وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-:"ذهاب الإسلام من ثلاثة: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن،1 وحكم الأئمة المضلين"2.
هذا لو سلمنا ثبوت العلم لمن يحكي مثل هذه الأقوال، وإلا فأين العنقاء لتطلب، وأين السمندل ليجلب؟ 3
وأهل التحقيق من المفسرين على أن المراد بهذه الآية هم الملائكة، فإسناد التدبير إليهم كإسناد النزع، والنشط، والتقسيم، والزجر، كما في قوله: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} . [الذاريات:4] وقوله: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا*فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} . [الصافات:2-3] .
وليس في هذه الآيات الكريمات ما يدل على دعاء الملائكة، وعبادتهم، فإنهم رسل مأمورون مدبرون، كما أن إبلاغ الرسالة من الرسول البشري لا يدل على دعائه، ولا يقتضيه، فكذلك الملائكة،
1 سقطت من"أ":"وحكم الأئمة المضلين".
2 أخرجه الدارمي في"سننه"1/ 63. والفريابي في"صفة المنافق"ص54 وابن عبد البر في"جامع بيان العلم وفضله"2/ 110، وأبو نعيم في"الحلية"4/ 195.
3 قوله: (العنقاء) ذكر في"اللسان"عدة أقوال في تعريفها، وكل هذه الأقوال تدل على صعوبة الوصول إليها، أو عدمه. ومن تلك الأقوال: (طائر عظيم لا يرى إلا في الدهور) ، وقيل: (طائر يكون عند مغرب الشمس) وقال الزجاج: (طائر لم يره أحد) ، وقيل: (طائر لم يبقَ في أيدي الناس من صفتها غير اسمها) وقيل غير ذلك.
(ينظر اللسان، 4/ 3136، ط: دار المعارف بمصر) .
وقوله: (السمندل) هو -كما في"اللسان"3/ 2105- طائر إذا انقطع نسله وهرم ألقى نفسه في الجمر فيعود إلى شبابه.
وقيل: هو دابة يدخل النار فلا تحرقه. اهـ من اللسان بتصرف.