فهرس الكتاب
الصفحة 72 من 253

المسلمُ يؤمن بأن الكافرين من الجن يوسوسون إلى الإنسان، ويزينون له المعاصي، ويشككون المسلم في الله -عز وجل- عن أبي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَأْتِى الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ» (متفق عليه) [1] .

والمسلمُ يؤمن بأن الله -سبحانه- يحفظه من مسِّ الجن وإيذائه، بالتزام الطاعات، قال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ... } (11) سورة الرعد، أما الذين يبتعدون عن طريق الله، فمن السهل على الجن أن يؤذوهم بالصرع والجنون، فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّ لِى أَخاً وَبِهِ وَجَعٌ. قَالَ «وَمَا وَجَعُهُ» .قَالَ بِهِ لَمَمٌ. قَالَ «فَائْتِنِى بِهِ» .فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَوَّذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَرْبَعِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) وَآيَةِ الْكُرْسِىِّ وَثَلاَثِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآيَةٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) وَآيَةٍ مِنَ الأَعْرَافِ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) وَآَخِرِ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ) وَآيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْجِنِّ (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا) وَعَشْرِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ (وَالصَّافَّاتِ) وَثَلاَثِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ وَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَامَ الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَكِ قَطُّ. (أخرجه أحمد) [2] .

ومن ذلك ما روي عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا بِهِ لَمَمٌ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ» .قَالَ فَبَرَأَ. قَالَ

(1) - صحيح البخارى برقم (3276) ومسلم برقم (361 و362)

وفي شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 253)

قَالَ الْإِمَام الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: ظَاهِر الْحَدِيث أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا الْخَوَاطِر بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَالرَّدّ لَهَا مِنْ غَيْر اِسْتِدْلَال وَلَا نَظَر فِي إِبْطَالهَا. قَالَ: وَاَلَّذِي يُقَال فِي هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْخَوَاطِر عَلَى قِسْمَيْنِ: فَأَمَّا الَّتِي لَيْسَتْ بِمُسْتَقِرَّةٍ وَلَا اِجْتَلَبَتْهَا شُبْهَة طَرَأَتْ فَهِيَ الَّتِي تُدْفَع بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَل الْحَدِيث، وَعَلَى مِثْلهَا يَنْطَلِق اِسْم الْوَسْوَسَة؛ فَكَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرًا طَارِئًا بِغَيْرِ أَصْل دُفِعَ بِغَيْرِ نَظَر فِي دَلِيل إِذْ لَا أَصْل لَهُ يُنْظَر فِيهِ. وَأَمَّا الْخَوَاطِر الْمُسْتَقِرَّة الَّتِي أَوْجَبَتْهَا الشُّبْهَة فَإِنَّهَا لَا تُدْفَع إِلَّا بِالِاسْتِدْلَالِ وَالنَّظَر فِي إِبْطَالهَا. وَاَللَّه أَعْلَم.

(2) برقم (21774) وفيه ضعف = اللمَم: طرف من الجنون يعترى الإنسان

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام