حَدَّ
مقاييس اللغة لابن فارس
(حَدَّ)الْحَاءُ وَالدَّالُ أَصْلَانِ: الْأَوَّلُ الْمَنْعُ، وَالثَّانِي طَرَفُ الشَّيْءِ.
فَالْحَدُّ: الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَفُلَانٌ مَحْدُودٌ، إِذَا كَانَ مَمْنُوعًا. وَ " إِنَّهُ لَمُحَارَفٌ مَحْدُودٌ "، كَأَنَّهُ قَدْ مُنِعَ الرِّزْقَ. وَيُقَالُ لِلْبَوَّابِ حَدَّادٌ، لِمَنْعِهِ النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ. قَالَ الْأَعْشَى:
فَقُمْنَا وَلَمَّا يَصِحْ دِيكُنَا...إِلَى جَوْنَةٍ عِنْدَ حَدَّادِهَا
وَقَالَ النَّابِغَةُ فِي الْحَدِّ وَالْمَنْعِ:
إِلَّا سُلَيْمَانَ إِذْ قَالَ الْمَلِيكُ لَهُ...قُمْ فِي الْبَرِيَّةِ فَاحْدُدْهَا عَنِ الْفَنَدِ
وَقَالَ آخَرُ:يَا رَبِّ مَنْ كَتَمَنِي الصِّعَادَا...فَهَبْ لَهُ حَلِيلَةً مِغْدَادَا
كَانَ لَهَا مَا عَمِرَتْ حَدَّادَا
أَيْ يَكُونُ بَوَّابَهَا لِئَلَّا تَهْرُبَ. وَسُمِّيَ الْحَدِيدُ حَدِيدًا لِامْتِنَاعِهِ وَصَلَابَتِهِ وَشِدَّتِهِ. وَالِاسْتِحْدَادُ: اسْتِعْمَالُ الْحَدِيدِ. وَيُقَالُ حَدَّتِ الْمَرْأَةُ عَلَى بَعْلِهَا وَأَحَدَّتْ، وَذَلِكَ إِذَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا الزِّينَةَ وَالْخِضَابَ. وَالْمُحَادَّةُ: الْمُخَالَفَةُ، فَكَأَنَّهُ الْمُمَانَعَةُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَصْلِ الْآخَرِ.
وَيُقَالُ: مَا لِي عَنْ هَذَا الْأَمْرِ حَدَدٌ وَمُحْتَدٌّ، أَيْ مَعْدَلٌ وَمُمْتَنَعٌ. وَيُقَالُ حَدَدًا، بِمَعْنَى مَعَاذَ اللَّهِ. وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَنْعِ. قَالَ الْكُمَيْتُ:
حَدَدًا أَنْ يَكُونَ سَيْبُكَ فِينَا...زَرِمًا أَوْ يَجِيئَنَا تَمْصِيرًا
وَحَدُّ الْعَاصِي سُمِّيَ حَدًّا لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ عَنِ الْمُعَاوَدَةِ. قَالَ الدُّرَيْدِيُّ: " يُقَالُ هَذَا أَمْرٌ حَدَدٌ، أَيْ مَنِيعٌ ".
وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَقَوْلُهُمْ: حَدُّ السَّيْفِ وَهُوَ حَرْفُهُ، وَحَدُّ السِّكِّينِ. وَحَدُّ الشَّرَابِ: صَلَابَتُهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
وَكَأْسٍ كَعَيْنِ الدِّيكِ بَاكَرْتُ حَدَّهَاوَحَدُّ الرَّجُلِ: بَأْسُهُ. وَهُوَ تَشْبِيهٌ.
وَمِنَ الْمَحْمُولِ الْحِدَّةُ الَّتِي تَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنَ النَّزَقِ. تَقُولُ حَدَدْتُ عَلَى الرَّجُلِ أَحِدُّ حِدَّةً.