ذلك كالحرباء بحسب مصالحهم، وأننا شركاء معهم في الإنسانية وعِمارة الأرض، وغرسوا في نفوس الكثير فكرة احترام الرأي الآخر مهما كان، وبثوا المفاهيم والأفكار والمصطلحات الغربية بين المسلمين لتصبح مطالب ومقاييس!
وقد وقع بعض أبناء المسلمين من علماء وأفراد ومؤسسات في شِراكهم، ففتقوا ما يسمى بـ (المصلحة) حتى دخل منها الكفر والزندقة، وفكرة الإخوة بين المسلمين وغيرهم من الكفار، وساروا بفكرة الأولويات النابعة من واقع المصلحة العامة، التي تجعل للعقل مدخلاً في منازعة الله في حقّه في التشريع وإصدار الأحكام، ولجؤوا إلى العموميات دون التفصيل لتمييع أصول وأحكام وأنظمة الإسلام.
وقد جاء الإسلام بمفاهيم ومناهج وسلوك لتحديد هوية المسلم لتميزه عن غيره، وتحدد له الطريق القويم والمحجة الواضحة للوصول إلى النجاة، قال تعالى (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) ) (يوسف:108) .
ويلزم من هذا عدم التخلي عن أي أمر متعلق بأخلاق وحياة الأمة المسلمة، فحياتنا على نهج معيّن خاص، مبني على عقيدة التسليم لله والعبودية له، والانقياد له بالطاعة، فالإسلام ليس كغيره فقد جاء بحفظ الدين والدنيا فهو سياسة واجتماع واقتصاد وسلوك وتربية، غير أن قوّة الكفار وضعف المسلمين وفرضهم الأنظمةَ الكافرة والقوانين المضادة لحُكم الله، قد جرأ عدداً من أبناء المسلمين أن يطلبوا مجتمعاً غير مسلم، قال تعالى (( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) ) (المائدة:50) .
فتمكنت الهزيمة في قلوبهم، حتى لو ترك الغرب (اليهود والنصارى) ما هم عليه من قوانين وأنظمة إلى قوانين أخرى لإدراكهم بخطأ ما كانوا عليه لتركوا ذلك معهم، ولو عادوا لما كانوا عليه من قبل لعادوا معهم مرة أخرى ...