الصفحة 1 من 16

بقلم

أبي عبد الله فتح بن عبد الله الموصلي

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد نبتت في بلاد المسلمين نابتة سوء ترجع بأصولها إلى بدعة الخوارج؛ فوجب تحذير المسلمين من ذلك؛ وحتى يتمكن المبصر - لحقائق الأشياء - التمييز عند الحكم على الأفعال بين الخطأ المغفور لصاحبه والذي هو من قبيل الاجتهاد السائغ، وبين الأخطاء المغلظة والتي ترجع بأصولها إلى أهل البدع والأهواء؛ خاصة فيما يتعلق ببدعة تكفير المسلمين، واستحلال دمائهم وأموالهم وديارهم.

وهذا التمييز - وحتى يتحقق هدفه - لا بد أن يؤسس ويؤصَّل على فهم علميّ سلفي للكتاب والسنة وتطبيقاتها في الواقع أولاً.

وعلى دراية ببدعة الخوارج وأصولها ونشأتها ثانياً، ولا سبيل لتحقيق الأمرين اللازمين لرؤية صحيحة في هذا الميدان، إلا بالنظر في الموروث العلمي لشيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -؛ لا سيما وأن الدواعي لمثل هذا الطرح مقصوده الوقوف على السمات الخاصة بالخوارج في كل عصر؛ ولشيخ الإسلام السبق في هذا الميدان.

وقبل الشروع بالمقصود لا بد من التذكير بأمورٍ هامة نبّه عليها شيخ الإسلام - رحمه الله:

الأول: الخوارج أول ما خرجوا زمن أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -، وكان لهم من الصلاة، والصيام، والقراءة، والعبادة، والزهد، ما لم يكن لعموم الصحابة؛ لكن كانوا خارجين عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة المسلمين، وقتلوا من المسلمين رجلاً اسمه عبد الله بن خباب، وأغاروا على دواب المسلمين.

وهذه البدعة هي أول البدع ظهرواً في الإسلام، وأظهرها ذمّاً في السنة والآثار؛ فإن أولهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم في وجهه: اعدل يا محمد؛ فإنك لم تعدل، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم وقتالهم، وقاتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام