أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ أَدَاءُ الْوَاجِبِ، وَلَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ التَّأْلِيفَ لَهُمْ كَتَأْلِيفِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ مِمَّا يَسُوغُ، فَحَمَلَهُ مَا رَآهُ, مِنْ أَنَّ الدِّينَ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ وَمَنْعِهِمْ مِنَ الْإِثَارَةِ، دُونَ تَأْلِيفِهِمْ, عَلَى الْقِتَالِ، وَقَعَدَ عَنِ الْقِتَالِ أَكْثَرُ الْأَكَابِرِ، لِمَا سَمِعُوهُ مِنَ النُّصُوصِ فِي الْأَمْرِ بِالْقُعُودِ [فِي الْفِتْنَةِ] ، وَلِمَا رَأَوْهُ مِنَ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَرْبُو مَفْسَدَتُهَا عَلَى مَصْلَحَتِهَا, وَنَقُولُ فِي الْجَمِيعِ بِالْحُسْنَى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الْحَشْرِ: 10] , وَالْفِتَنُ الَّتِي كَانَتْ فِي أَيَّامِهِ قَدْ صَانَ اللَّهُ عَنْهَا أَيْدِينَا، فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَصُونَ عَنْهَا أَلْسِنَتَنَا، بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.
وَمِنْ فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا فِي"الصَّحِيحَيْنِ"، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ:"أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ [مِنْ مُوسَى] ، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي"1.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ:"لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، قَالَ: فَتَطَاوَلْنَا لَهَا، فَقَالَ: ادْعُوا لِي عَلِيًّا، فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ2. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 61] , دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَقَالَ:"اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي"3.
قَوْلُهُ:"وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَالْأَئِمَّةُ الْمَهْدِيُّونَ".
ش: تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الثَّابِتُ فِي"السنن"، وصححه الترمذي، عن العرباض
1 صحيح، وهو مخرج في"الإرواء""1188"، ورواه ابن أبي عاصم في"السنة"من طرق"1331 - 1345"عن سعد، وعن غيره"1346 - 1351".
2 متفق عليه من حديث سهل بن سعد، ورواه ابن أبي عاصم في"السنة"عن جمع آخر من الصحابة"1351 و1377 - 1380 و1386 و1387".
3 مسلم في"صحيحه""7/ 120 - 121"من حديث سعد بن أبي وقاص، والترمذي، وصححه, وله شاهد عند ابن أبي عاصم"1351".