زُوكاريا1 مُتَحَيِّلًا، أَوْ مَجْنُونًا مَعْذُورًا! فَكَيْفَ يُفَضَّلُ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، الْمُتَّبِعِينَ لِرَسُولِهِ؟! أَوْ يُسَاوَى بِهِ؟! وَلَا يُقَالُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُتَّبِعًا فِي الْبَاطِنِ وَإِنْ كَانَ تَارِكًا لِلِاتِّبَاعِ فِي الظَّاهِرِ؟ فَإِنَّ هَذَا خَطَأٌ أَيْضًا، بَلِ الْوَاجِبُ مُتَابَعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. قَالَ يُونُسُ2 بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: إِنَّ صَاحِبَنَا اللَّيْثَ كَانَ يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يمشي على الماء فلا تغتروا3 بِهِ حَتَّى تَعْرِضُوا أَمْرَهُ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَصَّرَ اللَّيْثُ رَحِمَهُ اللَّهُ، بَلْ إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، وَيَطِيرُ في الهواء، فلا تغتروا4 به حتى تعرضوا أمره على الكتاب.
وَأَمَّا مَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:"اطلعت على أهل الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْبُلْهَ"4, فَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولا ينبغي
1 قال الشيخ أحمد شاكر: هذه لفظة مولدة. وفي"شرح القاموس"3: 240. الزواكرة. من يتلبس فيظهر النسك والعبادة، ويبطن الفسق والفساد", نقله المقري في"نفح الطيب"."
2 في الأصل: ويس، وفي المطبوعة، موسى، والصواب ما أثبتناه لما في تفسير ابن كثير ج1 ص78.
3 في الأصل: تعتبروا، وما أثبتناه أصح وأقوم وموافق لما في ابن كثير.
4 ضعيف، رواه أبو بكر الكلاباذي في"مفتاح المعاني""ق 275/ 1"وابن عساكر"12/ 345/ 2"، وقال:"قال ابن شاهين تفرد به مصعب بن ماهان"قلت: وهو صدوق كثير الخطأ، كما في"التقريب"قلت: لكن في الطريق إليه أحمد بن عيسى الخشاب، قال ابن عدي: له مناكير، ثم ساق له هذا الحديث وقال: فهذا باطل بهذا السند، ثم رواه ابن عدي"ق 166/ 2"وغيره من حديث أنس بن مالك مرفوعا:"أكثر أهل الجنة البله"وقال:"منكر بهذا الإسناد، لم يروه غير سلامة بن روح"قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه, وتابعه سفيان بن عيينة عند أبي موسى المديني في"اللطائف""ق 75/ 1"ولكنه قال:"حديث غريب جدا من حديث ابن عيينة عن الزهري، وإنما يعرف هذا من رواية سلامة بن روح".
وروي مرسلا من وجهين: الأول عن محمد بن المنكدر، فقال المعافى بن عمران في"الزهد""ق 249/ 1": حدثنا محمد بن أبي حميد المدني عن محمد بن المنكدر مرفوعا به: والمدني هذا ضعيف كما في"التقريب". والآخر عن عمر بن عبد العزيز مرسلا مرفوعا به =