فهرس الكتاب
الصفحة 293 من 705

هذه الدنيا، لأن ذكر الله والتّوحيد والعبادة عِمارة لهذه الأرض، فإذا فُقد ذلك أستحق أهلها العقوبة، فيحصل بذلك الموت العام.

أما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله"فالمراد بذلك أنهم يموتون قبل ذلك، يقبض الله أرواحهم قبل ذلك بريح يرسلها الله تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، ولا يحضرون هذا الحدث المروّع، رحمة من الله تعالى بهم.

يُستفاد من هذين الحديثين مسائل عظيمة:

المسألة الأولى: يُستفاد من الحديثين إثبات المحبة الله سبحانه وتعالى، وأنها صفة من صفاته، وأنه يحب أولياءه ورسله، ويحب عباده المؤمنين، وهذه صفة من صفاته اللائقة بجلاله، كما يُبغض الكافرين والمنافقين، ويكره، ويمقت، ويغضب، ويرضى، ويضحك، كل هذه من صفاته سبحانه وتعالى، وهي صفات لائقة به جلّ وعلا.

وهذا مذهب أهل السنّة والجماعة أنهم يثبتون ما جاء في الكتاب والسنّة من صفاته الذاتية، ومن صفاته الفعلية سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله، ومن ذلك: أثبات المحبة، وأنه يحب. وتكرّر ذكر محبته لعباده في آيات كثيرة: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ، {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ، {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4) } ، إلى غير من الآيات والأحاديث التي تثبت أن الله يحب عباده المؤمنين.

المسألة الثانية: في الحديث دليل على أن الخُلّة أعلى درجات المحبة، ولذلك لم تحصل إلاّ للخليلين: محمد وإبراهيم- عليهما الصلاة والسلام-، أما بقية الأنبياء والصالحين فإن الله يحبهم، لكن لم تصل محبتهم إلى مرتبة الخُلّة.

وكذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب أصحابه؛ فيحب عائشة، ويحب أبا بكر، ويحب عمر، وقال لمعاذ:"يا معاذ إني أحبك"فهو يحب أصحابه- عليه الصلاة والسلام-، أما الخُلّة فإنه لم يخالل أحداً منهم حتى ولا أبا بكر، لأن الخُلّة لا تقبل الاشتراك، فلم

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام