الصفحة 2 من 70

وسطية عامة ووسطية خاصة, والمراد بالوسطية العامة وسطية هذه الأمة الإسلامية- زادها الله شرفاً ورفعة- بين الأمم, أي بين الأمتين اليهود والنصارى فإنك إذا نظرت إلى عقائد وشرائع هذه الأمة المرحومة وجدتها متوسطة, فتجد أن إحدى الأمتين غلت في هذا الجانب, والأمة الأخرى فرطت في هذا الجانب, والأمة الإسلامية توسطت, وقد شهد الله تعالى في كتابه الكريم بأن هذه الأمة هي الأمة الوسط بين الأمم, فقال تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } فهذه الوسطية التي تتمتع بها هذه الأمة شيء جعله الله تعالى لها وهي صفة من صفاتها الراسخة الملازمة لها فلابد من المحافظة عليها, بل هي قوامها وشرفها وركنها الذي تقوم عليه وبه تميزت بين الأمم, وهذه الوسطية العامة هي التي من أجلها حسدتنا اليهود والنصارى فإنهم محرومون من هذه الوسطية ولا سبيل لهم إلى تحصيلها إلا بالإسلام فمهما فعلوا وقدَّروا وفكروا فإنهم لن يصلوا إلى هذه الوسطية لأن يد التحريف قد طالت كتبهم التي أنزلها الله لهم فاليهود قد حرفوا كثيراً من التوراة على ما يتوافق مع أهوائهم العفنة وأفهامهم المنتنة, وكذلك النصارى وأما هذه الأمة فإن حفظ كتابها لم يوكل إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل ولا إلى ولي صالح, بل الله تعالى هو تولى حفظه كما قال تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وهذه ميزة أخرى لهذه الأمة فسر هذه الوسطية هو توفيق الله تعالى ورحمته وهدايته لأحسن الشرائع وأقوم السبل وخير الرسل وخاتمهم وذلك فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء, وثمة ميزة أخرى وهو أن الله تعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها كما قال تعالى { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } فوالله ثم والله لن يصلح حال البشرية إلا بالإسلام, وما حلت مصيبة ولا وقعت كارثة إلا بسبب البعد والتخلف عن ركائب الإسلام فنحن الأمة الوسط الخيار

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام