أما بعد فإن الله جل ذكره وتقدست أسماؤه خلق الخلق كما أراد لما أراد فجعلهم شقيا وسعيدا فأما اهل الشقوة فكفروا بالله العظيم وعبدوا غيره وعصوا رسوله وجحدوا كتبه فأماتهم على ذلك فهم في قبورهم يعذبون وفي القيامة عن النظر إلى الله محجوبون وإلى جهنم وارادون وفي أنواع العذاب يتقلبون وللشياطين مقارنون وهم فيها أبدا خالدون
وأما أهل السعادة فهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى فآمنوا بالله وحده ولم يشركوا به شيئا وصدقوا القول بالعمل فأماتهم الله على ذلك فهم في قبورهم ينعمون وعند المحشر ينشرون وفي الموقف إلى الله عز و جل بأعينهم ينظرون وإلى الجنة بعد ذلك وافدون وفي نعيمها يتفكهون وللحور العين يعانقون والولدان لهم يخدمون وفي جوار مولاهم الكريم أبدا خالدون ولربهم عز و جل في داره زائرون وبالنظر إلى وجهه الكريم يتلذذون وله مكلمون وبالتحية لهم من الله عز و جل والسلام منه عليهم يكرمون ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
قال محمد بن الحسين فإن اعترض جاهل ممن لا علم له أو بعض هؤلاء الجهمية الذين لم يوفقوا للرشاد ولعب بهم الشيطان وحرموا التوفيق
فقال والمؤمنون يرون الله عز و جل يوم القيامة
قيل له نعم والحمد لله على ذلك
فإن قال الجهمي أنا لا أؤمن بهذا
قيل له كفرت بالله العظيم
فإن قال وما الحجة
قيل له لأنك رددت القرآن والسنة وقول الصحابة وقول علماء المسلمين واتبعت غير سبيل المؤمنين وكنت ممن قال الله عز و جل فيهم