بَرَوَى 

مقاييس اللغة لابن فارس
(بَرَوَى)الْبَاءُ وَالرَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ بَعْدَهُمَا وَهُوَ الْوَاوُ وَالْيَاءُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا تَسْوِيَةُ الشَّيْءِ نَحْتًا، وَالثَّانِي التَّعَرُّضُ وَالْمُحَاكَاةُ. فَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ بَرَى الْعُودَ يَبْرِيهِ بَرْيًا، وَكَذَلِكَ الْقَلَمُ. وَنَاسٌ يَقُولُونَ يَبْرُو، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلْبُرِّ يَقْلُو، وَهُوَ بِالْيَاءِ أَصْوَبُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: بَرَيْتُ الْقَوْسَ بَرْيًا وَبُرَايَةً، وَاسْمُ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ الْبُرَايَةُ، وَيَتَوَسَّعُونَ فِي هَذَا حَتَّى يَقُولُوا مَطَرٌ ذُو بُرَايَةٍ، أَيْ: يَبْرِي الْأَرْضَ وَيَقْشُرُهَا.

قَالَ الْخَلِيلُ: الْبَرِيُّ السَّهْمُ الَّذِي قَدْ أُتِمَّ بَرْيُهُ وَلَمْ يُرَشَّ وَلَمْ يُنَصَّلْ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يَقُولُ الْعَرَبُ: " أَعْطِ الْقَوْسَ بَارِيَهَا "، أَيْ: كِلِ الْأَمْرَ إِلَى صَاحِبِهِ.

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ لِلْبَعِيرِ إِنَّهُ لَذُو بُرَايَةٍ فَمِنْ هَذَا أَيْضًا، أَيْ إِنَّهُ بُرِيَ بَرْيًا مُحْكَمًا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا كَانَ بَاقِيًا عَلَى السَّيْرِ: إِنَّهُ لَذُو بُرَايَةٍ. قَالَ الْأَعْلَمُ:

عَلَى حَتِّ الْبُرَايَةِ زَمْخَرِيُّ ال...سَّوَاعِدِ ظَلَّ فِي شَرْيٍ طُِوَالِوَهُوَ أَنْ يَنْحَتَّ مِنْ لَحْمِهِ ثُمَّ يَنْحَتَّ، لَا يَنْهَمُّ فِي أَوَّلِ سَفَرِهِ، وَلَكِنَّهُ يَذْهَبُ مِنْهُ ثُمَّ تَبْقَى بُرَايَةٌ، ثُمَّ تَذْهَبُ وَتَبْقَى بُرَايَةٌ. وَفُلَانٌ ذُو بُرَايَةٍ أَيْضًا.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا الْبُرَةُ، وَهِيَ حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ، يُقَالُ: نَاقَةٌ مُبْرَاةٌ وَجَمَلٌ مُبْرًى، قَالَ الشَّاعِرُ:

فَقَرَّبْتُ مُبْرَاةً يُخَالُ ضُلُوعُهَا...مِنَ الْمَاسِخِيَّاتِ الْقِسِيَّ الْمُوَتَّرَا

وَهَذِهِ بُرَةٌ مَبْرُوَّةٌ، أَيْ: مَعْمُولَةً. وَيُقَالُ: أَبْرَيْتُ النَّاقَةَ أُبْرِيهَا إِبْرَاءً: إِذَا جَعَلْتَ فِي أَنْفِهَا بُرَةً. والْبُرَةُ أَيْضًا حَلْقَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إِذَا كَانَتْ دَقِيقَةً مَعْطُوفَةَ الطَّرَفَيْنِ، وَالْجَمْعُ الْبُرَى وَالْبُرُونُ وَالْبِرُونُ. وَكُلُّ حَلْقَةٍ بُرَةٌ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ذُو الْبُرَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:

وَذُو الْبُرَةِ الَّذِي حُدِّثْتَ عَنْهُ...بِهِ نُحْمَى وَنَحْمِي الْمُلْجَئِينَا

رَجُلٌ تَغْلِبيٌّ كَانَ جَعَلَ فِي أَنْفِهِ بُرَةً لِنَذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْبُرَةُ سَيْفٌ، كَانَ لَهُ سَيْفٌ يُسَمَّى الْبُرَةُ. وَالْبُرَاءُ النُّحَاتَةُ، وَهُوَ مِنَ الْبَابِ. قَالَ الْهُذَلِيُّ:

حَرِقُ الْمُفَارِقِ كَالْبُرَاءِ الْأَعْفَرِوَمِنَ الْبَابِ الْبَرَى الْخَلْقُ، وَالْبَرَى التُّرَابُ. يُقَالُ: " بِفِيهِ الْبَرَى "، لِأَنَّ الْخَلْقَ مِنْهُ.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْمُحَاكَاةُ فِي الصَّنِيعِ وَالتَّعَرُّضُ. قَالَ الْخَلِيلُ: تَقُولُ: بَارَيْتُ فُلَانًا، أَيْ: حَاكَيتَهُ. وَالْمُبَارَاةُ أَنْ يُبَارِيَ الرَّجُلُ آخَرَ فَيَصْنَعَ كَمَا يَصْنَعُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يُبَارِي جِيرَانَهُ، وَيُبَارِي الرِّيحَ، أَيْ: يُعْطِي مَا هَبَّتِ الرِّيحُ، وَقَالَ الرَّاجِزُ:

يَبْرِي لَهَا فِي الْعَوَمَانِ عَائِمُ

أَيْ: يُعَارِضُهَا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: انْبَرَى لَهُ وَبَرَى لَهُ، أَيْ: تَعَرَّضَ، وَقَالَ:

هِقْلَةُ شَدٍّ تَنْبَرِي لِهِقْلِ

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

تَبْرِي لَهُ صَعْلَةٌ خَرْجَاءُ خَاضِعَةٌ

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَبَرَّيْتُ مَعْرُوفَ فُلَانٍ وَتَبَرَّيْتُ لِمَعْرُوفِهِ، أَيْ: تَعَرَّضْتُ.

قَالَ:

وَأَهْلَةِ وُدٍّ قَدْ تَبَرَّيْتُ وُدَّهُمْ...وَأَبْلَيْتُهُمْ فِي الْوُدِّ جُهْدِي وَنَائِلِييُقَالُ: أَهْلٌ وَأَهْلَةٌ. وَقَالَ الرَّاجِزُ:

وَهْوَ إِذَا مَا لِلصِّبَا تَبَرَّى...وَلَبِسَ الْقَمِيصَ لَمْ يُزَرَّا

وَجَرَّ أَطْرَافَ الرِّدَاءِ جَرَّا