحُبَّ لن يَدامَا قال كراع: دامَ يَدُومُ فَعِلَ يَفْعُلُ، وليس بقَوِيٍّ، دَوْماً ودَواماً ودَيْمومَةً؛ قال أَبو الحسن: في هذه الكلمة نظر، ذهب أهل اللغة في قولهم دِمْتَ تَدُومُ إلى أنها نادرة كمِتَّ تَموتُ، وفَضِلَ يَفْضُلُ، وحَضِرَ يَحْضُرُ، وذهب أبو بكر إلى أنها متركبة فقال: دُمْتَ تَدُومُ كقُلْتَ تَقُولُ، ودِمْتَ تَدامُ كخِفْتَ تَخافُ، ثم تركبت اللغتان فظنّ قوم أن تَدُومُ على دِمْتَ، وتَدامُ على دُمْتَ، ذهاباً إلى الشذوذ وإيثاراً له، والوَجْه ما تقدم من أَن تَدامُ على دِمْتَ، وتَدُومُ على دُمْتَ، وما ذهبوا إليه من تَشْذيذ دِمْتَ تَدومُ أخف مما ذهبوا إليه من تَسَوُّغِ دُمْتَ تَدامُ، إذ الأُولى ذات نظائر، ولم يُعْرَفْ من هذه الأخيرة إلاَّ كُدْتَ تَكادُ، وتركيب اللغتين باب واسع كَقَنَطَ يَقْنَطُ ورَكَنَ يَرْكَنُ، فيحمله جُهَّالُ أهل اللغة على الشذوذ. وأَدامَهُ واسْتَدامَهُ: تأَنَّى فيه، وقيل: طلب دوَامَهُ، وأَدْومَهُ كذلك. واسْتَدَمْتُ الأمر إذا تأَنَّيْت فيه؛ وأنشد الجوهري للمَجْنون واسمه قَيسُ بن مُعاذٍ: وإنِّي على لَيْلى لَزارٍ، وإنَّني، على ذاكَ فيما بَيْنَنا، مُسْتَدِيمُها أي منتظر أن تُعْتِبَني بخير؛ قال ابن بري: وأَنشد ابن خالويه في مُسْتَديم بمعنى مُنْتَظِر: تَرَى الشُّعراءَ من صَعِقٍ مُصابٍ بصَكَّتِه، وآخر مُسْتَدِيمِ وأَنشد أَيضاً: إذا أَوقَعْتُ صاعِقةً عَلَيْهِمْ، رأَوْا أُخْرَى تُحَرِّقُ فاسْتَدامُوا الليث: اسْتِدامَةُ الأَمرِ الأَناةُ؛ وأَنشد لقَيْسِ ابن زُهَيرٍ: فلا تَعْجَلْ بأَمرِكَ واسْتَدِمْهُ، فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ وتَصْلِيةُ العصا: إدارتها على النار لتستقيم، واسْتدامتها: التَّأَنِّي فيها، أي ما أَحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي. وقال شمر: المُسْتَدِيمُ المُبالِغُ في الأمر. واسْتَدِمْ ما عند فلان أي انتظره وارْقُبْهُ؛ قال: ومعنى البيت ما قام بحاجتك مثلُ من يُعْنى بها ويحب قضاءها. وأَدامه غيرهُ، والمُداومَةُ على الأمر: المواظبة عليه. والدَّيُّومُ: الدائِمُ منه كما قالوا قَيُّوم. والدِّيمةُ: مطر يكون مع سكون، وقيل: يكون خمسة أَيَّامٍ أو ستة وقيل: يوماً وليلة أو أكثر، وقال خالد بن جَنْبَةَ: الدِّيمةُ من المطر الذ لا رَعْدَ فيه ولا بَرْقَ تَدُومُ يَوْمَها، والجمع دِيَمٌ، غُيِّرَت الواو في الجمع لتَغَيُّرِها في الواحد. وما زالت السماءُ دَوْماً دَوماً ودَيْماً دَيْماً، الياء على المعاقبة، أي دائمة المطر؛ وحكى بعضهم: دامَتِ السماءُ تَدِيمُُ دَيْماً ودَوَّمَتْ وديَّمَتْ؛ وقال ابن جني: هو من الواو لاجتماع العرب طُرّاً على الدَّوامِ، وهو أَدْوَمُ من كذا، وقال أيضاً: من التدريج في اللغة قولهم دِيمةٌ ودِيَمٌ، واستمرار القلب في العين إلى الكسرة قبلها (* قوله «إلى الكسرة قبلها» هكذا في الأصل)، ثم تجاوزوا ذلك لما كثر وشاع إلى أن قالوا دَوَّمَتِ السماءُ ودَيَّمَتْ، فأَما دَوَّمَتْ فعلى القياس، وأما دَيَّمَتْ فلاستمرار القلب في دِيمَةٍ ودِيَمٍ؛ أَنشد أبو زيد: هو الجَوادُ ابنُ الجَوادِ ابنِ سَبَل، إنْ دَيَّمُوا جادَ، وإنْ جادُوا وَبَلْ ويروى: دَوَّمُوا. شمر: يقال دِيمةٌ ودِيْمٌ؛ قال الأَغْلَبُ: فَوارِسٌ وحَرْشَفٌ كالدِّيْمِ، لا تَتَأَنَّى حَذَرَ الكُلُومِ روي عن أبي العَمَيْثَلِ أنه قال: دِيمَة وجمعها دُيومٌ بمعنى الدِّيمةِ. وأَرض مَدِيمَةٌ ومُدَيَّمَةٌ: أصابتها الدِّيَمُ، وأَصلها الواو؛ قال ابن سيده: وأَرى الياء معاقبة؛ قال ابن مقبل: عَقِيلَةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ رَخاخَ الثَّرَى، والأُقْحُوانَ المُدَيَّمَا وسنذكر ذلك في ديم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أنها سئلت: هل كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يُفَضِّلُ بعض الأَيام على بعض؟ وفي رواية: أنها ذكرَتْ عَمَل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان عَمَلُهُ دِيمَةً؛ شبهتْه بالدِّيمَةِ من المطر في الدَّوامِ والاقتصاد. وروي عن حُذَيْقَة أنه ذكر الفتن فقال: إنها لآتِيَتُكُمْ دِيَماً، يعني أنها تملأ الأرض مع دَوامٍ؛ وأَنشد: دِيمَةٌ هَطْلاءُ فيها وَطَفٌ، طَبَّقَ الأَرْضَ، تَحَرَّى وتَدُرّ والمُدامُ: المَطر الدائم؛ عن ابن جني. والمُدامُ والمُدامَةُ: الخمر، سميت مُدامَةً لأنه ليس شيء تُستطاع إدامَةُ شربه إلا هي، وقيل: لإدامتها في الدَّنِّ زماناً حتى سكنتْ بعدما فارَتْ، وقيل: سُمِّيَتْ مُدامَةً إذا كانت لا تَنْزِفُ من كثرتها، فهي مُدامَةٌ ومُدامٌ، وقيل: سميت مُدامَةً لِعتْقها. وكل شيء سكن فقد دامَ؛ ومنه قيل للماء الذي يَسْكن فلا يجري: دائِمٌ. ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يُبالَ في الماء الدائم ثم يُتَوضَّأَ منه، وهو الماء الراكد الساكنُ، من دامَ يَدُومُ إذا طال زمانه. ودامَ الشيءُ: سكن. وكل شيء سكَّنته فقد أَدَمْتَه. وظلٌّ دَوْمٌ وماء دَوْمٌ: دائم، وصَفُوهُما بالمصدر. والدَّأْماءُ: البحر لدَوامِ مائه، وقد قيل: أصله دَوْماء، فإعْلاله على هذا شاذ. ودامَ البحرُ يَدُومُ: سكن؛ قال أَبو ذؤيب: فجاء بها ما شِئْتَ من لَطَمِيَّةٍ، تَدُومُ البحارُ فوقها وتَمُوجُ ورواه بعضهم: يَدُومُ الفُراتُ، قال: وهذا غلط لأن الدُّرَّ لا يكون في الماء العذب. والدَّيْمومُ والدَّيْمومَةُ: الفلاة يَدُومُ السير فيها لبعدها؛ قال ابن سيده: وقد ذكرت قول أبي عليّ أنها من الدَّوامِ الذي هو السخ (* قوله: السخَّ، هكذا في الأصل). والدَّيْمُومةُ: الأرض المستوية التي لا أَعلام بها ولا طريق ولا ماء ولا أنيس وإن كانت مُكْلِئَةً، وهنَّ الدَّيامِيمُ. يقال: عَلَوْنا دَيْمومةً بعيدة الغَوْرِ، وعَلَوْنا أرضاً دَيْمومة مُنكَرةً. وقال أبو عمرو: الدَّيامِيمُ الصَّحاري المُلْسُ المتباعدة الأَطرافِ. ودَوَّمَتِ الكلابُ: أمعنت في السير؛ قال ذو الرمة: حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض راجَعَهُ كِبْرٌ، ولو شاء نَجّى نفسَه الهَرَبُ أي أمعنت فيه؛ وقال ابن الأعرابي: أدامَتْهُ، والمعنيان مقتربان؛ قال ابن بري: قال الأصمعي دَوَّمَتْ خطأٌ منه، لا يكون التَّدْويم إلا في السماء دون الأرض؛ وقا الأخفش وابن الأعرابي: دَوَّمَتْ أبعدت، وأصله من دامَ يَدُومُ، والضمير في دَوَّمَ يعود على الكلاب؛ وقال عليُّ بن حمزة: لو كان التَّدْويمُ لا يكون إلا في السماء لم يجز أَن يقال: به دُوامٌ كما يقال به دُوارٌ، وما قالوا دُومَةُ الجَنْدَلِ وهي مجتمعة مستديرة. وفي حديث الجارية المفقودة: فَحَمَلني على خافيةٍ ثم دَوَّمَ بي في السُّكاك أي أدارني في الجوّ. وفي حديث قُسٍّ والجارُود: قد دَوَّمُوا العمائم أي أَداروها حول رؤوسهم. وفي التهذيب في بيت ذي الرمة: حتى إذا دَوَّمَتْ، قال يصف ثوراً وحشيّاً ويريد به الشمس، قال: وكان ينبغي له أن يقول دَوَّتْ فدَوَّمَتْ استكراه منه. وقال أبو الهيثم: ذكر الأصمعي أن التَّدْويمَ لا يكون إِلا من الطائر في السماء، وعاب على ذي الرمة موضعه؛ وقد قال رؤبة: تَيْماء لا يَنْجو بها من دَوَّما، إذا عَلاها ذو انْقِباضٍ أَجْذَما أي أَسرع. ودَوَّمَتِ الشمس في كَبِد السماء. ودَوَّمَت الشمس: دارت في السماء. التهذيب: والشمس لها تَدْويمٌ كأنها تدور، ومنه اشْتُقَّتْ دُوّامَةُ الصبي التي تدور كدَوَرانها؛ قال ذو الرمة يصف جُنْدَباً: مُعْرَوْرِياً رَمَضَ الرَّضْراض يَرْكُضُهُ، والشَّمْسُ حَيْرى لها في الجَوّ تَدْوِيمُ كأَنها لا تمضي أي قد رَكِبَ حَرَّ الرَّضْراض، والرَّمَضُ: شدة الحر، مصدر رَمِضَ يَرمَضُ رَمَضاً، ويركُضُهُ: يضربه برجله، وكذا يفعل الجُندَبُ. قال أبو الهيثم: معنى قوله والشمس حَيْرى تقف الشمس بالهاجِرَةِ على المَسير مقدار ستين فرسخاً (* قوله مقدار ستين فرسخاً» عبارة التهذيب مقدار ما تسير ستين فرسخاً). تدور على مكانها. ويقال: تَحَيَّرَ الماء في الروضة إذا لم يكن له جهة يمضي فيها فيقول كأنها مُتَحَيِّرَة لدَوَرانها، قال: والتَّدْويمُ الدَّوَرانُ، قال أبو بكر: الدائم من حروف الأضداد، يقال للساكن دائم، وللمتحرِّك دائم. والظل الدَّوْمُ: الدائم؛ وأَنشد ابن بري للَقِيط بن زُرارَةَ في يوم جَبَلَة: يا قَوْمِ، قدْ أحْرَقْتُموني باللَّوْمْ، ولم أُقاتِلْ عامِراً قبلَ اليَوْمْ شَتَّانَ هذا والعِناقُ والنَّوْم، والمَشْرَبُ البارِدُ والظِّلُّ الدَّوْم ويروى: في الظل الدَّوْم. ودَوَّمَ الطائر إذا تحرك في طَيَرانه، وقيل: دَوَّمَ الطائر إذا سَكَّنَ جناحيه كَطَيَرَانِ الحِدَإِ والرَّخَم. ودَوَّمَ الطائرُ واستدامَ: حَلَّقَ في السماء، وقيل: هو أن يُدَوِّمَ في السماء فلا يحرك جناحيه، وقيل: أن يُدَوِّمَ ويحوم؛ قال الفارسي: وقد اختلفوا في الفرق بين التَّدوِيمِ والتَّدْوِيَةِ فقال بعضهم: التَّدْويمُ في السماء، والتَّدْوِيَةُ في الأَرض، وقيل بعكس ذلك، قال: وهو الصحيح، قال جَوَّاسٌ، وقيل هو لعمرو بن مِخْلاةِ الحمارِ: بيَوْمٍ ترى الرايات فيه، كأَنها عَوافي طيورٍ مُسْتَديم وواقِع ويقال: دَوَّم الطائرُ في السماء إذا جعل يَدُور، ودَوَّى في الأرض، وهو مثل التَّدْويمِ في السماء. الجوهري: تَدْويمُ الطائر تَحْلِيقُهُ في طَيَرانِهِ ليرتفع في السماء، قال: وجعل ذو الرمة التَّدْوِيمَ في الأَرض بقوله في صفة الثور: حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض (البيت) وأَنكر الأصمعي ذلك وقال: إنما يقال دَوَّى في الأَرض ودَوَّمَ في السماء، كما قدمنا ذكره، قال: وكان بعضهم يُصَوِّبُ التَّدْويم في الأرض ويقول: منه اشتقت الدُّوَّامَةُ، بالضم والتشديد، وهي فَلْكَةٌ يرميها الصبي بخيط فتُدَوِّمُ على الأرض أي تدور، وغيره يقول: إنما سُمِّيَت الدُّوَّامَةَ من قولهم دَوَّمْتُ القِدْرَ إذا سكَّنْتَ غليانها بالماء لأنها من سرعة دَورَانها قد سكنتْ وهَدَأَتْ. والتَّدْوامُ: مثل التَّدْويمِ؛ وأنشد الأحمر في نعت الخيل: فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها، جُنْحَ النَّواصِي نحْوَ أَلْوِياتها، كالطير تَبْقي مُتَداوِماتِها قوله تَبْقي أي تنظر إِليها أنت وتَرْقُبُها، وقوله مُتَداوِمات أي مُدَوِّمات دائرات عائفات على شيء. وقال بعضهم: تَدْويمُ الكلب إمعانُهُ في الهَرَبِ، وقد تقدم. ويقال للطائ إذا صَفّ جناحيه في الهواء وسَكَّنهما فلم يحركهما كما تفعل الحِدَأُ والرَّخَمُ: قد دَوَّمَ الطائر تَدْوِيماً، وسُمِّي تدويماً لسكونه وتركه الخَفَقان بجناحيه. الليث: التَّدْويمُ تَحْلِيقُ الطائر في الهواء ودَوَرانه. ودُوَّامة الغلام، برفع الدال وتشديد الواو: وهي التي تلعب بها الصبيان فَتُدار، والجمع دُوَّامٌ، وقد دَوَّمْتُها. وقال شمر: دُوَّامةٌ الصبي، بالفارسية، دوابه وهي التي تلعب بها الصبيان تُلَفُّ بسير أو خيط ثم تُرْمى على الأرض فتَدور؛ قال المُتَلَمِّسُ في عمرو بن هند: ألَك السَّدِيرُ وبارِقٌ، ومَرابِضٌ، ولَكَ الخَوَرْنَقْ، والقَصْرُ ذو الشُّرُفاتِ من سِنْدادَ، والنَّخْلُ المُنَبَّقْ، والقادِسِيَّةُ كلُّها، والبَدْوُ من عانٍ ومُطْلَقْ؟ وتَظَلُّ، في دُوَّامةِ الـ ـمولودِ يُظْلَمُها، تَحَرَّقْ فَلَئِنْ بَقيت، لَتَبْلُغَنْ أرْماحُنا منك المُخَنَّقْ ابن الأعرابي: دامَ الشيءُ إذا دار، ودام إذا وقَف، ودام إذا تَعِبَ. ودَوَّمَتْ عينُه: دارت حدقتها كأنها في فَلْكةٍ، وأَنشد بيت رؤبة: تَيْماء لا يَنْجُو بها من دَوَّمَا والدُّوامُ: شبه الدُّوارِ في الرأْس، وقد دِيمَ به وأُدِيمَ إذا أخذه دُوارٌ. الأَصمعي: أخذه دُوَامٌ في رأْسه مثل الدُّوارِ، وهو دُوارُ الرأْس. الأَصمعي: دَوّمَتِ الخمر شاربها إذا سكر فدارَ. وفي حديث عائشة: أنها كانت تَصِفُ من الدُّوامِ سبع تمرات من عَجْوَةٍ في سبع غَدَواتٍ على الريق؛ الدُّوامُ، بالضم والتخفيف: الدُّوارُ الذي يَعْرِضُ في الرأْس. ودَوَّمَ المرقةَ إذا أَكثر فيها الإهالة حتى تَدُور فوقها، ومرقة داوِمة نادر، لأن حق الواو في هذا أن تقلب همزة. ودَوَّمَ الشيء: بَلَّةُ، قال ابن أحمر: هذا الثَّناءُ، وأَجْدِرْ أَن أُصاحِبَهُ وقد يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأَمَلُ أي يبلُّه؛ قال ابن بري: يقول هذا ثنائي على النُّعْمان ابن بشير، وأجْدر أن أُصاحبه ولا أُفارقه، وأَملي له يُبْقي ثنائي عليه ويُدَوِّمُ ريقي في فمي بالثناء عليه. قال الفراء: والتَّدْويمُ أن يَلُوكَ لسانَه لئلا ييبس ريقُه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف بعيراً يَهْدِرُ في شِقْشِقتِه: في ذات شامٍ تَضْرِبُ المُقَلَّدَا، رَقْشَاءَ تَنْتاخُ اللُّغامَ المُزْبِدَا، دَوَّمَ فيها رِزُّه وأَرْعَدَا قال ابن بري: وقوله في ذات شامٍ يعني في شِقْشِقَةٍ، وشامٌ: جمع شامةٍ، تَضْرب المُقَلَّدَا أي يخرجها حتى تبلغ صفحة عنقه؛ قال: وتَنْتاخُ عندي مثل قول الراجز: يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ حُرَّةٍ على إشباع الفتحة، وأَصله تَنْتَخ وتَنْبَعُ، يقال: نَتَخَ الشوكة من رجله إذا أَخرجها، والمِنْتاخُ: المِنْقاش، وفي شعره تَمْتاخ أي تخرج، والماتِخُ: الذي يخرج الماء من البئر. ودَوَّمَ الزعفرانَ: دافَهُ؛ قال الليث: تَدْوِيمُ الزعفران دَوْفُه وإدارَتُه في دَوْفِه؛ وأَنشد: وهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعفران المُدَوَّمَا وأدامَ القِدْرَ ودَوَّمَها إذا غَلَت فنضحها بالماء البارد ليسكن غَلَيانها؛ وقيل: كَسَرَ غليانها بشيء وسكَّنَهُ؛ قال: تَفُورُ علينا قِدْرُهُمْ فنُدِيمُها، ونَفْثَؤُها عَنَّا إذا حَمْيها غلى قوله نُدِيمُها: نُسَكِّنها، ونَفْثَؤُها: نكسرها بالماء؛ وقال جرير: سَعَرْتُ عليكَ الحَربَ تَغلي قُدورُها، فهَلأَّ غَداةَ الصِّمَّتَيْنِ تُدِيمُها يقال: أَدام القِدْرَ إذا سكَّن غَلَيانها بأن لا يُوقدَ تحتها ولا يُنزِلَها، وكذلك دَوَّمَها. ويقال للذي تُسَكَّنُ به القدر: مِدْوامٌ. وقال اللحياني: الإدامةُ أن تترك القدر على الأثافيِّ بعد الفراغ، لا ينزلها ولا يوقدها. والمِدْوَمُ والمِدْوامُ: عود أو غيره يُسَكَّنُ به غليانها؛ عن اللحياني. واسْتَدامَ الرجلُ غريمه: رفَق به، واسْتَدْماهُ كذلك مقلوب منه؛ قال ابن سيده: وإنما قضينا بأَنه مقلوب لأَنَّا لم نجد له مصدراً؛ واسْتَدْمَى مَوَدَّته: ترقبها من ذلك، وإن لم يقولوا فيه اسْتَدام؛ قال كُثَيِّرٌ: وما زِلْتُ أَسْتَدْمِي، وما طَرَّ شارِبي، وِصالَكِ، حتى ضَرَّ نفسي ضَمِيرُها قوله وما طَرَّ شارِبي جملة في موضع الحال. وقال ابن كَيْسانَ في باب كان وأخواتها: أما ما دامَ فما وَقتٌ، تقول: قُمْ ما دام زيدٌ قائماً، تريد قُمْ مُدَّةَ قيامه؛ وأَنشد: لَتَقْرَبَنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا، ما دام فيهِنَّ فَصِيل حَيَّا أي مدَّة حياة فُصْلانها، قال: وأما صار في هذا الباب فإنها على ضَرْبين: بلوغ في الحال، وبلوغ في المكان، كقولك صار زيد إلى عمرو، وصار زيد رجلاً، فإذا كانت في الحال فهي مثل كان في بابه، فأَما قولهم ما دام فمعناه الدَّوامُ لأن ما اسم موصول بدامَ ولا يُسْتَعْمَلُ إلا ظَرْفاً كما تستعمل المصادر ظروفاً، تقول: لا أَجلس ما دُمْتَ قائماً أي دَوامَ قيامِكَ، كما تقول: ورَدْتُ مَقْدَمَ الحاجّ. والدَّوْمُ: شجر المُقْلِ، واحدته دَوْمَةٌ، وقيل: الدَّوْمُ شجر معروف ثَمَرُهُ المُقْلُ. وفي الحديث: رأَيت النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو في ظل دَوْمة؛ قال ابن الأثير: هي وادة الدَّوْمِ وهو ضخام الشجر، وقيل: شجر المُقْلِ. قال أَبو حنيفة: الدَّوْمَةُ تَعْبُلُ وتَسْمُو ولها خُوصٌ كخُوصِ النحل وتُخرِجُ أَقْناءً كأَقْناء النخلة. قال: وذكر أبو زياد الأعرابي أن من العرب من يسمي النَّبْقَ دَوْماً. قال: وقال عُمَارَةُ الدَّوْمُ العظامُ من السِّدْرِ. وقال ابن الأَعرابي: الدَّوْمُ ضِخام الشجر ما كان؛ وقال الشاعر: زَجَرْنَ الهِرَّ تحت ظلال دَوْمٍ، ونَقَّبْنَ العَوارِضَ بالعُيونِ وقال طُفَيْلٌ: أَظُعْنٌ بِصَحْراء الغَبيطَينِ أم نَخْلُ بَدَتْ لك، أمْ دَومٌ بأَكمامِها حَمْلُ؟ قال ابو منصور: والدَّوْمُ شجر يشبه النخل إلاَّ أنه يُثْمِر المُقْلَ، وله لِيفٌ وخُوص مثل ليف النخل. ودُومَةُ الجَنْدَلِ: موضع، وفي الصحاح: حِصْنٌ، بضم الدال، ويسميه أهل الحديث دَوْمَة، بالفتح، وهو خطأٌ، وكذلك دُوماء الجَنْدَلِ. قال أَبو سعيد الضرير: دَوْمَةُ الجَنْدَلِ في غائط من الأرض خمسة فراسِخَ، ومن قِبَلِ مغربه عين تَثُجُّ فتسقي ما به من النخل والزرع، قال: ودَوْمَةُ ضاحِيَةٌ بين غائطها هذا، واسم حصنها مارِدٌ، وسميت دَوْمَةَ الجَنْدَلِ لأن حصنها مبني بالجندل، قال: والضاحِيةُ من الضَّحْل ما كان بارزاً من هذا الغَوْطِ والعينِ التي فيه، وهذه العين لا تسقي الضاحية، وقيل: هو دُومة، بضم الدال، قال ابن الأثير: وقد وردت في الحديث، وتضم دالها وتفتح، وهي موضع؛ وقول لبيد يصف بنات الدهر: وأَعْصَفْنَ بالدُّومِيِّ من رأْس حِصْنِهِ، وأَنْزَلْنَ بالأَسباب ربَّ المُشَقَّرِ يعني أُكَيْدِر، صاحب دُومَةِ الجَنْدَلِ. وفي حديث قصر الصلاة: وذكر دَوْمِين؛ قال ابن الأَثير: هي بفتح الدال وكسر الميم، قرية قريبة من حِمْص.والإدامَةُ: تَنْقيرُ السهم على الإبْهام. ودُوِّمَ السهم: فُتِل بالأَصابع؛ وأنشد أبو الهيثم للكميت: فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلُهُ، عند الإدامَةِ، حتى يَرْنُوَ الطَّرِبُ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: قالت لليَهُود عليكم السامُ الدامُ أَي الموت الدائم، فحذفت الياء لأجل السام. ودَوْمانُ: اسم رجل. ودَوْمانُ: اسم قبيلة. ويَدُومُ: جبل؛ قال الراعي: وفي يَدُومَ، إذا اغْبَرَّتْ مَناكِبُهُ، وذِرْوة الكَوْر عن مَرْوانَ مُعْتزل وذو يَدُومَ: نهر من بلاد مُزَيْنَة يدفع بالعقيق؛ قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ: عَرَفْتُ الدار قد أَقْوَتْ بِرِئْمٍ إلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذي يَدُومِ وأَدام: موضع؛ قال أَبو المُثَلَّمِ: لقد أُجْرِي لمصْرَعِهِ تَلِيدٌ، وساقَتْهُ المَنِيَّةُ من أَداما قال ابن جني: يكون أَفْعَلَ من دامَ يَدُومُ فلا يصرف كما لا يصرف أَخْزَمُ وأَحمر، وأصله على هذا أدْوَم، قال: وقد يكون من د م ي، وهو مذكور في موضعه، والله أعلم.