ونصب مكانه عبد الله بن سعد [1] مع أنه قد ارتد في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولحق بمشركي مكة وأباح - صلى الله عليه وسلم - دمه يوم الفتح حتى تكفله عثمان فأسلم. [2] وعزل عمار بن ياسر [3] عن الكوفة وعبد الله بن مسعود عن قضائها. [4]
والجواب أن عزل العمال ونصبهم من وظيفة الخلفاء والأئمة، ولا يلزمهم إبقاء العمال السابقين على حالهم. نعم لا ينبغي العزل من غير سبب وعزل هؤلاء كان لسبب، وقد فصل ذلك في كتب التواريخ فراجعها.
ومنها أن عثمان درأ القصاص [5] عن عبيد الله بن عمر وقد قتل الهرمزان ملك الأهواز الذي أسلم في زمن عمر بعد ان اتهمه في مشاركة من قتل عمر، [6] مع أن القاتل كان أبا لؤلؤة فقط وقد قتل أيضا جنيفة النصراني لاتهامه بذلك. وقد اجتمع الصحابة عليه ليقتص من عبيد فلم يوافقوهم وأدى ديتهم عنه فخالف حكم الله فليس يليق
(1) قال الطبري في حوادث سنة 27هـ: «لما ولي عثمان أقر عمرو بن العاص على عمله وكان لا يعزل أحدا إلا عن شكاة أو استعفاء شكاة» ، ثم جاء أهل مصر يشكون عمرو بن العاص لعثمان، فعزله وولى مكانه سعد بن عبد الله. تاريخ الطبري: 2/ 597.
(2) والإسلام يجب ما قبله. وصار مجاهدا فاتحا وله مثل ثواب كل من أسلم على يده من سكان شمال إفريقية.
(3) عزل عمار بن ياسر كان في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سنة 22هـ كما ذكر الطبري وغيره .. ولما ولي علي - رضي الله عنه - لم يولِ عمارا الكوفة بل أقر أبا موسى عليها، مما يدل على صحة العزل، وقد ذكر أنه غير عالم بالسياسة. تاريخ الطبري 2/ 544.
(4) ذكر ابن حجر عن زيد بن وهب قال: «لما بعث عثمان إلى ابن مسعود يأمره بالقدوم إلى المدينة اجتمع الناس فقالوا أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقال: إن له علي حق الطاعة ولا أحب أن، أكون أول من فتح باب الفتن» . الإصابة: 4/ 235.
(5) قال القاضي أبو بكر بن العربي في (العواصم من القواصم) ص 107: كان ذلك والصحابة متوافرون والأمر في أوله وقد قيل: إن الهرمزان سعى في قتل عمر وحمل الخنجر وظهر تحت ثيابه. وفي تاريخ الطبري (5: 42) شهادة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق على الهرمزان مروية عن سعيد بن المسيب. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (3: 200) : وقد قال عبد الله بن عباس لما طعن عمر - وقال له عمر: كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة - فقال ابن عباس: إن شيء ت نقتلهم. قال ابن تيمية: فهذا ابن عباس وهو أفقه من عبيد الله بن عمر وأدين وأفضل بكثير يستأذن عمر في قتل علوج الفرس مطلقا الذين كانوا في المدينة. لما اتهموهم بالفساد، اعتقدوا جواز مثل هذا. وإذا كان الهرمزان ممن أعان على قتل عمر كان من المفسدين في الأرض المحاربين فيجب أنه يقتل يعمر بن الخطاب، فإنهم يعيدون لمقتل عمر ويسمون قاتله وهو أبو لؤلؤة (بابا شجاع الدين)
(6) وقد غضب عثمان - رضي الله عنه - لتصرف عبيد الله، وعزم على معاقبته إلا إن بعض الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص رأوا أن مصلحة المسلمين الاكتفاء بالدية لعظم المصاب ولتجنب الفتنة، كما روى ابن عساكر: «عن نافع قال: رأى عبد الرحمن بن عوف السكين التي قتل بها عمر فقال: رأيت هذه أمس مع الهرمزان وجفينه، فقلت: ما تصنعان بهذه السكين؟، فقالا: نقطع بها اللحم فإنا لا نمس اللحم، فقال له عبيد الله بن عمر: أنت رأيتها معهما قال: نعم فأخذ سيفه ثم أتاهما فقتلهما، فأرسل إليه عثمان فأتاه فقال: ما حملك على قتل هذين الرجلين وهما في ذمتنا، فأخذ عبيد الله عثمان فصرعه حتى قام الناس إليه فحجزوه عنه قال وقد كان حين بعث إليه عثمان تقلد السيف فعزم عليه عبد الرحمن أن يضعه فوضعه» . تاريخ دمشق: 38/ 61.