الصفحة 4 من 133

ونحن لا ننكر أن شذاذًا في تاريخ الأمم تنكروا لهذه الحقيقة وجحدوا بها، ولكنهم كانوا من الشذوذ والقلة بحيث لا يشكلون ظاهرة عامة تتنزل من أجلها الكتب وتبعث من أجلها الرسل، وتخاض من أجلها المعارك، ومن أجل ذلك خلت كتب السلف الصالح من علماء المسلمين من التناول المفصل لهذه القضية وإفرادها بمؤلفات خاصة، فلم يكن للملاحدة من الوجود الفكري أو السياسي ما يحفز إلى التصدي والمواجهة.

ولكن شذاذ الأمس وحثالات الأمم الماضية قد أصبحوا في هذا الزمن وإلى وقت قريب أمة قائمة: يشيدون على الإلحاد دولًا، ويبنون على أساسه تاريخًا وحضارة، بل ويقيمون له المعاهد العلمية التي تعمل على تأصيل الإلحاد وترسيخ قواعده وإعطائه صبغة العلم والتقدمية، وإن كان نجمهم قد أخذ مؤخرًا في الأفول بعد أن زالت إمبراطوريتهم ومزقوا في الأرض كل ممزق.

ومن هنا مست الحاجة إلى أن يهتم المسلمون بإبراز الآيات الدالة على وجوده جل وعلا، والتي تبرهن على كثير من أسمائه وصفاته، دحضًا لشبه المبطلين، وقيامًا بحجة الله على العالمين، وحماية للأمة من أن يصيبها رذاذ هذا الإلحاد الفاجر، استجابة لأمر الله لهم بالنظر والتفكر في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء!

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام