الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمدٍ وآله وصحبه وأزواجه أجمعين، وبعد:
إن مما يجب أن يعلمه العبد بالضرورة ويؤمنَ به أنَّ ربَّه سبحانه وتعالى في السماء كما تقرَّرَ ذلك بالضرورة نقلًا وعقلًا وفطرةً وإجماعًا، فأدلِّة الكتاب والسنة على ذلك لا تحصى إلّا بكلفةٍ
وحسب المسلم دليل واحد
كما قال الله سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [1]
وقال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [2] أي: علا وصعد واستقرَّ عليه
*وعرشه فوق سماواته
وفي الحديث الثابت عنه في الصحيحين وغيرهما عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(ينزل ربنا كلَّ ليلةٍ إلى السّماء الدُّنيا كلَّ ليلة فيقول: هل من داعٍ فأستجيبَ له، هل من سائلٍ فأعطيه، هل من مستغفرٍ فأغفرَ له فيظلُّ هكذا حتى يطلع الصبح (. [3] أو كما قال
فعلو الله سبحانه على خلقه واستواؤه على عرشه أصل عظيم من أصول الإيمان، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يَخْتبرُ به الإيمان
كما في صحيح مسلم -رحمه الله- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل الجارية بقوله: (أين الله؟ (
قالت: في السماء
قال: (من أنا؟ (
قالت: رسولُ الله
فقال لسيدها: (اعتقها فإنها مؤمنه (. [4]
وليس معنى كونه سبحانه في السماء أن السماوات تحيط به فإنه أعظم من ذلك وأكبر وأجل
-سبحانه وتعالى-
كيف؟ والسماوات السبع والأرضين السبع في كفِّه كخردلةٍ في كفِّ أحدنا كما في الأثر المروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. [5]
(1) الملك: 16
(2) طه: 5
(3) صححهُ الألباني بلفظ قريب في تخريج كتاب السنة - برقم: 498 وقال: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)
(4) أخرجه مسلم في صحيحه في: كتاب المساجد ومواضع الصلاة , باب كتاب المساجد برقم: 537
(5) أنظر: مجموع فتاوى ابن تيمية - (6/ 561) .