فهرس الكتاب
الصفحة 217 من 261

إبراز هذا القانون في الخارج أي إيجاد الكائنات وتسييرها على حسب ما قدر الله لها في الأزل.

فهو كما قال ابن الأثير: كالبناء، والقدر كالأساس ولأضرب مثلا يزيد الأمر وضوحا، آلة ميكانيكية قبل أن تبرز الى الوجود، كان لها في ذهن المهندس الذي أخترعها صورة واضحة الخطوط والمعالم، ولكنها لا وجود لها في الخارج، ثم صنعت، فبرزت الى الوجود فوجود صورة الآلة في ذهن المهندس يشبه القدر وصنعها وإبرازها في الخارج يشبه القضاء. ولله المثل الأعلى ليس كمثله شيء ..

وإنما ضربت هذا المثل لأقرب الأمر الى الأذهان فقط وأما الحقيقة العليا، فهي وراء المدارك والأفهام ..

ذكرت للقدر أمثلة كثيرة، فلا أطيل بذكر أمثلة أخرى للقضاء، وحسبنا أن نرجع الى الأمثلة السابقة لنعلم أن إيجادها في الخارج، وإبرازها في الوجود هو القضاء ..

فإيجاد الكائنات وتسييرها على حسب ما قدر لها قضاء، وشروق الشمس وغروبها على هذا النظام المقدر لها قضاء، ونزول المطر من السحاب قضاء، ونمو النبات والشجر على حسب سنة الوجود قضاء، وتفتح الأزهار وذبولها وسقوطها قضاء، ومرض من يمرض إذا تعرض لأسباب المرض قضاء، وموت من يموت إذا جاء أجله المسمى المرتبط بالأسباب المقدرة قضاء، وشفاء من يشفى إذا تعاطى أسباب الشفاء قضاء، والأمثال معروفة للخاصة والعامة ...

قدر الله سبحانه في الأزل أن يخلق السماوات والأرض فلما جاء الأجل المحدود أبرزها إلى الوجود، فكان إبرازها قضاء قال تعالى في سورة فصلت: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام