(ولابد لكل سلسلة من سلاسل التصوف من الأزل إلى الأبد , ومن آدم إلى انقراض الدنيا أن تكون متصلة بسيد العالمين وأمير المؤمنين) [1] .
لأنه (أزهد الصحابة عند المتصوفة) [2] .
كما هو (رأس الفتوة وقطبها) [3] .
فأول وليّ عند المتصوفة هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ومنه إنتقل الولاية إلى غيره من الأولياء كما أنه أول إمام عند الشيعة , وتسلسلت منه فورثها غيره , وكذلك الفتوة والقطبية , وهو الذي ألبس خرقته الحسن البصري , وهذه الخرقة التي يلبسها المتصوفة خلفاءهم وورثتهم [4] .
وينصّ على تشيع هذا ابن خلدون في مقدمته حيث يقول عند ذكر الصوفية:
(إنهم لما أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم وتخيّلهم رفعوه إلى عليّ رضي الله عنه وهو من هذا المعنى أيضا , وإلا فعليّ رضي الله عنه لم يختصّ من بين الصحابة بتخليه ولا طريقة في اللباس ولا الحال , بل كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم عبادة , ولم يختصّ أحد منهم في الدين بشيء يؤثر عنه في الخصوص , بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة , يشهد لذلك من كلام هؤلاء المتصوفة في أمر الفاطمي وما شحنوا كتبهم في ذلك مما ليس لسلف المتصوفة فيه كلام بنفي أو إثبات , وإنما هو مأخوذ من كلام الشيعة والرافضة ومذاهبهم في كتبهم والله يهدي إلى الحق) [5] .
وهذا إضافة إلى أن هذه الخرقة ونسبتها إلى عليّ , ورواية لبس الحسن البصري كلها باطل , لا أصل له , لأنه (لم يثبت لقاء الحسن مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على القول الصحيح , لأن عليا رضي الله عنه انتقل من المدينة إلى الكوفة والحسن صغيرا) [6] .
(1) انظر طرائق الحقائق لمعصوم علي شاه ج1 ص 251.
(2) انظر قوت القلوب لأبي طالب المكي ج1 ص 267.
(3) آئين جوانمردي مقدمة هنري كاربين ص 8 , أيضا فتوت نامه لعبد الرزاق كاشاني ص 29 ط طهران 1363 شمسي ترجمة فارسية إحسان نراقي , أيضا طبقات الشعراني ج2 ص 92 , أيضا جامع الأصول في الأولياء للكمشخانوي ص 7.
(4) انظر عوارف المعارف للسهروردي ص 98 , أيضا الرسالة القشيرية ج2 ص 747 , أيضا فوائح الجمال لنجم الدين الكبرى ص 282 , أيضا الأنوار القدسية للشعراني ص 49.
(5) مقدمة ابن خلدون ص 473.
(6) انظر تهذيب التهذيب لابن حجر , والتذكرة للذهبي , الرسائل والمسائل لابن تيمية , كذلك التصوف لماسينيون.