الصفحة 3 من 17

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الواحد القهار والصلاة والسلام على النبي المختار وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار. وبعد:

نحاول الحديث هنا عن التميز الذي يبرز الإسلام من خلاله كعقيدة ومنهج ومجتمع، ومن ثم تتحدد الراية والهدف ليتبين للعاملين في حقل العمل الإسلامي، أنه لا بد من التميز الذي يتحدد الإسلام من خلاله تصوراً ومنهجاً وواقعاً يختلف عن الطرق والمناهج والأديان الأخرى .

تميز العقيدة العبودية المطلقة لله وحده هي الشطر الأول لركن الإسلام الأول، فهي المدلول المطابق لشهادة أن لا إله إلا الله، والتلقي في كيفية هذه العبودية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشطر الثاني لهذا الركن، فهو المدلول المطابق لشهادة أن محمداً رسول الله - كما جاء في فصل:"لا إله إلا الله منهج حياة"..

والعبودية المطلقة لله وحده تتمثل في اتخاذ الله وحده إلهاً .. عقيدة وعبادة وشريعة .. فلا يعتقد المسلم أن"الألوهية"تكون لأحد غير الله - سبحانه - ولا يعتقد أن"العبادة"تكون لغيره من خلقه، ولا يعتقد أن"الحاكمية"تكون لأحد من عباده .. كما جاء في ذلك الفصل أيضا ً .

ولقد أوضحنا هناك مدلول العبودية والاعتقاد والشعائر والحاكمية، وفي هذا الفصل نوضح مدلول"الحاكمية"وعلاقته"بالثقافة".

إن مدلول"الحاكمية"في التصور الإسلامي لا ينحصر في تلقي الشرائع القانونية من الله وحده، والتحاكم إليها وحدها، والحكم بها دون سواها .. إن مدلول"الشريعة"في الإسلام لا ينحصر في التشريعات القانونية، ولا حتى في أصول الحكم ونظامه وأوضاعه، إن هذا المدلول الضيق لا يمثل مدلول"الشريعة"والتصور الإسلامي !، إن"شريعة الله"تعني كل ما شرعه الله لتنظيم الحياة البشرية .. وهذا يتمثل في أصول الاعتقاد، وأصول الحكم، وأصول الأخلاق، وأصول السلوك، وأصول المعرفة أيضاً .

يتمثل في الإعتقاد والتصور - بكل مقومات هذا التصور - تصور حقيقة الألوهية، وحقيقة الكون، غيبه وشهوده، وحقيقة الحياة، غيبها وشهودها، وحقيقة الإنسان، والإرتباطات بين هذه الحقائق كلها، وتعامل الإنسان

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام