الصفحة 8 من 50

الفرائض فإن من لا توكل له ولا صبر ولا يقين ولا إخلاص ولا صدق؛ لا يستطيع أن يعبد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأن يقوم بهذه الواجبات وهذه التعبدات.

فعمل القلب -إذاً- يشمل كل ما جاء في الكتاب والسنة من الواجبات الإيمانية القلبية، التي لا بد ولا محالة أن يظهر أثرها على الجوارح، وإلا فإنه لا وجود لها إطلاقاً، لكن هي محلها القلب، كالتوكل فإن محله القلب -كما تعلمون- لكن لا بد أن يظهر ذلك على الجوارح، فإن عدم التوكل كأن يظهر المرء الجزع أو الهلع أو القنوط، فإن ذلك يظهر على جوارح الإنسان وعلى كلامه، أما المتوكل الصابر الموقن المخلص، فإن ذلك يظهر -ولا محالة- على جوارحه.

ومن أعظم ذلك الحياء، ولذلك أفرد في حديث شعب الإيمان الذي يقول فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الإيمان بضع وسبعون -أو وستون- شعبة، فأعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان} فهذه الشعبة لأهميتها: أفردت، ولأنها خيرٌ كلها كما في الحديث الصحيح: {الحياء كله خير} .

ولا يمكن أن نحكم أو نعرف أو نقول: إن الإنسان لديه حياء -وهو عمل قلبي- إلا أن يظهر ذلك على جوارحه، فإن مشية الإنسان الحيي غير مشية الإنسان الذي لا يستحي، وكلام الإنسان صاحب الحياء غير كلام الآخر، وكذلك صلاته وعبادته، وفعله لما أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإن الحيي يتورع عن ارتكاب المحرمات، ومن تجرأ على المحرمات وعلى المنكرات جزمنا وعلمنا بأنه فاقد للحياء كله أو بعضه، فهذه هي أعمال القلب، فعمل القلب -إذاً- هو هذه الأمور الباطنة من الإيمان.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام