الصفحة 8 من 45

أو بمعنى آخر: هو إفراد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وأفعاله الواردة في الكتاب والسنة، والإيمان بمعانيها وأحكامها، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل ومن تبصر في العالم، وعرف شؤونه وأحواله تبين له كمال تعلقه خلقا وأمرا بأسماء الله تعالى الحسنى، وصفاته العلى، وارتباطه بها أتم ارتباط، وظهر له أن الوجود كله آيات بينات، وشواهد واضحات على أسماء الله تعالى، وصفاته العلى.

ويشتمل توحيد الأسماء والصفات على أربعة أبواب:

1 ـ باب الأسماء، وهو أخص الأبواب الأربعة.

2 ـ باب الصفات، وهو أوسع من باب الأسماء.

3 -باب الأفعال، وهو أوسع منهما.

4 ـ باب الأخبار، وهو أوسع الأبواب.

أو بمعنى آخر: باب الأسماء الحسنى أضيق من باب الصفات، وباب الصفات أضيق من باب الأفعال، وباب الأفعال أضيق من باب الإخبار عن الله عز وجل.

فلا يصح أن نشتق الصفات من الأفعال، ولا يصح أن نشتق الأسماء من الصفات والأفعال، ولا بأس أن يخبر عن الله تعالى بفعل أو صفة أو اسم، شرط أن يكون بمعنى صحيح لم ينفَ في الكتاب والسنة، وثبت جنسه في الكتاب والسنة.

عقيدة أهل السنة والجماعة توقيفية

المقصود بأهل السنة والجماعة: الصحابة والتابعون وتابعوهم ومن سلك سبيلهم وسار على نهجهم من أئمة الهدى ومن اقتدى بهم من سائر الأمة أجمعين.

فيخرج بهذا المعنى كل طوائف المبتدعة وأهل الأهواء.

فالسنة هنا في مقابل البدعة والجماعة هنا في مقابل الفُرقة.

(وما أحسن ما قال أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة في كتاب(الحوادث والبدع) : حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة، فالمراد لزوم الحق واتباعه، وإن كان المتمسك به قليلا والمخالف له كثيرا، لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولا ننظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم.

وعن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: السنة - والذي لا إله إلا هو - بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم، فكذلك فكونوا). [1]

وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:(أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين.

والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسنة تفسر القرآن، وهي دلائل القرآن، وليس في السنة قياس، ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول والأهواء، إنما هي الاتباع وترك الهوى) [2] .

و (المراد من كون العقيدة توقيفية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوقف أمته على مباحث العقيدة، فلم يترك لهم شيئا إلا بينه. فيجب على الأمة أن تقف عند الحدود التي حدها وبينها.

لقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيدة بالقرآن والسنة، فما ترك منها شيئا إلا بينه.

(1) شرح العقيدة الطحاوية/ صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي (المتوفى 792 هـ) ، تحقيق شعيب الأرنؤوط - عبد الله بن المحسن التركي، الناشر مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة العاشرة، 1417 هـ - 1997 م،2/ 263.

(2) أصول السنة/ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى 241 هـ) ، الناشر دار المنار، الخرج - السعودية، الطبعة الأولى، 1411 هـ، ص 14.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام