فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 19

الكلمة، ويعتقد ذلك المعنى، ويطبقه في سيرته ونهجه، فبعد أن عرفت أن ليس المراد من لا إله إلا الله مجرد التلفظ بها، فكذلك يقال في قرينتها، بل لابد من التصديق بها والالتزام بمعناها ومقتضاها، وهو الاعتقاد الجازم بأنه صلى الله عليه وسلم مرسل من ربه عز وجل، قد حمله الله هذه الشريعة كرسالة، وكلفه بتبليغها إلى الأمة، وفرض على جميع الأمة تقبل رسالته والسير على نهجه، والبحث في ذلك يحتاج إلى معرفة أمور يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها.

الأمر الأول: أهلية النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الرسالة.

قال الله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار) (القصص:68) .

وقال تعالى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (الأنعام:124) .

وقال تعالى: (وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) (ص:47) .

ونحو هذه الآيات التي تفيدنا بأن رسل الله من البشر الذين فضلهم واجتباهم وطهرهم، حتى أصبحوا أهلاً لحمل رسالته، وأمناء على شرعه ودينه، ووسطاء بينه وبين عباده، وقد ذكر الله عن بعض الأمم المكذبة للرسل أنهم قالوا لرسلهم: (إن أنتم إلا بشر مثلنا) (إبراهيم:46) ، فكان جواب الرسل أن قالوا: (إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) (إبراهيم:11) .

وحيث إن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل وأفضلهم، وقد خصه بما لم يحصل لغيره ممن قبله، فإنه بلا شك على جانب كبير من هذا الاصطفاء والاختيار الذي أصبح به مرسلاً إلى عموم الخلق من الجن والإنس، وقد قال الله تعالى له: (وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم:4) .

وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان خلقه القرآن تعني أنه يطبق ما فيه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي يشهد بحسنها وملاءمتها كل عاقل، فلقد كان قبل نزول الوحي عليه على جانب كبير من الأمانة والصدق والوفاء والعفاف ونحوها حتى كان أهل مكة يعرفونه بالصادق الأمين، وقد تضاعفت وتمكنت فيه تلك الأخلاق بعد النبوة، فكان يتحلى بأعظم درجات الكرم والجود والحلم والصبر، والمروءة والشكر، والعدل والنزاهة، والتواضع والشجاعة ... إلخ، كما يوجد ذلك مدوناً بأمثلة رائعة

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام