الصفحة 111 من 228

لم يكن تصرفه باطلا من أصله, بل يقف على إجازته, فإن أجاز جاز, وإن رده بطل, واستدلوا بحديث عروة بن الجعد في شرائه للنبي صلى الله عليه وسلم شاتين, وإنما كان أمره بشراء واحدة, ثم باع أحدهما وقبل النبي صلى الله عليه وسلم (1) .

ومنها: تصرف المريض في ماله كله: هل يقع باطلا من أصله أم يقع تصرفه في الثلثين على إجازة الورثة؟ فيه اختلاف.

وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه أن رجلا أعتق ستة مماليك له عند موته, لا مال له غيرهم, فجزأهم ثلاثة أجزاء, فأعتق اثنين وأرق أربعة, وقال له قولا شديدا (2) ولعل الورثة لم يجيزوا عتق الجميع.

ومنها: بيع المصراة وبيع النجش وتلقي الركبان (3) ونحو ذلك وفي صحته كله اختلاف مشهور, فذهبت طائفة من أهل الحديث إلى بطلانه, والصحيح أنه يصح ويقف على إجازة من حصل له ظلم بذلك (4) , فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل مشتري المصراة بالخيار (5) , وأنه جعل للركبان الخيار إذا

(1) رواه البخاري ورقمه (3642) .

(2) رواه مسلم (1668) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.

(3) المصراة: هي الشاة أو الناقة التي تربط أخلافها, ويترك حلبها يومين أو ثلاثة أيام حتى يجتمع اللبن في ضرعها, ثم يباع, فيظنها المشتري كثيرة اللبن, فيزيد في ثمنها, فإذا حلبها مرتين أو ثلاثا وقف على هذه التصرية والغرر.

وبيع النجش: هو أن يمدح السلعة بما ليس فيها؛ لينفقها ويروجها أو يزيد في ثمنها, وهو لا يريد شراءها, بل ليغر بها.

وتلقي الركبان: وهو أن يقع الخبر بقدوم عير تحمل المتاع, فيتلقاها رجل يشتري منهم شيئا قبل أن يقدموا السوق, ويعرفوا البلد بأرخص الأسعار, فهذا نهي عنه؛ لما فيه من الخديعة.

(4) هذا اختيار الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/185) .

(5) رواه البخاري (2148) ومسلم (1524) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام